لا يوجد رقم دقيق لأعداد المقابر في بريطانيا، بسبب انتشارها في المقاطعات التي تملك الخيارات الإدارية لتشييد العدد المطلوب، بحسب هيئة تنظيم المقابر والمحارق البريطانية.
غير أن إحصائيات شبه رسمية تشير إلى وجود نحو 14 ألف مقبرة في المملكة المتحدة، 3500 مقبرة منها تاريخية، تم تشييدها قبل الحرب العالمية الأولى.
وتضم لندن لوحدها أكثر من 140 مقبرة بمساحات مختلفة بحسب دراسة أجريت في عام 2019. يضاف إليها المساحات الخضراء المحيطة بالكنائس التي يمكن استغلالها كمقابر بشكل محدود.
وبوجود هذا العدد الكبير من المقابر كان طبيعيا أن يحاط كثير منها بالدور والمجمعات السكنية في مدينة يقترب تعداد سكانها من 9 ملايين نسمة.
وبعكس الكثير من عواصم العالم يسمح القانون في لندن باستملاك الأراضي المحيطة بالمقابر وتشييد المجمعات السكنية حولها باعتبارها مساحة خضراء صديقة للبيئة.
أسعار العقارات قرب المقابر
وتشير دراسة أجرتها صحيفة "ذا صن" إلى أن أسعار العقارات القريبة من المقابر أرخص من العقارات المثيلة في أماكن أخرى بنحو 25 بالمئة، مع الأخذ في الاعتبار صعوبة بيع العقار مجددا في المستقبل.
غير أن الدراسة تشير إلى أن المجتمع يميل إلى أن يكون أكثر واقعية، حيث يتم اختيار السكن بما يلائم التنقل إلى العمل وبالعكس، وهو الشرط الأساس لاختيار موقع السكن في لندن.
وتقسم إدارة المقابر في بريطانيا إلى 3 أقسام: نحو 70 بالمئة منها يتبع الكنيسة الإنجليزية، وقرابة 21 بالمئة منها تتبع المجالس المحلية، بالإضافة إلى 9 بالمئة خاصة ومجهولة الإدارة.
ويقع قرابة 75 بالمئة من المقابر في مناطق حضرية، وفي مدن مكتظة بالسكان، باستثناء مركز لندن، فيما يتوزع 25 بالمئة من المقابر على مناطق ريفية.
هدوء وراحة
ويقول دارن فلنت، الأربعيني الذي يسكن على بعد أمتار من مقبرة "فيلتهام" جنوب غربي لندن، إن كل من يفكر بالسكن في مكان هادئ فعليه اختيار منزل أو شقة قريبة من إحدى المقابر.
وأضاف أن غالبية جيرانه هم من كبار السن الذين يميلون إلى حياة هادئة بلا صخب. ولا يؤمن دارن بوجود أي مخاوف من السكن قرب المقابر، مفندا كل ما يشاع عن الخوف من العيش قرب المقابر، وما يسمع عنها من قصص خصوصا خلال الليل.
أما راتشيل، الموظفة التي تعمل بمنزلها القريب من مقبرة "هانزلو" غير البعيدة عن مطار هيثرو، نحو 5 كيلومترات فقط، فتقول إن للسكن قرب المقابر ميزات أخرى مهمة بالإضافة إلى بدل الإيجار الرخيص نسبيا.
وتضيف: "عندما أمارس الجري صباحا بواقع مرتين أسبوعيا، أشعر بحماس غريب لدى اقترابي من المقبرة، وكأني استشعر جمهورا يراقبني ويشجعني على التمسك بحياة صحية لأعيش أطول".
أسيجة المقابر
ولا يوجد نظام واحد لتسييج المقابر في العاصمة لندن وعزلها عن محيطها السكني أو الريفي، والأمر متعلق بتصميم المقبرة والجهة التي تتبع لها إداريا.
وتتباين أسيجة المقابر بين منخفضة لأقل من متر واحد إلى أسيجة الحجر أو الخشب بارتفاع مترين، وأخرى تعتمد بالكامل على سياج من النباتات المتسلقة أو الأشجار التي تحجب الرؤية.
العجائب السبعة
وتضم لندن أيضا "العجائب السبعة"، وهي سبع مقابر كبرى تم تشييدها خارج مراكز العاصمة بين عامي 1833 و1841 لاحتواء الأعداد الكبيرة من الوفيات التي رافقت الانفجار السكاني آنذاك من مليون إلى مليونين و500 ألف شخص.
غير أن التمدد العمراني أحاط اليوم بـ"العجائب السابعة" لتكون أغلبها محميات طبيعية ومعالم سياحية.
وتعد مقبرة بروكوود بمقاطعة سري جنوب لندن أكبر المقابر في بريطانيا وفي أوروبا عموما، وتقع على مساحة تزيد عن ألفي كيلومتر مربع، فيما تشير إحصائيات إلى إجراء أكثر من 350 ألف عملية دفن في المقبرة قبل إدراجها ضمن قائمة المحميات التاريخية.
أما أقدم مقبرة في لندن فهي مقبرة كينسال غرين، التي تم تشييدها عام 1833 على 30 كيلومتر مربع شمال غربي العاصمة.