تعيش جمعية "يلا نتعاونو"، التي تعني "لنتعاون"، تحديا يوميا عبر تقديم 300 وجبة إفطار للمحتاجين بمدينة طنجة المغربية ونواحيها، وقد تمكنت من خلال تقنيات البث المباشر في منصات التواصل الاجتماعي، ودق أبواب جميع المحسنين، من ربح هذا الرهان الخيري، وتخفيف معاناة الكثير من المحتاجين في زمن جائحة كورونا، التي عمقت من أزمة وهشاشة الكثير من الأسر المغربية.
وتقف وراء هذه الجمعية الفتية، التي تأسست قبل 3 سنوات، امرأة اسمها نوال الفيلالي، خريجة معهد دولي للتسيير والتدبير في الرباط، وقد جعلت من العمل الخيري بوابة للتآزر والتضامن وتحقيق الذات، لأنها خبرت المعاناة، وتعرف عن قرب أن المحتاج لا يدق الأبواب، وأن على الجمعيات والمحسنين أن يسعوا إليه لتحقيق نوع من الإنصاف، والتخفيف من معاناته وضيقه.
300 وجبة إفطار يوميا، تقبل عليها الفيلالي وكل المتطوعين معها من مختلف الأعمار، بتفاؤل كبير.
وتقول في تصريح لموقع "سكاي نيوز عربية": "أستقبل يومي ولا شيء معي لأقدمه للمحتاجين، وبمجرد أن أضع إعلانا أو فيديو مباشر أطلب فيه المساعدة من المحسنين، لا تمر ساعة أو ساعتين حتى أجدني والمتطوعين معي كخلية نحل".
وتتابع: "نعمل لتقسيم كل المساعدات العينية التي وصلتنا من مواد غذائية مختلفة ومؤن، أو النقدية التي نصرفها في شراء كل ما يلزم لوجبة الفطور للمحتاجين من المشردين في الشوارع، والأفارقة الذين يتخذون من مدينة طنجة محطة للعبور إلى الضفة الشمالية، أو المحتاجين بالمناطق النائية".
وتضيف الفيلالي، التي تم اختيارها ضمن 6 نساء متطوعات لعمل الخير في العالم العربي من قبل عدد هذا الشهر من مجلة "سيدتي"، أنه "رغم التعب الذي يحسون به في نهاية اليوم، فإنهم يشعرون بالفخر لأنهم يقدمون خدمة اجتماعية للبلد، ويمدون يد المساعدة للآخرين في هذا الوقت الصعب".
ومما يزيد من أهمية ما تقوم به الجمعية الخيرية "يلا نتعاونو"، هو أن جائحة كورونا عمقت من أزمة الأسر المغربية، وجعلت الهوة بين مختلف فئات المجتمع تتسع بشكل كبير.
وتوضح الفيلالي بخصوص لجوئها إلى البث المباشر ونشر التدوينات والصور على مواقع التواصل الاجتماعي، والتي قد يرى فيها البعض محاولة للبروز أو استغلالها لأهداف سياسية: "أولا أنا لا أٌقوم بالعمل الخيري من أجل الشهرة، بل أقوم به بوازع خيري تضامني بالأساس، وبطلب من الداعمين لنا في هذا العمل الخيري".
وتستطرد حديثها قائلة: "ثانيا أقوم بهذا من أجل توثيقه، ليظهر عمل الجمعية الخيري البحت للعيان. فلولا هذا البث المباشر لما حصلنا على مساعدة شابة إيفوارية حامل بمدينة طنجة في إجراء عملية قيصرية بإحدى المصحات، ولما تمكنا من مساعدة مجموعة من الأشخاص الذين كانوا يعانون من أمراض وبحاجة لعمليات مستعجلة".
وتتساءل المرأة: "لم لا نرى الجانب الإيجابي في كل هذا البث المباشر (اللايفات)، ونسعى دائما إلى تبخيس العمل الخيري؟.. أنا لست متحزبة، ولا أنتمي إلى أي جهة أو مؤسسة كيفما كانت، أعمل بشكل تطوعي وبدعم من المحسنين والشركات المواطنة بالمغرب، ولا أحصل على أي دعم من الدولة، وحتى مقر الجمعية بـ(سوق برا)، وهو حي شعبي في طنجة، هبة من مواطن مغربي مقيم في بلجيكا، يساهم معنا في فعل الخير".
وتؤكد الفيلالي، السيدة المطلقة والأم لطفل، أن فشلها في مؤسسة الزواج هو الذي حفزها لعمل الخير، وجعلها امرأة قوية تقبل على الحياة بكل صعوباتها وتحدياتها.
فسبع سنوات من المعاناة بعد الطلاق، كما تقول، وانتقالها إلى العيش والعمل في مدينة طنجة، غير حياتها، وجعلها تكتشف الغاية من وجودها، ألا وهي فعل الخير.
وتشير الفيلالي إلى أنها اتخذت من مدير الشركة التي كانت تعمل بها "مثالا وقدوة"، لأنه كان يسعى لفعل الخير ومساعدة المحتاجين من العاملين لديه.
وتقول: "انطلاقتي في عمل الخير كانت مع إحدى العاملات بالشركة، التي فقدت زوجها يوم ولادة ابنها السادس، فقمت بوضع فيديو عبر فيسبوك أطلب مساعدتها، فكان التجاوب كبيرا ينم عن إنسانية مذهلة في المواطن المغربي، وهكذا جاءت فكرة تأسيس جمعية (يلا نتعاونو)، لأنني أومن بأن يدا واحدة لا تصفق، وأن التعاون والتآزر وخدمة الآخر المحتاج لا يجب أن تظل مجرد شعارات".
كما تنوه إلى أن الجمعية تساهم في فعل الخير في جميع المجالات، خاصة خلال شهر رمضان، "ولا تستثني أي محتاج من الاستفادة من هذا العمل الخيري، ومن بينهم الأفارقة المقيمون بشكل شرعي أو غير شرعي في طنجة".
ورغم كل الصعاب، تركب الفيلالي مغامرة التحدي، وتواصل عملها التطوعي هي وطاقمها الذي تشارك فيه عائلات بأكملها وأطفال، وتطمح إلى إحداث مركز كبير لمساعدة الأطفال ذوي الاحتياجات الخاصة، الذين يواجهون صعوبات مع اضطراب التوحد ومتلازمة داون.