احتفى أتباع الديانة الزرادشتية في مدينة السليمانية بالعراق، بيوم المرأة الذي يسمونه "عيد اسفندرمزدا"، الذي يعني "يوم الملكة"، والذي يصادف أواخر شهر فبراير من كل عام ويستمر لأيام.
طقوس مختلفة موغلة في القدم، تطغى على احتفالات "يوم الملكة"، إذ يتولى الرجال القيام بالواجبات المنزلية اليومية التي تؤديها زوجته، كإعداد الطعام للعائلة ورعاية الأطفال والتنظيف، فضلا عن تدليل زوجته وتقديم باقات الورود والهدايا لها.
3750 سنة قبل الميلاد
ممثلة الزرادشتية في أوقاف إقليم كردستان العراق، آوات حسام الدين، التي حضرت الاحتفالية مع شخصيات دينية، وصفت اليوم بأنه "من الأعياد المميزة لدى الزرادشتيين، نظرا لمكانة المرأة المقدسة لديهم".
وأضافت آوات لموقع "سكاي نيوز عربية"، أن تاريخ الاحتفال موغل في القدم، إذ يصل إلى 3750 سنة قبل الميلاد. وتابعت: "التحضيرات للاحتفالية تبدأ يوم 24 فبراير وتستمر لأيام، وترتدي النساء الزرادشتيات بعد أداء الصلاة، ملابس جديدة ويحتفلن بالرقص بعقد من الزهور في أيديهن، أثناء تلقي الهدايا من الرجال".
طقوس
ويرتبط "عيد المرأة" كما يتحدث الكاهن الزرادشتي عصام صبري، ممثل الديانة الزرادشتية في شمال سوريا، بموسم الربيع وخصوبة الطبيعة، ويتم إحياء مراسمه الأولى بتجمهر المحتفلين حول كاهن معبد "اتشكاه"، أو كما يسمى بالكردية "اسروان"، الذي يقرع الأجراس في مدينة السليمانية .
وأضاف صبري في حديثه لموقع "سكاي نيوز عربية": "يتم إشعال النار وسط العائلات المحتفلة، وتلاوة نصوص من الكتاب المقدس للديانة الزرادشتية المسمى "افيستا"، والدعاء من قبل الكاهن لإحلال المحبة والسلام في العالم، ومباركة الأسر وتبيان ماهية العيد وضرورة إحيائه في كل عام".
وتابع: "توزع الحلويات والسكاكر ومعجنات العيد على المحتفلين، وتؤدى حلقات الدبكة (الرقصة) الشعبية من ساحة المعبد، باتجاه أحد المنازل التي يتم اختيارها لإتمام مراسم الاحتفال فيها".
المائدة
وتتزين مائدة العيد في المعبد وفي المنازل، بأطباق من الفاكهة، لاسيما الرمان، كما يشير صبري، إضافة إلى الجوز واللوز والتمر، وتابع: "طيبات الطبيعة من الفاكهة ترمز في الزرادشتية للمرأة وخصوبتها وطبيعتها المعطاءة".
وتضم الزرادشتية مجموعة من التعاليم التي أرساها مؤسسها زرادشت من "الأفيستا"، وتعرف باسم "الجاثاس"، وهي تراتيل طقوسية.
وتنص الديانة على المساواة بين الجنسين في القيادة والإرث وإبداء الرأي في الحقوق والواجبات بكل مجالات الحياة، حيث تقلدت المرأة الزردشتية مقاليد الحكم قبل ذلك، كما أنها تصبح كاهنة في المعبد وتجلس في مجالس الرجال.
النار المقدسة
ويتوجه الزرادشتيون في صلاتهم باتجاه نار يوقدونها كرمز تقديسي لنور الخالق، كما يتم تقديس الطبيعة والشمس.
وقال الباحث المتخصص في الديانة الزرادشتية، زرادشت كال، إن الزرادشتية هي "فلسفة وعقدية قديمة وكانت الديانة الرسمية للإمبراطوريات الميدية والأخمينية والبارثية والساسانية".
وأضاف في حديثه لموقع "سكاي نيوز عربية": "زرادشت كان أول من تطرق إلى فكرة الصراع بين الخير والشر، الموجود داخل كل إنسان، والحكم الإلهي بعد الموت، وهو يطلب في تعاليمه اتباع طريق الحق".
ويقدر عدد الزرادشتيين بـ300 ألف شخص في إقليم كردستان، ولهم ممثل في أوقاف إقليم كردستان العراق، ويتوزعون بأعداد كبيرة في إيران وسوريا والعراق والهند وأذربيجان وروسيا وغيرها من بلدان العالم، دون توفر إحصاءات دقيقة عن عددهم الحقيقي.