في أسرة بسيطة متراصة داخل شقة سكنية بالكاد تحملهم في جوانب حي المعادي الشهير بالقاهرة، تقف الطفلة "بدر" صاحبة الثماني سنوات مع والدها الأصم سيد، حيث لا يسمع ولا يتحدث أملا أن يعود في النهاية إلى المنزل حاملا ما يكفي من المال ليكمل قوت يومه، بينما تساعد طفلته الآخرين في التفاهم معه خلال عمله اليومي.
يقول صابر، عم الطفلة، والتي أنقذها القدر من محاولة الاعتداء عليها جنسيا في مصر، إنهم لا ينظرون حولهم بقدر محاولتهم لكسب الرزق، فيلجأ هو ووالده الراجل المسن لجمع البلاستيك من الشوارع، فيما يقوم شقيقه سيد بعمل أقرب للسايس، فيصحو صباحا ولا يغدو إلا مساء.
بين 9 أفراد تلعب الطفلة بدر في منزلهم الصغير في هذه اللحظات، حسب حديث عمها لموقع "سكاي نيوز عربية"، حيث لا تفهم كل هذه الضجة التي ربما تجهلها هي وحيدة في هذا العالم، مشيرا إلى أنها طفلة لا تدرك ما كانت ستتعرض له من شخص مريض نفسيا، ولا تدرك هذا القدر الكبير من الاهتمام في وسائل الإعلام، وتغدو تلعب بين أشقائها.
يشير صابر إلى أن الطفلة ووالدها يقفان بالقرب من منطقة الحادث منذ فترة طويلة، حيث يتكسبان الرزق الحلال، ومعروفان من أهالي المنطقة مع الوقت، حيث يأمنوهما على سياراتهم، لكن لم يأمنا هما مما كانت ستتعرض له الطفلة صاحبة الثماني سنوات من الرجل الغريب الذي حاول الاعتداء عليها جنسيا في مداخل أحد العمارات.
ويؤكد صابر أن العدالة بالتأكيد ستأخذ مجراها، مطالبا بتطبيق أقصى عقوبة على المتهم الذي حاول الهرب لمدة 24 ساعة، قبل أن تتمكن قوات الشرطة من العثور عليه، فيما يتم التحقيق معه في هذه الأثناء، وتأخذ النيابة الردود المختلفة سواء من الأسرة أو المتهم أو السيدة أوجيني الشجاعة التي يوجه لها الشكر.
أمل صابر بحسب حديثه لموقع "سكاي نيوز عربية" يتمثل في لقاء أوجيني التي أنقذت طفلتهم من خطر محدق، حيث لم تجمعهما الفرصة إلى هذه اللحظة، مؤكدا أنه ليس غريبا على السيدة المصرية أن تقوم بهذا الدور الشجاع، الأمر يتطلب الشجاعة ولا يتطلب كونها سيدة أو رجل، وهو ما قامت به فعلا.
واستمعت النيابة العامة المصرية لأقوال طفلة المعادي، بحضور والدها، لعدة ساعات شرحت خلالها الطفلة تفاصيل الجريمة، في الوقت الذي تأمل الأسرة عدالة ناجزة من القضاء المصري إزاء المتحرش، يحفظ حق المجتمع المصري لمنع تكرار هذه الحوادث إزاء الأطفال تحديدا.
حياة الأسرة الكبيرة عددا، والذين تحملهم شقة صغيرة تجمع كل هذا العدد، لم تتأثر مع كل هذا الضجيج المحيط بهم دون ذنب منهم، حيث خرج صابر في الصباح إلى العمل، فيما اتجه سيد والد الطفلة إلى النيابة للإدلاء بأقواله، بينما يمكث محمد الوالد لهما يحرس ويرجعون إليه في الأزمات.
وينفى صابر معرفة الأسرة بالشخص الذي حاول الاعتداء على الطفلة جنسيا، أو أنهم يستخدمون الطفلة أساسا في التسول أو غيره مما نشرته وسائل إعلام محلية ومواقع تواصل اجتماعي، مشيرا إلى أنهم لم يألفوا هذا الرجل طوال حياتهم ولم يعرفوه من قبل، وتفاجئوا بالواقعة بعد وقت من حدوثها.
من جهتها، تقدمت وحدة نجدة الطفل بالمجلس القومي للطفولة والأمومة ببلاغ للنائب العام بالواقعة، حيث أشار مسؤول الخط لتلقيه 105 بلاغات اعتداءات جنسية خلال شهر يناير وفبراير الماضيين، مناشدا المواطنين بأهمية الإبلاغ عن أي وقائع اعتداء على الأطفال.
وأوضح صبري عثمان مدير الخط في مداخلة تلفزيونية، أن عقوبة التحرش بطفلة أقل من 12 عاما تصل إلى السجن المشدد مدة لا تقل عن 7 سنوات.