أحجم غلاء الأسعار مظاهر الفرح وخطف بهجة رمضان من قلوب الدمشقيين ممن اعتادوا في الماضي الخروج لرؤية زينة رمضان وفانوسه الذي غيب عن هذا العام وهو من التقاليد الوراثية المعتادة التي أنارت سابقاً الحارات الدمشقية القديمة.

واعتادت يارا إبراهيم أن تفتل في أسواق العاصمة دمشق خلال أيام رمضان والتي كانت تصدح، كما تقول في الماضي طيلة الأيام المباركة بأصوات الباعة الجوالين ممن يتخصصون في بيع المأكولات التقليدية السورية كالمعروك والناعمة والمشروبات الباردة كعرق سوس وتمر هندي.

وتحدثت لـ"سكاي نيوز عربية" أن طقوس رمضان باتت لا تشبه رمضان زمان فهو مختلف بعد أن اختفت مظاهر الزينة و التهاني بين الناس.

وأضافت "قلما تجد باعة العصائر الباردة المنعشة يجولون بثيابهم الشعبية التقليدية المزركشة وهم يعتمرون طرابيشهم الحمراء ويحملون على ظهورهم أباريق نحاسية مزخرفة مرددين أغاني شعبية خاصة برمضان وهم يبيعون مشاريبهم الشعبية التي يحرصون على إعدادها عادة في بيوتهم لتسيد موائد الإفطار والسحور".

من قاع الحرب السورية إلى مشارك في تطوير الـ5G

 

السكبة الرمضانية

وفي طقس رمضاني متوارث يكشف عن التكافل الاجتماعي في المجتمع السوري هو السكبة الرمضانية التي لم تتوقف بين بيوت الحارات الشامية إلا خلال سطوة الأزمة المعيشية وتفشي وباء كورنا.

والسكبة كما توضح ناجية أم ماجد سيدة من حي الميدان لـ"سكاي نيوز عربية" أنها تقليد خاص تعتمر بها موائد الإفطار من الأطباق المتنوعة التي يتشاركها الجيران ويتبادلونها فيما بينهم فتتنوع مأكولات الإفطار.

وأوضحت أن "كل عائلة تطبخ نوعاً واحداً من الطعام بكميات كبيرة تكفي لعدة أسر من الجيران الأقرب لبيتها فيتقاسمونها بينهم لكن العادة القديمة بدأت تختفي تدريجياً تحت وطأة الغلاء الاقتصادي وهجمة كورونا وتلاشت العادة التي قد تكون جزءا من انتقال العدوى، فغابت بعد وجبة الإفطار الجلسات والتجمعات في المقاهي الشعبية".

وتابعت أم ماجد أنه عند الإفطار بالكاد باتت العوائل توفر طعامها مما يحرمهم معايشة الأجواء الرمضانية وإقامة الولائم وتبادل العزائم بين الأقارب والأصدقاء وهي من المظاهر التي اتسمت بها أيام رمضان في الماضي.

وقالت: "مائدة رمضان تعاني الوحدة اليوم حتى ضمن العائلة الواحدة التي غاب عنها أبنائها إما بفقد في الحرب أو سافروا إلى خارج البلاد بسبب الضائقة الاقتصادية".

ونوهت في حديثها إلى أن جائحة كورونا فرضت على الشهر المبارك التباعد والذي يعتبر التقارب والتواصل والتزاور الأسري والعمل الخيري والتعبد في الجوامع وإقامة صلاة التراويح من أبرز سماته.

أخبار ذات صلة

لاجئون يشتاقون إلى رمضان في بلادهم.. وكورونا يزيد عزلتهم
‏سفرة رمضان السورية.. المشهد الحزين

تغير الأولويات

في ظل الأزمة الاقتصادية الخانقة واشتداد وطأتها على السوريين لاسيما العاملين باليومية أخذت الناس تتزود بالوجبة الواحدة من احتياجاتها الغذائية الأمر الذي خفف حركة النشاط في الأسواق خلال رمضان.

ويقول نادر مالك عامل باليومية من الزاهرة بدمشق لـ"سكاي نيوز عربية" إن أكثر ما يقلقه في الشهر الفضيل هو الغلاء الفاحش.

وأضاف "الغلاء يشكل تحديداً كبيراً في ظل مواردي المادية المحدودة. فبت أقلص احتياجات عائلتي إلى الربع بالمقارنة مع السنوات الماضية بعد تهاوي الليرة السورية أمام العملات الأجنبية التي حتى لو تحسنت فمعيشتنا لا تتحسن".

وعن يوميته، التي يتقاضها في عمله كعامل قال: "أعمل حمالاً في سوق الخضار ويوميتي هي 6000 ليرة سورية (2 دولار) وهي لا تلبي احتياجات عائلتي خاصة في شهر رمضان الذي ارتفعت أسعار المواد فيه بشكل كبير فكيلو اللحمة كانت بـ33 ألف ليرة سورية (11 دولار) قبل رمضان اليوم تباع بـ40 ألف (13 دولار) وأنا أحتاج للعمل أسبوعاً كاملاً حتى أتمكن من شراء كيلو لحمة لعائلتي".