انتشرت في بعض شوارع مدينة طنجة شمالي المغربي، صباح الأحد، ملصقات مثيرة للجدل تتضمن محتوى "توبيخيا" للآباء والأمهات بداعي "تبرّج" بناتهم و"استرخاصهن".
وتتهم الملصقات المجهولة المصدر حتى الآن، الآباء والأمهات بـ"جعل الشوارع تفوح بالإباحيات".
وجاء في الملصقات، أن "فتيات في عمر الزهور وشابات في سن الزواج، ونساء في مقتبل العمر وأخريات متزوجات، جميعهن بالبناطيل القصيرة والضيقة والشفافة".
ردود فعل وتحقيق أمني
وأثارت هذه الملصقات ردود فعل كبيرة على مواقع التواصل الاجتماعي، إد قوبلت بالرفض والاستياء من طرف سكان طنجة بالخصوص، التي عرفت بانفتاحها على الثقافات ببعدها الدولي الذي ميزها طيلة قرون.
وقالت مصادر محلية لموقع "سكاي نيوز عربية"، إن عناصر الأمن المغربي، فتحت تحقيقا بشأن انتشار هذه المنشورات المثيرة للجدل، وتحديد ظروف وملابسات قيام مجهولين بنشر هذه الملصقات بشوارع المدينة، وذلك تحت إشراف النيابة العامة المختصة.
وأضافت المصادر، أن التحقيق منصب على تفريغ تسجيلات كاميرات المراقبة المتواجدة بمناطق وضع الملصقات، من أجل تحديد هوية المتورطين في هذا السلوك المرفوض.
مُؤشّرات تخلف
ويرى عبد الوهاب رفيقي، الباحث في الشأن الديني، أن "مثل هذا التّصرف البائس وغير الحضاري، تدخل في حياة الآخرين".
وقال رفيقي، في تصريح لموقع "سكاي نيوز عربية": "كنت أظن أن المغرب قطع مع هذه السلوكيات وتجاوز هذه العقليات، خصوصا أن هناك تيارات لازالت تؤمن بهذه الأفكار".
وتابع الباحث في الشأن الديني، أن "ما وصله المجتمع يتجاوز مثل هذه الكتابات، فضلا عن وضعها في مُلصقات وكأننا في دولة طالبان أو داعش".
ودعا المتحدث إلى أن "يُحسم في هذا الأمر من الناحية الأمنية، ولا يُسمح لهذه الشعارات بأن تنتشر على حيطان وأعمدة شوارعنا"، مشيرا إلى أن "مُؤشّر مثل هذه الأفكار المُتخلّفة مُتعشّشة في العقول ومُتعمّقة داخل المجتمع".
تهديد للاستقرار والأمن العام
من جانبه، أبرز عبد العزيز الجناتي، محامي بهيئة طنجة، أن هذه المنشورات "هي ناقوس خطر يتهدد الاستقرار والأمن العام، وكذلك حدث لا يمكن أن يتعامل معه بتجاهل".
وأكد المحامي بهيئة طنجة، في حديثه لموقع سكاي نيوز عربية، أن "طنجة المدينة الدولية التي عُرفت تاريخيا بانفتاحها وقدرتها على استيعاب هويات وشرائح متعددة وتوفير مناخ للتعايش المشتركة"، مضيفا أنه "بعد المجهود الكبير الذي بُذل في العقدين الأخيرين لتأهيلها على عدة مستويات لاستعادة توهّجها، صُدمنا بمنشورات حاملة لقيم الحقد والضغينة والوعيد والانتصاب كسلطة فوق سلطة الدولة وأجهزتها".
ويأتي هذا الأمر، "ضدا على منسوب الانفتاح والحريات الفردية والمواطنة المسؤولة، الشيء الذي يضعنا جميعا أمام محكّ التّصدي لهاته الانزلاقات الخطيرة التي لا تربطها بالمجتمع المغربي رابطة"، يردف المصدر ذاته.
كما نبّه الجناتي، إلى أن "أي تهاون في هذا السياق لا يمكن أن تُضمن نتائجه، لأن التسامح مع هذه السلوكيات قد يُفضي بأصحابها لاستعمال حدّة أكبر وقد يتطوّر الأمر إلى سلوكيات عدوانية ومحاكم تفتيش جديدة".
وخلص المتحدث نفسه، إلى أن "الضّمانة الحقيقية التي تُؤمِّن استقرار المغرب وتفتح أفق الأمل في غد أفضل، هي مناخ التعايش واقتسام قيم هامة توارثها المغاربة عبر أجيال متعددة، وبالتالي لا يمكن لعاقل إلا أن يدين هذه السلوكيات الرّعناء أو أن ينخرط من موقعه في التّصدي لها".
تصور محافظ متشدد
لكن خالد بكاري، الناشط الحقوقي، يسجّل "وجود مبالغات في توصيف تلك المنشورات بالداعشية والإرهاب"، مضيفا أنها "فقط منشورات تحمل تصورا محافظا مُتشددا".
ويشدد الناشط الحقوقي، في تصريح لموقع "سكاي نيوز عربية"، على أنها "تصوّرات معادية لحقوق الإنسان، ومعادية للحريات الفردية، لكنها منتشرة في أوساط مجتمعية كثيرة تحمل رؤى أخلاقوية تنظر للمرأة نظرة تشييئية قاصرة لها، باعتبارها فقط جسد مشتهى، وهو خطاب للأسف نجده حتى عند خطباء الجمعة الرسميين ".
ومن زاوية حقوقية، "فمضمون تلك المنشورات رغم طابعه الموسوم بالغلو، إلا أنه مكفول بالحق في التعبير مادام لم يتضمن دعوة للعنف، غير أن نشر هذا الخطاب عبر منشورات يتم إلصاقها في أماكن عمومية هو اعتداء على المجال العام باعتباره مجالا مشتركا ينظمه القانون لمصلحة الجميع، وليس لتوجه معين"، يقول خالد بكاري، الناشط الحقوقي.