"جنة".. ابنة الاثني عشر عاما وذات الأطراف الصناعية قهرت المستحيل وحققت فضية كأس مصر في السباحة، لكنها تمتلك العديد من المواهب.

بنبرة طفولية هادئة، وبملامح مصرية خالصة، وثقة تليق ببطلة اعتادت اعتلاء كرسي الفوز وتحقيق البطولات، تحدثت "جنة"، ابنة محافظة دمياط بشمال مصر، ذات الـ"12" ربيعا، لـ"سكاي نيوز عربية"، كاشفة عن المواهب التي تملكها.

وعلى الرغم من واقعها الصعب؛ فقد تمكنت من تحقيق "ميداليات"، فضية على مستوى الجمهورية في رياضة السباحة، مع أنها تعاني من بتر في قدميها، كما وأن لديها موهبة غنائية متميزة، شهد لها بها الجميع.

أول المعاناة

نورا البشبيشي؛ والدة الطفلة "جنة شريف"، كشفت لـ"سكاي نيوز عربية"، أن تفاصيل معاناة جنة بدأت مبكرا؛ وهي في الخامسة من عمرها، حين تبين أنها مصابة بداء جيني نادر يستدعي تدخلا جراحيا ببتر إحدى القدمين إلى ما قبل الركبة.

وعلى الرغم من صعوبة القرار، وما حمله من آلام، تقول الأم "وافقنا.. لأن هذا كان الحل الوحيد، وبعد إجراء الجراحة عانت جنة صعوبة في الحركة بعد تركيب الطرف الصناعي في القدم المبتورة، ما استدعى قرارا أصعب من سابقه؛ بـبتر القدم الأخرى كي يستقيم سير ابنتي، وبقي الحال هكذا حتى بلغت ’جنة‘، التاسعة من عمرها تقريبا".

أخبار ذات صلة

توأم مصري يتحدى الإعاقة.. ويبهر العالم باختراعاته
"حياة كريمة" للقضاء على التطرف والفقر في قرى مصر
لوكا عبد النور.. ابن "الصعيد المصري" يتربع على عرش الباليه
5 أيام شاقة.. تفاصيل تربع ملك الشطرنج المصري على عرش أفريقيا

 الداء في الدواء

تضيف الأم "لجأنا بعد ذلك إلى العلاج الطبيعي، إلا أنه، ولأسباب غير معلومة، كان يسبب مزيدا من التعب لـ’جنة‘، وزادت كهرباء الجسم بشكل حير المختصين، ما استلزم اللجوء إلى الأطباء، الذين اقترحوا أن تمارس الابنة رياضة السباحة، كي تساعدها على الحركة، وعلى علاج انحناء موجود في ظهرها".

وتتابع: "وبعدها تحققت المعجزة، إذ تمكنت ’جنة‘ بعد مرور ما يقل عن الشهرين، من تحقيق ميدالية في بطولة النادي للسباحة الذي اشتركت به بمحافظة دمياط، كما أدى إلى معالجة مشكلات الظهر".

وأوضحت الأم أن جنة تستطيع بمفردها تفكيك وتركيب طرفيها الصناعيين، كاشفة أن الأطراف المركبة، تستخدم خلال اليوم الواحد لمدة ساعتين متصلتين فقط على الأكثر، ويجب فصلهما لتنظيفهما، وإراحة القدمين، ثم تركيبهما مجددا؛ ولهذا فهي تحرص على الوجود مع ابنتها على الدوام في أثناء التدريب، أو خلال فترة الدراسة، ما قبل إجازات كورونا، أما في المناسبات التي لا تستغرق وقتا طويلا فإن بإمكان جنة أن تكون وحدها، وأمها مطمئنة أنها ستستطيع التصرف والتمتع بحياتها بمنتهى الحرية.

"جنة"

وعن بداية ممارستها للعبة، قالت جنة لسكاي نيوز عربية: "بدأت التمرين على رياضة السباحة كعلاج، وبعد ذلك تحول الأمر بالنسبة لي إلى رغبة قوية في تنمية مهاراتي، وخوض بطولات، خصوصا بعدما شعرت أني أملك موهبة خاصة، وأتقنت أكثر من نوع من أنواع للسباحة، ولم يمنعني طرفاي الصناعيان نهائيا من ممارسة السباحة بشكل جيد".

وتتابع: "رشحني النادي للمشاركة في البطولات، ومنها البطولة البارولمبية، فنجحت في تحقيق الميدالية البرونزية فيها، ثم شاركت في بطولة كأس مصر، ونجحت في تحقيق الميدالية الفضية، وسوف أشارك مجددا في بطولة أخرى على مستوى الجمهورية.

أخبار ذات صلة

أطفال الشوارع بمصر.. مقترح برلماني ينعش تجربة عمرها 200 عام
"بطلات متجولات".. مصريات يعرضن أشغالهن اليدوية بالشارع

 الوصول إلى العالمية

تضيف جنة "تلقيت عروضا جدية، من أكثر من نادٍ كبير في القاهرة، تتعهد بتوفير إقامة كاملة لي ولأسرتي، إلا أن أعمال والدي ووالدتي في محافظة دمياط، حالت دون ذلك، لكن هذا لن يمنعني من مواصلة السعي وممارسة السباحة حتى أصل إلى حلمي وأحقق ميدالية عالمية".

جنة أكدت أنها تمارس حياتها، دون أي مشكلات، أو إحساس بأنها أقل من أقرانها "قبل الكورونا، كنت أذهب إلى المدرسة، وأسير على الطرفين الصناعيين بشكل يبدو طبيعيا للغاية، ولهذا لا أشعر بأي فارق بيني وبين بقية التلاميذ في المدرسة".

الغناء

أما عن موهبة الغناء، فتقول جنة إنها اكتشفت أن لديها موهبة أخرى في الغناء بمحض المصادفة، بسبب مبادرة للكشف عن مواهب أصحاب الحالات الخاصة أو أصحاب الهمم، قرأت عنها عبر مواقع التواصل الاجتماعي.

وبسبب أزمة انتشار فيروس كورونا المستجد، كانت المشاركة في المبادرة بتسجيل أغنية، أو عرض الموهبة، أيا كانت، عبر الهاتف وإرسالها إلى المبادرة، فقررت تقديم أغنية وإرسالها إلى صفحة المبادرة، التي قامت ببثها عبر فيسبوك، لتحصد الأغنية تفاعل آلاف المعجبين، وتكشف عن موهبة حقيقية في الغناء، ومن هنا قررت الاستمرار فيها.

حلمها

تطمح الطفلة "جنة شريف"، إلى أن تصبح، ذات يوم، مهندسة ديكور، وعليه فإنها تؤكد أنها تلتزم، إلى جانب ممارسة رياضتها المفضلة، وتنشيط موهبتها في الغناء، بمذاكرة دروسها جديا أولا بأول سعيا إلى تحقيق حلمها، الذي يجاور أحلامها الأخرى، في أن تصبح "مهندسة".