رحلة طويلة ومجهدة، مدتها 4 سنوات، خاضتها مومياوات 18 ملك مصري، و 4 ملكات، حتى تتجهز للموكب التاريخي، الذي ينطلق السبت من المتحف المصري بميدان التحرير، نحو متحف المتحف القومي للحضارة المصرية بمنطقة الفسطاط، جنوبي القاهرة.
مصطفى إسماعيل، مدير مخزن المومياوات، ورئيس معمل صيانة المومياوات بالمتحف القومي للحضارة، يعود بالذاكرة إلى عام 2017 عندما تم تكليفه بتجهيز خطة لنقل المومياوات الملكية، مع ترميمها وصيانتها، بالإشتراك مع فريق من المتخصصين.
يقول إسماعيل لموقع "سكاي نيوز عربية" إنه عندما بدأ إجراء دراسة على المومياوات الملكية، اكتشف مشكلة رهيبة، إذ إن المومياوات كانت تعاني من ضعف وإنفصال شديد؛ نظرًا لما تعرضت له أثناء عملية نقلها من جنوب مصر إلى شمالها.
رحلة طويلة
ويوضح مدير مخزن المومياوات، تفاصيل رحلة المومياوات منذ البداية، فيقول: "انتقل المومياوات من موقع اكتشافها في البر الغربي بالأقصر، إلى متحف بولاق بالقاهرة، ثم إلى قصر المنيل، ومن بعد ذلك إلى المتحف المصري".
ويتابع: "من أسباب ضعف المومياوات أيضا، أن العلماء كانوا يقومون بفك اللفائف لإجراء استكشافات داخلية، مما أدى إلى وجود قصور وقطوع في الأجساد نفسها؛ فضلا على أنها كانت معرضة لبيئة التعريض العادي، مما أدى في النهاية إلى الحالة السيئة التي كانت عليها".
في عام 2005 بدأت إدارة المتحف المصري في عملية حفظ المومياوات داخل النيتروجين، وبحسب رئيس معمل صيانة المومياوات، فإن النيتروجين حفظ المومياوات بنفس حالتها القديمة.
عملية ترميم معقدة
يقول مصطفى إسماعيل إنهم بدأوا عملية ترميم معقدة للمومياوات الملكية منذ منتصف عام 2019، شارك فيها فرق متخصصة من أثريين، وأطباء، وباحثين بالمركز القومي للبحوث وصيانة الآثار.
ويوضح هنا أن بداية الترميم، تمت بتعقيم المومياوات بما يسمى المقاومة البيئية، كما تم الاستعانة بإجراء أشعة مقطعة بمساعدة الدكتورة سحر سليم، من أجل رصد فحص المومياوات والوقوف على نقاط الضعف والقوة في كل مومياء على حدة.
نقل آمن
يستفيض مصطفى إسماعيل، في شرح فكرة حفظ المومياوات في النيتروجين، فيقول إن بعد حفظ المومياوات منذ عام 2005 في النيتروجين، كان لزاما علينا المحافظة على نفس البيئة التي عاشت فيها المومياوات كل هذه الفترة، حتى لا تتعرض لصدمة بيئية.
"جاءتنا فكرة نقل المومياوات في كبسولة نيتروجين، إنطلاقا من حفظها طوال هذه السنوات داخله"، ويوضح إسماعيل طبيعة هذه الكبسولات؛ إذ تنقل المومياء داخل كيس مملوء بغاز خامل مع منع تعريض جسم المومياء لأي اهتزاز داخلي، بحيث يتم التحكم في الحركة الرأسية والأفقية ليكون محصلتهم صفر، للوصول إلى أعلى معدل أمان.
ويلفت رئيس معمل صيانة المومياوات بالمتحف القومي للحضارة إلى أن أهمية نقل المومياوات في غاز النيتروجين، وهو غاز خامل، هو قتل أي كائنات هوائية تؤثر على المومياء، والمحافظة على نسبة الرطوبة التي تدخل إلى جسد المومياء.
ويوضح المرمم المصرى أنه أجرى دراسة لمدة عام وثمانية أشهر على هذه التقنية وتطويرها، وللتأكد من جدوى هذه التجارب قام إسماعيل بتحنيط مومياوات وتطبيق عليها نفس الظروف، وشملت هذه المراحل عدة تجارب تضمنت عدد من المومياوات حتى التأكد من فاعليتها.