في السادسة صباحا تقريبا، دبّت الحركة في أرجاء محطة مترو الجيش في محافظة القاهرة، يحاول الجميع أن يستقلوا المترو للذهاب لأشغالهم، غير أن إحدى كلاب الشوارع كانت ترتعش أواصرها بسبب تسمم انتشر في جسدها، جعلها لا تقوى على الحركة.
ساعات والجميع يهرولون مسرعين نحو مترو الأنفاق ولا يأبه أحد بهذا الحيوان وأنه قارب على الوفاة، غير أنه في الثانية ظهرا تقريبا جمّع القدر عددا من الشباب ليتفقدوا حال الكلبة، ويحاولون إسعافها بكل طاقتهم.
تحكي هدى إبراهيم، إحدى الفتيات اللواتي قمن بإسعافها، تفاصيل ما حدث قائلة: "كنت عائدة من جامعة عين شمس، وعندما خرجنا من محطة المترو شاهدناها تصرخ وتتألم بشدة وتتشنج، في موقف صعب يدل على تأخر حالتها الصحية، والجميع حولها لا يعطون لها بالا".
وتضيف الطالبة في الفرقة الرابعة في كلية الألسن بجامعة عين شمس: "الموقف كان مؤثرا للغاية، لأنها كانت تحاول القيام والتحرك نحونا، لكن السم كان يجعلها تقع على الأرض، لذا حاولنا التصرف بشكل سريع وقمنا بتوزيع أنفسنا، فقمت بالذهاب إلى الصيدلية لعمل محاولات طبية لكي تتقيأ السموم، وسط تعليقات قاسية من المتواجدين، ومنهم من أكد أنها وقعت في السادسة صباحا وقاموا بوضعها على جانب الطريق كي لا تدهسها السيارات".
دقائق مرت والجميع لا يدركون ماذا يفعلون، وهم يرون الحيوان الملقى على الأرض تزداد تشنجاته، ليقطع صمت تلك الأثناء حديث إحدى السيدات بأهمية التواصل مع أحد التطبيقات المعنية بإنقاذ الحيوان، والذي من خلاله حضر أحد الأطباء بعد نصف ساعة، ومعه العديد من المعدات التي حاول بها إنقاذ الكلبة.
وتوضح إبراهيم، في حديثها لموقع "سكاي نيوز عربية"، أنه "حاول عدد من الموجودين دفع تكاليف العلاج وأجرة الطبيب والأدوية التي قام بإعطائها لها، وفي تلك الأثناء كان التفكير يذهب إلى رعايتها من قبل مسؤولين، لكي يتم إنقاذها من السم الذي يسري في جسدها".
وتشير إحصائية رسمية ترجع لعام 2019، إلى أن مصر بها 15 مليون كلب ضال، وأن هناك 410 ألف حالة "عقر" من الحيوانات الضالة سنويا، ومائة حالة وفاة للإنسان.
الحالة تتحسن
وتكمل سلمى علاء الدين، وهي شابة أخرى ساهمت في إنقاذ الكلبة، بالقول: "بعد المحاولات العديدة لإنقاذها، أكد الطبيب البيطري أنه لابد من إعطائها نفس الدواء بعد 12 ساعة، وسط مطالبات من المحيطين بحملها وإبعادها عن محالهم، رافضين أي تدخل لإنقاذها".
وتؤكد في حديثها مع موقع "سكاي نيوز عربية"، أنها حاولت التواصل مع إحدى المجموعات الخاصة بالرفق بالحيوانات، والتي بالفعل وافقت على الرغم من تأخر الحالة الطبية أن تستقبل الكلبة.
وقرب الساعة التاسعة مساء، تم نقلها لاستكمال البروتوكول العلاجي وإفاقتها، وهي الآن تتلقى العلاج هناك وحالتها تتحسن أكثر فأكثر.
كيف تنقذ حيوانك الأليف من التسمم؟
ويقول الطبيب البيطري شكري فتح الله، لموقع "سكاي نيوز عربية"، إن "تسمم الحيوانات أمر لا بد وأن يتم منعه تماما، ولعلاجه يجب معرفة نوع السم الذي تناوله في البداية، لإعطائه العلاج المناسب.
ويتابع: "لكن هناك العديد من الإجراءات التي لا بد من القيام بها لعلاج التسمم وإعادة تأهيل الحيوان الأليف، من بينها تدليك القلب وإنعاشه، وإنشاء مجرى هوائي للطوارئ لمنع الاختناق، إلى جانب مراقبته ومعرفة مدى تحسن حالته مع شرب العديد من السوائل، وتناول الفيتامينات المركزة".
الحبس والغرامة
وتنص المادة 355 من قانون العقوبات المصري، على أنه "يعاقب بالحبس مع الشغل كل من قتل عمدا دون مقتضى حيوانا من دواب الركوب أو الجر أو الحمل أو من أي نوع من أنواع المواشي أو أضر به ضررا كبيرا، وكل من سمّ حيوانا من الحيوانات المذكورة بالفقرة السابقة، وكل شروع في الجرائم السابقة يعاقب بالحبس مع الشغل مدة لا تزيد عن سنة أو الغرامة".
التوعية والتطعيم
من جانبها، تقول الناشطة في مجال حقوق الحيوان، دينا ذو الفقار، إن "استراتيجية الدولة 2030 التي تم اعتمادها، تتضمن أنه لا للقتل ولكن لا بد من التوعية والتطعيم، والإدارات البيطرية متعاونة للغاية ولكن المواطنين لديهم سوء فهم فيما يتعلق بالتعامل مع الحيوانات الموجودة في الشارع".
وتضيف لموقع "سكاي نيوز عربية"، أن "هناك تأكيدات من كل الجهات الدينية في مصر بتجريم الفعل وتسميم وقتل الحيوانات، ويجب أن تتدخل وزارة التربية والتعليم والإعلام في نشر التوعية والرحمة في قلوب الناس".
وتوضح الناشطة في مجال حقوق الحيوان، أنه "تم تحريم سم الإستركنين دوليا واستخدامه للقضاء على تجمعات الكلاب بأسلوب غير علمي ومخالف لكل التوصيات المنشورة في منظمتي الصحة العالمية وصحة الحيوان. غير أن المواطنين يستخدمون سم الفئران لتلك الغاية، وهذا الأمر خطير للغاية، ولا بد من وجود تشريع يجرم وينظم عملية بيعه".