جهود متواصلة، وتقدم ملحوظ تجاوز الحديث النمطي عن تمكين المرأة الخليجية، فلم تعد المرأة الكائن الضعيف الذي ينتظر منح بعض الحقوق، فالواقع تغير، ومكَّنت الإرادة السياسية المرأة تمكينا حقيقيا، لتصبح كتفا بكتف مع الرجل، في مراكز صناعة القرار، حيث بناء الحاضر، والتخطيط للمستقبل.

ومؤخرا أصبحت المرأة العربية سفيرة في أهم عواصم العالم، إذ تمثل الأميرة ريما بنت بندر بن سلطان، المملكة العربية السعودية في واشنطن، في حين أضحت الدكتورة أمل عبدالله القبيسي، رئيسًا للمجلس الوطني الاتحادي الإماراتي، وكذلك تقود سارة الأميري وكالة الفضاء الإماراتية.

التمثيل الرسمي في دوائر السلطة لم يكن وحده بوابة تمكين المرأة، مكاسب أخرى عديدة حصدتها المرأة في الخليج العربي، على مستوى الحضور المجتمعي، وكذلك في مجالات التعليم والاقتصاد وغيرها الكثير.

أخبار ذات صلة

محمد بن زايد: تمكين المرأة أولوية في رؤية التنمية الإماراتية
الإمارات.. تعديل قانوني لصالح الحريات الشخصية والمرأة

تجارب مضيئة

السفيرة ميرفت التلاوي، الأمين الأسبق للمجلس القومي للمرأة في مصر، ترى أن ما يحدث في الإمارات والسعودية على وجه التحديد، يقول إن تونس لم تعد وحدها التجربة المضيئة في تمكين المرأة العربية، لكن هناك تجارب مضيئة بدأت تلمع على خريطة الوطن العربي.

وتضيف التلاوي لموقع سكاي نيوز عربية، أن تمكين المرأة في السعودية على سبيل المثال، لا يتمثل فقط في حق قيادة السيارات، فهناك حقوق كثيرة منحها ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، ولم يكن ليفعل ذلك ويقوم بتغيير ثقافة المجتمع غير شخص بجرأة ولي العهد السعودي، "لذلك أوجه كل التحية لسيادته، لأنه نقل المجتمع السعودي مائة عام إلى الأمام".

وتتابع: "عندما أرى سيدة سفيرة للمملكة في واشنطن، فهذا أمر يرفع رأس العرب، ويغير المفاهيم الخاطئة عن المجتمعات العربية، لأن حقوق المرأة كانت جزءًا من الصورة النمطية السلبية التي تكون في أذهان الغرب عن العرب".

وتلفت الأمين الأسبق للمجلس القومي للمرأة إلى أن الإمارات والكويت كانتا من الدول المتقدمة نسبيًا في حقوق المرأة، ومؤخرًا مع التقدم الملحوظ في الإمارات واهتمامها بالتكنولوجيا وعلوم الفضاء، أصبحت للمرأة مساحات غير تقليدية للإبداع والتميز.

"أصبحنا نرى سيدات في فريق قيادة مهمة مسبار الأمل، وكذلك سيدة مثل مريم المنصوري، وهي أول إماراتية تحمل رتبة رائد طيار، وتعمل حاليا على طائرات إف-16 وقائدة سرب".

أخبار ذات صلة

"مركز الشباب العربي" يعلن عن تأسيس مركز شباب الأردن
الإمارات تطلق حملة لمساندة أطفال ونساء الروهينغا

تمكين المرأة السعودية

من جهتها ترى الدكتورة ملحة عبدالله، عضو مجلس إدارة هيئة المسرح والفنون الأدائية بمجلس الوزراء السعودي، أن تمكين المرأة في المملكة العربية السعودية آخذ في التنامي منذ أوائل القرن الواحد والعشرين، حيث بدأ بفتح الباب لبناتنا بالانتساب إلى الخارجية وكانت خطوة مبهرة ومدهشة.

وتنوّه عبد الله في حديثها لموقع سكاي نيوز عربية، إلى أن تطور تمكين المرأة بدأ بشكل قوي على حياة الملك عبد الله -رحمه الله- حين طلب الاجتماع بممثلات عن المرأة والاستماع إليهن.

وتتابع الكاتبة السعودية: "أذكر أن صاحب السمو الملكي سلطان بن عبد العزيز -ولي العهد حينها- جاء إلى القاهرة، وطلب عن طريق الملحق الثقافي مقابلة المثقفات السعوديات بالقاهرة عام 2005 تقريبا وجلسنا معه".

