يعرفه المغاربة باسم "سوينغا"، تحوّل في سنوات قليلة إلى واحد من أشهر صانعي المحتوى في المغرب، منذ أن أطلق قناته على موقع يوتيوب باسم "آجي تفهم"، يتناول فيها أكثر المواضيع السياسية والاقتصادية والاجتماعية تعقيدا بأكثر الأساليب تبسيطا.
مصطفى الفكاك، الذي ولد في منتصف الثمانينيات وترعرع في مدينة الدار البيضاء، العاصمة الاقتصادية للمغرب، درس تكنولوجيا المعلوميات بعد حصوله على بكالوريا العلوم، قبل أن ينتقل إلى المدرسة الوطنية للسيرك في سلا، قرب العاصمة الرباط، ليتخرج منها فنانا مؤديا لفنون السيرك، ومخرجا مسرحيا متخصصا في السيرك.
ويقول مصطفى لموقع "سكاي نيوز عربية" إنه تعلم في مدرسة السيرك "تعليما فنيا"، مؤكدا أن سر نجاح وصلاته التي يقدمها في موقع يوتيوب، يكمن في "القدرة على جذب انتباه المتلقي باستعمال طاقة تستقطب المشاهدين، كاستعمال الإضحاك أو البعد المشاعري إذا كانت المعلومات جافة، ويصعب على المتلقي أن يهضمها"، منبها إلى أن "الرهان على ذكاء المشاهد" هو أيضا سر لنجاح محتوياته.
وأوضح أن "تبسيط المعلومات المعقدة يقتضي عدم الانتباه إلى مدى طول أو قصر زمن الشرح".
وأثار الفكاك في ذات التصريح ملاحظة بخصوص "التصنيف الذي تقوم به خوارزميات مواقع التواصل الاجتماعي لدوائر اهتمام الجمهور"، في إشارة منه إلى أن "تصفح كل شخص لمحتويات معينة تجعله يصبح منتميا إلى دوائر بعينها"، مبرزا أن "المحتويات العفوية التي لم تتعرض لتجهيز سكريبت قبلي، هي الأكثر وفرة بسبب عدم احتياج أصحابها إلى جهد ووقت طويل لإعدادها"، ومشددا على أن "غياب عرض قوي لمحتويات جادة مبذولٍ فيها مجهود خاص، هو الذي يجعل المحتويات التي توصف عادة بـ"التافهة"، تكون هي الأكثر انتشارا، وجمهورها يظهر وكأنه هو الأكبر".
ويقدم "سوينغا" محتويات تتناول غالبا مواضيع معقدة في الاقتصاد والسياسة والقانون والتكنولوجيا والطب، لكنه يؤديها بطريقة تجمع بين البساطة والدقة والعمق.
ولاستيعاب هذه المواضيع المعقدة، لا يكتفي الفكاك بقراءتها، إنما ينتقل إلى التواصل مع ذوي الاختصاص لفهمها جيدا قبل معالجتها.
وقال الفكاك إن "عدم التخصص في المجالات التي يعالجها، يساعده على الحفاظ على حس البداهة الذي يفقده المتخصصون"، مردفا أن "الجمهور المستهدف يحتاج إلى أجوبة تفصيلية مبسطة على الأسئلة البديهية التي لم يعد المتخصصون يفكرون فيها".
ونبه إلى أن "الأولوية هي أن يفهم جمهور التواصل الاجتماعي أشياء كثيرة عن الحقوق والواجبات"، وهو ما يستدعي بحسب ذات المتحدث "الابتعاد عن القضايا الحساسة التي يصعب أن يقتنع المشاهد بأن صانع المحتوى محايد بخصوصها".
ولفت الفكاك إلى أن هناك "مخاطر تمكن في أنه إذا تعرض صانع المحتوى لأي تصنيف سلبي من المتتبع فإنه سيُحجم عن متابعته، وهذا يضر بالمحتويات المفيدة الأخرى"، معتبرا أن التكوين الفني في السيرك جعله يحرص دائما على "الاهتمام بما يشكل نقاط الالتقاء بين الناس، بدل النزوع نحو ما يبعث على الاختلاف".
ويخوض مصطفى الفكاك تجربة فنية جديدة، تساهم فيها الفنانة المغربية والعربية أسماء لمنور، وسينضم إليها فنانون آخرون، وتتعلق ببث حكايات شعبية من الموروث الشفوي المغربي، على موقع يوتيوب، وهو ما قال عنه الفكاك إنه جاء رغبة منه في "توفير محتوى يعرِّف الأجيال القادمة على القيم الثقافية المغربية"، مؤكدا أن "المنطلق الفني البحت" هو الذي يدفعه إلى "اقتحام جميع المواضيع والمجالات والتجارب".
تجربة مصطفى الفكاك في تقديم محتويات مبسطة تتناول قضايا معقدة، سرعان ما جمعت حوله جمهورا واسعا، ومكنته من أن يطور نشاطه إلى تأسيس شركة متخصصة في تقديم الخدمات الإعلامية للقطاعين العام والخاص، على غرار الأسلوب الذي يعتمده في قناته على يوتيوب، والذي يُثبت مع مرور الوقت نجاحه، ويثبت معها حاجة الجمهور إلى مواجهة الرداءة بالإكثار من الجدية والإبداع.