لا تكتسب شجرة التبلدي أهميتها الفريدة من حجمها الاستثنائي فقط، بل من كونها مصدرا مهما للمياه والغذاء والدواء، وقدرتها على الحياة لمدة تصل إلى ألف عام.
وتعتبر شجرة التبلدي التي توجد في غرب السودان في إقليم كردفان، أضخم الأشجار وأطولها فى العالم، فقد يصل ارتفاعها إلى 25 - 30 متراً، ويصل قطر جذعها إلى 11 متراً، ويمكنه استيعاب 45 شخصا في حال إفراغه من الداخل.
وأكثر ما يميز شجرة التبلدي هو خلوها من الأوراق لمدة 9 أشهر في السنة، فهي لا تحتفظ بأوراقها إلا 3 أشهر فقط في السنة وهي فترة الخريف.
رمزية تاريخية
وتتعدد استخدامات شجرة التبلدي بالسودان ما بين حفظ مياه الشرب في فصل الصيف للإنسان والحيوان، كما يلتف حولها الناس في بادية كردفان للتآنس وإقامة المناسبات.
ولشجرة التبلدي دلالة كبيرة في التاريخ السوداني، فقد أسهمت في تقديم دعم كبير لمؤسس الدولة النهدية الإمام محمد أحمد المهدي وهو يخوض معركة "شيكان" أمام حملة هكس باشا في العام 1883.
ووفقا لأستاذ التاريخ بالجامعات السودانية، خالد الشيخ، فإن شجرة التبلدي كانت تشكل المكان الذي يحشد فيه المهدي جنوده ويناقش فيه خططه ويتلقى فيه البيعة من السكان.
صيدلية متكاملة
وتعتبر شجرة "التبلدي" صيدلية متكاملة حيث تتميز ثمرتها بمكونات غنية لها القدرة على معالجة عشرات الأمراض التي تصيب الإنسان، خصوصا أمراض المعدة.
وتقول إسراء مصطفى، طبيبة الصحة العامة، إن أوراق وثمار شجرة التبلدي عبارة عن صيدلية لها القدرة في علاج مجموعة من الأمراض، منها ضعف المناعة بالجسم وضبط مستوي السكر، بالإضافة إلى زيادة الطاقة وعلاج الحمى وتقليل الإمساك وتقوية العظام.
وتشير إسراء إلى أن مشروب عصير "التبلدى" يعتبر مفيدا جدا لعلاج أمراض الغدد والسكري، لما يتمتع به من فوائد غذائية منها ضبط نسبة الكولسترول في الجسم.
وتنوه إسراء لاستخدامات أخرى للتبلدي، منها صناعة الزيوت، والمستلزمات الطبية والتجميلية.
وشهدت الفترة الأخيرة اهتماما أكبر بشجرة التبلدي، وذلك بعد نجاح العديد من التجارب التي أكدت الأهمية الاقتصادية الكبيرة التي تتمتع بها شجرة التبلدي واستخدام ثمارها وأوراقها في العديد من الصناعات.
خطر الانقراض
وتواجه شجرة التبلدي تحديات تهدد بانقراضها واختفائها إلى الأبد، مما دعا المهتمين بشأن البيئة والنبات بالسودان إلى دق ناقوس الخطر.
ورغم نجاحها في مجابهة الظروف والمتغيرات المناخية والتضاريس الجغرافية القاسية، فإن الزحف الصحراوي المتسارع يشكل خطرا كبيرا عليها.
ويقول منير إلياس، أستاذ البيئة بكلية العلوم بجامعة الخرطوم، لموقع سكاي نيوز عربية، إن لدى شجرة التبلدى قدرة عالية على مقاومة العوامل الطبيعية والتضاريس الجغرافية، لكنها لا تستطيع مقاومة موجات الزخف الصحراوي بنفس القدر.
ويشير إلياس إلى تميز شجرة التبلدي بالقدرة على الحفاظ على رطوبة التربة وتعزيز دورة المغذيات من التآكل، فضلا عن أنها تعد مصدرا للغذاء والماء والسكن لعدد كبير من الحيوانات.