قبل نحو عام كان الشاب عبد السلام المختاري يعتزم إطلاق مشروعه الخاص بالصناعة التقليدية المغربية، غير أن قرار المملكة فرض حجر صحي لتفادي تفشي فيروس كورونا المستجد ساعتها، حال دون خروج المشروع إلى الوجود والدخول به إلى السوق العالمية كما كان يخطط صاحبه.
يقول عبد السلام المختاري مدير شركة "السروج" للصناعة التقليدية، في تصريح لـ"سكاي نيوز عربية"، إنه كان يسعى من خلال مشروعه الجديد والذي تطلب الإعداد له أزيد من سنة، إلى افتتاح مجموعة من المحلات التجارية في المدن السياحية بالمغرب، ويستهدف من خلاله الأسواق العالمية خاصة في شمال أوروبا وأميركا، لعرض وترويج منتجات الصناعة التقليدية المتنوعة والتي تدخل ضمن الديكورات الداخلية.
تعثر إطلاق المشروع في وقته المحدد، دفع بالمقاول الشاب إلى مراجعة استراتيجيته التسويقية بشكل كامل، حيث قرر الاعتماد خلال ثلاث سنوات الأولى من تاريخ إطلاق شركته على عرض منتجاته عبر المنصات الافتراضية.
ويشارك عبد السلام إلى جانب العشرات من أصحاب شركات ومؤسسات عاملة في قطاع الصناعة التقليدية والمهن اليدوية من المغرب ودول إفريقية أخرى، في المعرض الأفريقي المغربي للصناعة التقليدية، للتعريف بمنتجاتهم والوصول إلى أكبر عدد من الزبائن، سواء من عموم الناس أو من المهنيين في مختلف القطاعات وفي جميع أرجاء العالم.
فكرة المعرض الافتراضي
ويسعى معرض الدول الإفريقية والمغرب للمنتجات التقليدية المصنوعة يدويا، في نسخته الافتراضية الأولى، إلى الترويج للصناعة التقليدية في القارة السمراء بعد أن عانى حرفيوها وصناعها التقليديون من التوقف المفاجئ والكامل لأنشطتهم على مدى شهور متتالية.
تقول سارة ملاخ، مؤسسة ومنظمة المعرض الافتراضي، إن فكرة تنظيم هذه التظاهرة عبر المنصة الرقمية (businessandfairs)، تبلورت انطلاقا من البحث عن آليات بديلة تضمن استمرار أنشطة المعارض والملتقيات مع ما فرضته جائحة كورونا من غلق للحدود بين الدول، واستحالة التنقل خارج المغرب لتنظيم معارض دولية.
وتؤكد سارة في تصريح لـ"سكاي نيوز عربية" أن ما شجعها على تجسيد فكرتها على أرض الواقع، هو ما تتيحه المنصات الرقمية، من فرص وإمكانيات لتنظيم أكثر من معرض واحد في ذات الوقت.
وتقوم فكرة هذه المنصة الرقيمة حسب سارة، على "محاولة نقل الزائر إلى قلب المعرض بشكل فعلي، عبر انتقائه شخصية افتراضية يكون هو من اختار لباسها، وعلى شاكلة ألعاب الفيديو يلج بها إلى المعرض، حيث يقوم بجولة افتراضية بين مختلف أروقته، تمكنه من الاندماج الكامل في جمال وإتقان فن الصناعة التقليدية الأفريقي".
وعن إدراج منتجات الصناعة التقليدية لدول أفريقية مثل السينغال والكوت ديفوار ضمن المعرض الافتراضي تشير المتحدثة، إلى أن "الصناع التقليدين الأفارقة عانوا أكثر من أي وأقت مضى، وبشكل أكبر من نظرائهم المغاربة من التداعيات الاقتصادية لفيروس كورونا، ناهيك عن غنى الصناعة التقليدية واليدوية الأفريقة، التي تستحق التعريف بها على المستويين القاري والعالمي".
مواكبة التظاهرة الافتراضية
الهدف من المعرض الرقمي والذي يستمر شهرين بحسب المنظمين، هو التعريف بغنى وجمال وتنوع منتجات الصناعة التقليدية المغربية، مع الترويج للمناطق السياحية بالمغرب، عبر إبراز ما يزخر به من حرف يدوية وفن الطبخ، كما يسعى لاستقطاب وجذب المستثمرين الأجانب الباحثين عن فرص استثمارية في مجال الصناعة التقليدية والسياحية.
ترى سارة أن قطاع الصناعة التقليدية سواء في المغرب أو في القارة الأفريقية، كان ولا يزال أكثر القطاعات تضررا من تداعيات فيروس كورونا، حيث تعذر على الصناع التقليديين الترويج لصناعتهم عبر المعارض الدولية بشكل حضوري في مدن مختلفة من العالم.
ولتجاوز الأزمة، كان واجبا البحث عن حلول بديلة، تطلبت حسب منظمة المعرض تحضير الصناع التقليدين لدخول عالم الرقمنة، حيث استفادوا من دورات تكوينية في المجال التكنولوجي، لتمكينهم من تسويق منتجاتهم عبر شبكة الإنترنت في المنصات الرقمية وعبر وسائل التواصل الاجتماعي.
وتشير المتحدثة، إلى أن المعرض الرقمي يستهدف من جهة مختلف المهنيين من مصممي الديكور وأصحاب الفنادق والمطاعم ومهندسو البناء والمستوردون الأجانب وغيرهم، من أجل عقد صفقات مع الصناع التقليدين واقتناء منتجات بالجملة، كما يستهدف من جهة أخرى عموم الزوار، الذين سيكون بوسعهم اقتناء منتوجات بكميات تناسب احتياجاتهم.
ويخصص المعرض الذي انطلق في الأول من مارس ويستمر لمدة شهرين، إلى جانب فضاءات للعمل وعقد الندوات، ثلاثة أروقة افتراضية للعرض تخصص إحداها للصناعة التقليدية والمهن اليدوية، بالإضافة إلى صالتي عرض مخصصتين للفن والثقافة.