يبدو أن السينما التي وهبها ابن مدينة تطوان المغربية حياته، هي التي عجلت برحيل المخرج السينمائي المغربي محمد إسماعيل عن عمر ناهز 69 عاما.
وتوفي مساء أمس السبت، عن عمر ناهز 69 سنة، المخرج المغربي محمد إسماعيل، بعد معاناة طويلة مع المرض، وخضوعه لعمليات جراحية على مستوى شرايين القلب، لكنها للأسف لم تكلل بالنجاح.
وبرحيل المخرج محمد إسماعيل، تفقد السينما المغربية أحد أبرز مخرجيها، وكتاب السيناريو والمنتجين فيها، والذي قدم على مدى أربعة عقود مجموعة من الأفلام السينمائية والتلفزيونية.
وكانت أعمال إسماعيل تتناول قضايا الهجرة السرية والبطالة ومعاناة الأمهات والشباب، والعنف بين الأزواج، وغيرها من القضايا الإنسانية والمواضيع ذات الحمولة الاجتماعية والنفسية.
وخولت له هذه الأعمال التتويج بجوائز سينمائية داخل المغرب وخارجه، منها سبعة أفلام سينمائية طويلة هي: "أوشتام" 1997، و"وبعد…" 2002، و"هنا ولهيه" 2004، و"وداعا أمهات" 2007، و"أولاد البلاد" 2009، و"إحباط" 2015، و"لا مورا.. الحب في زمن الحرب" 2020ّ، وأربعة أفلام تلفزيونية هي: "أمواج البر" 2001، و"علال القلدة" 2003، و"علاش لا؟" 2005، و"الزمان العاكر" 2010.
هذا بالإضافة إلى فيلمين قصيرين، الأول سينمائي روائي بعنوان "شقة 9" 2013، والثاني تلفزيوني بعنوان "الهدية" 2008.
السينما عجلت برحيله
عانى إسماعيل كثيرا بسبب الدعم الضعيف المخصص لفيلمه الروائي الطويل الأخير "لامورا"، مما جعله يسخر له كل ما يملك، ومع ذلك تراكمت عليه الديون ووقع شيكات تقدم بها أصحابها إلى البنك قبل وصول الشطر الثاني من الدعم الضعيف أصلا والذي لا يعطي إلا ثلث الإنتاج.
ويعتقد أن هذا الفيلم تسبب له في الإصابة بانهيار عصبي ثم جلطة دماغية، حسب ما سبق وكشفت زوجته للصحافة. كما أنه هو نفسه سبق وظهر في فيديو عبر وسائل التواصل الاجتماعي، وتحدث عن معاناته.
وقال آنذاك إنه منذ بداية تصوير الفيلم وهو يحس بأنه وضع حبل مشنقة في عنقه، مؤكدا أن الدعم الذي تلقاه لن يكفيه لإعداد الفيلم وفق ما يطمح إليه، منتقداً الكثير من الجهات التي قدمت له وعودا، ولكنها تخلت عنه، ما جعله يحس باليأس.
وازداد المخرج محمد إسماعيل في فاتح سبتمبر من عام 1951، درس القانون بجامعة محمد الخامس الرباط، والتحق بالتلفزة المغربية سنة 1974 حيث أنجز لفائدتها مجموعة من الروبورطاجات والأفلام الوثائقية والمنوعات والسهرات المسرحية والوصلات الإشهارية وغيرها من الأعمال.
كما مارس الإنتاج والإخراج وكتابة السيناريو وإدارة وتنفيذ الإنتاج، وتم اختيار أفلامه للمشاركة في مسابقات بمجموعة من المهرجانات الوطنية والدولية داخل المغرب وخارجه (قرطاج، واغادوغو، كيرالا، بروكسيل، القاهرة، روما…)، وحصل بعضها على جوائز، نذكر منها الجائزة الكبرى وجائزتي الإخراج والسيناريو عن فيلم "وبعد" في الدورة السابعة للمهرجان الوطني للفيلم بوجدة سنة 2003، وجائزة أحسن فيلم تلفزيوني لسنة 2002 عن فيلم "أمواج البر"، وجائزة لجنة تحكيم الشباب عن فيلم "وداعا أمهات" في الدورة السادسة لمهرجان السينما الفرنكوفونية بآسفي سنة 2008.
وكان المخرج الراحل محمد إسماعيل يدافع عن السينما المغربية ووهبها كل حياته، وآمن بدورها الفعال في التحسيس بالقضايا المجتمعية الواقعية، وهو ما جعل النقاد يعتبرونه أحد الأوفياء للمدرسة السينمائية الواقعية الإيطالية، حيث قدم سينما واقعية مغربية تتوافق وخصوصية البلد، دون الوقوع في شرك الصور النمطية، التي يحب أن يراها الغرب عن المجتمعات العربية.