"سألنا ولي العهد في كل شيء وعن كل شيء يتعلق بالمرأة، وكان لي الشرف أن كنت واحدة منهن، وحين طلب حاجتي أجبت (مسرح) بالمعنى العلمي لفنون المسرح العالمي ووعدني بذلك وكان أبا حنونا معنا".

أخبار ذات صلة

ماذا حصدت المرأة العربية في 2018؟
الإمارات.. توجه بزيادة نسبة تمثيل النساء في المجلس الوطني

بيئة مهيأة

وتُعدد الدكتورة ملحة الأسباب التي فتحت الباب على مصراعيه نحو تمكين المرأة السعودية، والعمل مع الرجل بشكل متواز، فتقول: "المرأة السعودية أصبحت جاهزة ومتسلحة بالعلم سواء عن طريق البعثات أو الدراسات الأكاديمية العليا".

إضافة إلى القضاء على قضية الاختلاط، وهي كانت العقبة الكبيرة في مسألة تمكين المرأة، "وبمجرد انتهاء موضوع الاختلاط، وجدنا عملاقا اسمه المرأة يرفل في ساحة الإبداع".

وتشدد الكاتبة السعودية أن مسألة التمكين لم تأت بشكل مفاجئ، "هي مسألة تم التمهيد لها، حتى اكتملت على يد سيدي خادم الحرمين الشريفين وسمو ولي عهده الأمين، فاكتملت الصورة، وشرعت أمام المرأة أبواب المشاركة والتمكين في كل المجالات وبلا استثناء".

وتستطرد: "بعد أن كان المسرح حلما يراودني، على يد صاحب السمو سلطان رحمه الله، الآن أجد تكليفا من صاحب السمو وولي العهد محمد بن سلمان بتعييني من قبل مجلس الوزراء لأكون عضوًا في مجلس إدارة هيئة المسرح والفنون الأدائية.

وتختتم الدكتور ملحة عبدالله حديثها لموقع سكاي نيوز عربية بالتأكيد على أن ما يحدث الآن للمرأة، هو نتاج إدارة محكمة، تُخطط في هدوء وإرادة واقتناع، من دون إملاء من أحد، بل إيمانًا بقدرات المرأة التي تسلحت بأعلى درجات العلم، وحدث ذلك بشكل تراكمي على مدار العشرين عامًا الماضية.

أخبار ذات صلة

انطلاق أعمال مؤتمر الشباب والسلام المستدام بأبوظبي
بالأرقام.. إنجازات المرأة الإماراتية

المرأة الإماراتية والقيادة

وفي ذات السياق تقول مارغريت عازر، عضو مجلس النواب المصري، إن الإمارات العربية المتحدة قفزت قفزات مهولة في مجال تمكين المرأة، وفي مجال العمل النيابي، هناك تمثيل متساو تقريبًا بين الرجال والنساء في المجلس الوطني الاتحادي الإماراتي، بل وترأس المجلس السيدة أمل القبيسي، وهي سابقة أولى من نوعها.

وتضيف عازر في حديثها لموقع سكاي نيوز عربية أنها زاملت القبيسي في البرلمان الدولي، ورأت أدائها المميز والمشرف للمرأة العربية، "فالمرأة الإماراتية تحظى بنصيب جيد جدًا على مستوى القيد، ولاحظت هذا بنفسي في كل زياراتي للإمارات العربية المتحدة".

وترى البرلمانية المصرية، أن التشريعات، والقرارات الرسمية ليست كافية وحدها في الطريق نحو تغيير واقع المرأة، فالإرادة السياسية لها دور كبير، إضافة إلى تغيير ثقافة المجتمع من خلال الإعلام، بتسليط الضوء على النماذج المشرفة للمرأة.

"الدراما أيضًا دورها هام للغاية، إلى جانب أهمية التعليم والخطاب الديني في تغيير ثقافة المجتمع"، لافتة إلى ضرورة توجيه منظمات المجتمع المدني جزء كبير من جهودها نحو تمكين المرأة، خاصة في مجال التمكين الاقتصادي".

وتختتم عازر حديثها لموقع سكاي نيوز عربية بالتشديد على ضرورة تضافر جميع الجهود من أجل العمل على تغيير ثقافة المجتمع، خاصة أن تشريعات لا يمكن أن تأتي بثمار في مجال تمكين المرأة إلا إذا كان المجتمع مهيئًا لها.