بينما الهدوء يصبغ "العزبة" قبيل منتصف الليل، في ثالث ليالي رمضان، وفي الوقت الذي يتأهب فيه الأهالي للسحور، اخترق الأجواء صوت انهيارٍ غريب، فحوّل هدوء المنطقة بأكملها إلى ضجيج مفزع، بين صرخات استغاثة وجلبة واسعة، وسط انعدام الرؤية تقريباً بعد انقطاع الكهرباء عن المكان بشكل مفاجئ بموازاة صوت الانهيار.

هرع الكثيرون يتحسسون طريقهم بـ"كشافات هواتفهم المحمولة" قاصدين مصدر الصوت، ليصطدموا بمشهد انهيار عقار مكون من خمسة طوابق تملكه عائلة تدعى "عائلة البيبي"، استمال على عقار مجاور وانهار من الأسفل.

هذا ما شهدته منطقة عزبة شومان، خلف مسجد فاطمة الزهراء بمدينة ميت غمر بمحافظة الدقهلية (وسط دلتا مصر)، في الساعات الأولى من صباح اليوم، والتي شهدت انهيار عقار مكون من خمسة طوابق، مما أسفر عن مصرع ثلاثة أشخاص من أسرة واحدة (من بينهم طفل) وإصابة آخرين تم نقلهم إلى مستشفى ميت غمر العام، في حالات متفاوتة. في الوقت الذي تقوم فيه الجهات المعنيّة بدراسة أسباب الحادث.

وتمكنت قوات الحماية المدنية في المحافظة من انتشال ثلاث جثث من تحت الأنقاض بعد مرور ثلاثة ساعات تقريباً من البحث، وتبين أن الجثث هي لـ"جد وابن وحفيد" من أسرة واحدة.

تم تشكيل لجنة فنية لمعاينة المنازل المحيطة

ويقع العقار في شارع عرضه ثلاثة أمتار فقط، وهو مملوك للسيد محمد حسن (72 عاماً) وتوفي في الحادث، وتبين من المعاينة أن العقار المذكور مبني على حوائط حاملة بدون أساسات، طبقاً لما جاء في بيان محافظة الدقهلية، الذي ذكر أن "المنزل المنهار المكون من خمسة طوابق وبكل طابق أسرة واحدة وعدد الأفراد 19 فرداً، مقام على حوائط وليس على أعمدة خرسانية، وتم الإخلاء الفوري لكافة المنازل المحيطة وفصل جميع المرافق وفرض كردون أمني حول الموقع".

هذا في الوقت الذي تمكنت فيه قوات الحماية المدنية من إنقاذ ثلاثة أطفال آخرين مصابين بجروح متفاوتة بعد إخراجهم من تحت الأنقاض، وهم: محمود الصاوي (5 سنوات) وآية الصاوي (4 سنوات)، فيما توفي الطفل عبدالله الصاوي (3 سنوات) بعد إخراجه حياً بساعة، نتيجة إصابته بنزيف في المخ.

والضحايا الثلاث هم مالك العقار السيد محمد حسن  (72 سنة)، وابنه عبد النبي السيد محمد حسن (33 سنة)، إضافة إلى الطفل المذكور.

يقول عمر عبدالله، أحد شهود العيان، وهو مسؤول عن إحدى الصفحات المناطقية الخاصة بأخبار المدينة، إن "البيت المُنهار هو بيت عتيق، تقع بأسفله ورشة صناعية ومكابس، ولا ندري حتى الآن ما كانت هي السبب من عدمه، وفي انتظار نتائج التحقيقات لمعرفة أسباب انهيار المنزل".

أخبار ذات صلة

الطفلة ريماس.. كشف تفاصيل جديدة لجريمة مفزعة هزت مصر
كارثة جسر السويس.. كيف نجا بلال وزوجته "بمعجزة"؟

وفي الوقت الذي ذكرت فيه تقارير محلية أن العقار المنهار لم يصدر له قرار إزالة من قبل، وأن حالته الإنشائية كانت جيدة، مرجحة أن يكون سبب الانهيار هبوطاً أرضياً، أعلنت محافظة الدقهلية، الخميس، عن تشكيل لجنة فنية من كلية الهندسة بجامعة المنصورة لمعاينة المنازل المحيطة بالمنزل المنهار بمدينة ميت غمر، لإعداد تقرير فني هندسي، وتحديد الحالة الإنشائية لهذه المنازل والأسباب التي أدت إلى انهيار عقار ميت غمر.

ويلفت عبدالله، لدى حديثه مع موقع "سكاي نيوز عربية" إلى أن الضحايا الثلاث من عائلة واحدة، وهي مالكة العقار، موضحاً أن العقار قديم وكذلك الورشة الموجودة فيه، على غرار غالبية باقي بيوت المنطقة المجاورة القديمة.

وبالتفاصيل، يروي أحد شهود العيان من أبناء المنطقة، ياسر سعد، لموقع "سكاي نيوز عربية"، تفاصيل الحادث، بالإشارة إلى أنه "في وقت متأخر، وأثناء السحور، سمعنا صوت انهيار كبير كأنه يهزّ المنطقة، فهرعنا إلى مكان الصوت لنفاجأ بمنزل مجاور مكون من دور أرضي وأربعة طوابق منهاراً.. الأرضي انهار بشكل كامل، والطوابق الأربعة سقطت بشكل كامل فوقه مائلة على أحد العقارات المجاورة".

تم نقل المصابين إلى مستشفى ميت غمر العام

ويوضح أن "العقار المُنهار هو عقار قديم جداً، مبني منذ عقود، وكان بالطابق الأول ورشة للصاج، وهي ورشة قديمة وموجودة من سنوات في العقار نفسه.. فور انهيار العقار وجدنا المياه وقد أغرقت المكان، ولا ندري ما إن كانت مياه الصرف أو مياه أخرى، كما انقطع التيار الكهربائي بشكل كامل عن العزبة".

ويلفت إلى أن "الورشة الكائنة في الدور الأرضي كانت مغلقة وقت انهيار العقار.. والوفيات الثلاث من أسرة تقيم بالدور الأرضي، فيما تمكن بعض المتواجدين في الطوابق التالية من النجاة من الحادث".

وبدوره، وجه محافظ الدقهلية الدكتور أيمن مختار -لدى زيارته للمصابين جراء الحادث بمستشفى ميت غمر العام- بسرعة صرف تعويضات مالية لأسر الضحايا والمصابين (15 ألف جنيه لأسرة كل متوف، وثلاثة آلاف جنيه لكل مصاب)، وتوفير سكن بديل لخمس أسر، مع إدراج أفرادها ضمن برنامج تكافل وكرامة.