على ميدان التحرير المتسع، يطل المتحف المصري، الذي بقي في موقعه قرابة 120 عامًا؛ بينما أحداث كبرى تجري أمام ناظريه، كان آخرها مغادرة 22 مومياء ملكية المتحف، في مشهد جنائزي مهيب، خصم معه الكثير من دور المتحف الممتد، وحرمه من أهم مقتنياته.
لم يكن نقل المومياوات الملكية إلى المتحف القومي للحضارة، هو الأمر الوحيد المزعج، لكن مجموعات أثرية أخرى هامة سوف تُعرض في المتحف المصري الكبير، المزمع افتتاحه منتصف العام، مثل: مجموعة الملك توت عنخ آمون، وغيرها من المقتنيات المميزة.
مغادرة كل هذه القطع الأثرية النادرة جعلت محبي الآثار يتساءلون؛ ماذا يبقى من المتحف المصري؟ وهل يصبح أحد أهم الصروح الثقافية والتراثية خالي الوفاض من إرث هذا البلد التليد؟
كنوز بديلة
صباح عبد الرازق، مدير المتحف المصري، تزيح تلك المخاوف جانبًا؛ إذ تقول بنبرة مُطمئنة إن المتحف المصري في التحرير سيبقى محتفظًا بكنوز أثرية لا حصر لها، "فبرغم مغادرة المومياوات الملكية، وقطع أثرية نادرة، يبقى لدينا مجموعات فريدة أخرى كثيرة".
وتضيف لموقع سكاي نيوز عربية أن المجموعات الأثرية الموجودة بالطابق السفلي بالمتحف لا تزال موجودة بالكامل، إضافة إلى أن الطابق الثاني الذي كانت تعرض فيه مجموعة توت عنخ أمون سيشهد عرض مجموعات أخرى هامة مثل: مجموعة تانيس، ومجموعة كنوز يويا وتويا التي تضاهي مجموعة توت عنخ آمون في قيمتها وتفردها.
إلى جانب ذلك أيضًا هناك خطة طموحة لتطوير المتحف على كافة المستويات، فتقول مدير المتحف، إنه هناك عمليات تطوير كبرى تشهدها أروقة المتحف؛ حيث يجري تحديث القاعات وأنظمة العرض، والإضاءة، وبطاقات الشرح واللوحات التوضيحية.
قائمة التراث العالمي
من بين الجهود الأخرى التي تبذلها السلطات المصرية للحفاظ على مكانة المتحف المصري، السعي إلى إدراجه على قائمة التراث العالمي؛ إذ أعلنت مؤخرًا "اليونسكو" الموافقة على ترشيح المتحف المصري بالتحرير لتسجيله على القائمة المؤقتة لمواقع التراث العالمي المصرية، ممتلكًا ثقافيًا يعبر عن تراث إنساني.
جاءت موافقة "اليونسكو" انطلاقا مما يتميز به المتحف من قيم معمارية وتاريخية وعلمية وثقافية طبقا للمعيار الرابع والسادس لتسجيل مواقع التراث العالمي.
من جهتها، تكشف مدير المتحف المصري تفاصيل جهود السلطات المصري في هذا الشأن فتقول إن وزارة السياحة والآثار المصرية تقدمت لمنظمة "اليونسكو" في نهاية شهر يناير الماضي، لإدراج المتحف على قائمة التراث العالمي، وفي فبراير تم قبول الملف من حيث المبدأ.
وتتابع: "أهمية المتحف تعود إلى أنه أول متحف في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا تم إنشاؤه باعتباره متحفًا، إذ كان المتبع آنذاك تحويل القصور إلى متاحف، بالإضافة إلى أنه يضم مجموعة فريدة من الآثار المصرية على مستوى العالم".
وعن جهود استكمال إدراج المتحف بشكل نهائي على قائمة التراث العالمي، توضح مدير المتحف المصري، أن إدارة العلاقات الدولية في وزارة السياحة الآثار تعمل حاليًا مع لجنة متخصصة بالتنسيق مع إدارة المتحف، تعمل على تدعيم كل المعلومات التي تحتاجها اليونسكو في هذا الصدد.
وبحسب عبد الرازق، يضم المتحف المصري بين جنباته قطعًا أثرية تُمثل الحقب التاريخية للحضارة المصرية القديمة، بداية من الدولة القديمة والوسطى الحديثة، إلى جانب عصور الاضمحلال الثلاثة، وكذلك قطع من العصر المتأخر والعصر اليوناني والروماني.
وتم الشروع في بناء المتحف المصري عام بنائه عام 1897، وأُفتتح عام 1902، وهو من تصميم المهندس المعماري الفرنسي مارسيل دورنون، وفي عام 1983 سُجل مبنى المتحف باعتباره مبنى أثري، لما له من قيمة معمارية فريدة.