بعيدًا عن الأصداء السياسية والدينية لزيارة البابا فرنسيس للعراق، التي اختتمت الاثنين، خطفت أنظار كثيرين وأسماعَهم موسيقى أوركسترا "وتر" التي استقبلت البابا خلال زيارته أقدم كنائس العراق بالموصل، التي سبق أن نالها قدر كبير من الدمار من تنظم داعش الإرهابي قبل سنوات.

وكشفت "وتر" عن ميلاد مواهب عراقية جديدة قادرة على محاربة إرهاب داعش ونشر المحبة في وطن الرافدين.

تناقض صارخ بين خلفية الدمار وآثار العبوات الناسفة، ورتوش الدماء التي تسود المكان الذي انطبق سابقاً على مَن فيه، وبين مظاهر الوحدة الوطنية والسلام التي استقبلت البابا بعمل فني حاز إعجاب البابا وكل الحاضرين، وهذا ما يحدثنا عنه مبدع السيمفونية الموسيقار العراقي محمد محمود في تصريحات خاصة لموقع "سكاي نيوز عربية" قائلا: "هذا العمل وراءه مجموعة من المواهب الشابة.

أخبار ذات صلة

البابا لـ"سكاي نيوز عربية": زيارتي المقبلة إلى لبنان

عازفون لأول مرة!

الطريف كما يقول الموسيقار محمد محمود أنهم يخوضون تجربتهم الأولى في العزف جماهيريًا، وعددهم 35 عازفًا موزعين على الآلات التالية؛ كمان، فيولا، جلو، بيانو، فلوت سكسفون كلارنيت، إضافة إلى الآلات الشرقية"، مشيرًا إلى أنهم جميعًا عراقيون وغالبيتهم من الموصل والمناطق التي تعرضت لإرهاب داعش.. ولفت إلى أن فيديو الإعلان الرسمي لأوركسترا "وتر" أثناء استقبال البابا فرنسيس وسط الحطام أعاد إلى الأذهان مشاهد الموت في مدينة الموصل التي كانت معقل "الدواعش"، لنزيل هذه الصورة المقيتة بموسيقى تعيد الروح إلى بلد فقد روحه في سنوات الحرب.

أخبار ذات صلة

البابا فرنسيس.. لقاء مطول مع "والد إيلان" في العراق

إعادة الحياة إلى الموصل

ويتابع الموسيقار محمود: "أسست فرقة أوركسترا "وتر" مُنذ حوالي 5 أشهر، بهدف إعادة الحياة إلى مدينة الموصل، ومن أجل إظهار القيمة الفنية لهذه المدينة أمام أنظار العالم، وإحياء تراثنا الذي شوهه الإرهابيون.

"بالموسيقى أخرج النور من بين الظلام". يكشف محمد محمود عن تفاصيل هذه المقطوعة التي أثارت الجدل عبر منصات التواصل الاجتماعي، موضحاً أن اسمها أشور، وحضرت خصيصًا لتكون الإعلان الرسمي عن الأوركسترا.

الموسيقار محمد محمود

صُدفة جميلة

وينوه الموسيقار العراقي إلى أن مشاركة فريقه "وتر" في مراسم استقبال البابا فرنسيس صُدفة جميلة، قائلاً: "كنت عائدًا من غربتي في إسطنبول التي دامت خمس سنوات، فعرض على راديو الغد الذي يبث من الموصل بإدارة محمد صالح، ومحمد الهاشمي الفكرة، مقدمين الدعم المادي، واللوجستي للفرقة، أي توفير الآلات الموسيقية لكل عازف، وبالفعل قمت على الفور بطلب عازفين غير محترفين، من الشباب الذين لا يتجاوز أعمارهم الـ 25عامًا وبدأنا العمل".

وأضاف: "قمنا بتصوير الإعلان الرسمي، على أساس أن يكون إعلانًا للأوركسترا والحفل الأول فقط، لكن تزامنت زيارة البابا فاقتنصت الفرصة، لتوظيف العمل لهذا الحدث ليكون رسالة للبابا تكشف حجم الدمار الذي حل بمدينتنا، ومن ثم إظهار الجمال المختبئ بين ركامها.

يصف الموسيقار محمد محمود شعوره بنجاح أوركسترا "وتر" قائلاً: "كنت أحلم بعزف سيمفوني عالمي وهو ما تحقق خلال هذه الزيارة، شعور لا يمكن أن تصفه الكلمات، وردود أفعال ممزوجة ما بين الدهشة والفرح والفخر".

أعضاء الفرقة الموسيقية

نريد العيش بسلام

الغريب أن الموسيقار محمد محمود درس المحاماة من جامعة الموصل، لكن دفعه الشغف إلى تعلم الموسيقى، ولم يعشق لوناً واحداً منها فقط، بل أتقن العزف على كثير من الآلات مثل الكمان والعود. القصة لا تنتهي هنا، بل بدأ مشواره في التأليف الموسيقي من هنا.

يقول: "عملت محاضرا في معهد الفنون الجميلة لمدة تجاوزت 10 سنوات، وقادني إصراري لتأسيس فرقة متخصصة بعزف الموسيقى الكلاسيكية"، معرباً عن عشقه للموسيقى التصويرية، وكذلك عن طموحه لتقديم جميع أعماله للعالم.

وختم حديثه مع "موقع سكاي نيوز عربية"، بكلمات مؤثرة تعبر عن حبه لبلده وتراثه الذي دفعه لتقديم مقطوعات تمثل كل أطياف المجتمع الموصلي بمحافظة نينوى حيث الأديان الثلاثة الإسلامُ والمسيحية واليهودية: "كنا نعيش بسلام مع بعض في تعايش سلمي. نريد أن نعيد من خلال الأوركسترا هذه المفاهيم ونمسح صورة داعش إلى الأبد".