تسمى "القرنطيطة" بلهجة الجزائر العاصمة، وتسمى "الكارانتيكا" أو "الحامي" بلهجة الغرب الجزائري، ومع اختلاف التسميات، فهي تبقى واحدة من أشهر الأكلات الشعبية في البلاد، وتتربع عرش أطباق الجزائريين سواء في البيوت أو لدى المطاعم على مدار العام، كما أنها منتشرة حيث تتواجد الجالية الجزائرية بكثرة خارج البلاد، وخاصة في فرنسا.

وتعتبر "القرنطيطة" المحضرة من الحمص المطحون والبيض، مطلوبة بشكل كبير لدى الجزائريين بمختلف شرائحهم الاجتماعية، حيث لا تجد مطعما "سريعا" في الجزائر العاصمة لا يقدمها للزبائن، ومع سعرها الزهيد، الذي يتراوح بين 20 و40 دينار جزائري (0.15 و0.30 دولار)،  ومع كل هذه العوامل أصبحت هذه الأكلة الشعبية ذات مكانة خاصة لدى الجميع، نظرا لمذاقها وسهولة تحضيرها.

وتعرف "القرنطيطة" في الجزائر بأنها الأكلة الشعبية التي يتوافد عليها الجميع بدون استثناء، فمثلا يمكنك مشاهدة الكادحين من الناس الذين يقصدون محلات الأكل الخفيف في منتصف النهار لتناولها كوجبة للغداء، وكذلك تجد موظفين وربات بيوت يقصدن محلات بيعها لتناولها أو أخذها معهم إلى منازلهم، كشطائر أو على أطباق لتأكل مع الخبز.

أخبار ذات صلة

بـ "الشخشوخة".. الجزائريون يحتفلون بالمولد النبوي رغم كورونا
عمر بعضها 2.5 مليون عام.. الجزائر تحصي 15200 موقعا أثريا

تاريخ "القرنطيطة"

حسب الكثير من المراجع التاريخية، فإن طبق "القرنطيطة" الذي تتميز به الجزائر عن سواها من بلدان المغرب العربي، يرجع إلى الفترة الإسبانية في مدينة وهران التي تقع غرب الجزائر، فاسم "كرانتيكا" أو "القرنطيطة" يعود إلى الكلمة الإسبانية "calienteta" أو "caliente" والتي تعني باللغة العربية "الساخنة".

فيما تروى بعض الروايات أن هذا الطبق ولد لأول مرة في حصن إسباني في مدينة وهران (432 كيلومتر غرب الجزائر العاصمة)، حيث أنه أثناء إحدى المعارك بين الإسبان وبين المسلمين الذين كانوا يحاولون فتح المدينة، تم حصار الجيش الإسباني مما أجبر الجنود على البقاء داخل الحصن حتى نفد الطعام من المخازن، ولم يبق منه سوى طحين الحمص.

وفي ظل الوضع الصعب الذي كانوا عليه خاصة من شدة الجوع، وجد الجنود الإسبان أمامهم ملحا وماء، وقاموا بطبخه ليكتشفوا أنّه ذو طعم طيّب. فانتشرت منذ ذلك الحين هذه الأكلة، وامتدت من وهران إلى جميع المدن الجزائرية الأخرى.

التحضير

رغم سهولة طهي طبق "القرنطيطة"، إلا أن هناك تقنيات في تحضيرها تختلف من شخص إلى آخر، ولا يمكن أن تتشابه الأطباق، مع أن مقادير التحضير في الغالب هي نفسها، وهي البيض والزيت والحمص المطحون والماء والقليل من الكمون، يضاف لها لاحقا الهريسة، أو الفلفل الحار.

ففي محل صغير بمدينة المرسى، ببلدية عين طاية، شرقي الجزائر العاصمة، ينهمك الطاهي أسامة في تحضير أول طبق سيقدمه لزبائنه.

يقول أسامة لسكاي نيوز عربية إنه يشرع كل يوم ابتداء من الساعة التاسعة ونصف صباحا في تحضير الطبق الجزائري الشهير ليكون جاهزا بعد حوالي 40 دقيقة.

محضرا كيسين من الحمص المطحون وصحن من التوابل (فلفل أسود، كمون، ملح) وأربع حبات من البيض والزيت والماء، بدأ أسامة في إعداد الوجبة، مؤكدا على أن الماء يجب أن يكون حوالي 6 لترات ليمتلئ الدلو.

وبعد دقائق معدودات من الخلط ومع امتلاء الدلو، يضاف له المرق المحضر وأربعة حبات بيض، ليسكب قليلا من الزيت في 3 كؤوس صغيرة.

وفي المحطة الأخيرة توضع المادة المحضرة داخل فرن مخصص لها لمدة 40 دقيقة، بعد أن يتم سكب المادة في صينية الفرن لتترك تطبخ على نار جيدة، فتطهى بعد ذلك الأكلة الأكثر شعبية في البلاد،  وتخرج من الفرن لتوضع للزبائن وأمامها خبز وهريسة التي يفضل الكثير من الزبائن إضافتها للقرنطيطة.

ومع وضع صينية القرنطيطة للبيع، يبدأ توافد الزبائن عليها.

ويقول الطاهي إن القرنطيطة ليست مرتبطة بوقت أو موسم، فإقبال الزبائن عليها طوال العام.

ويضيف:" كل الناس تحبها في كل الأوقات ويأكلونها من عندي، الأغنياء والفقراء".