في غرفة لا يدخلها ضوء الشمس إلا من باب متهالك، تعيش عائلة لبنانية في ظروف قد تعجز الكلمات عن وصف مدى مأساويتها.
أحد القاطنين في الغرفة، جدة مسنة تعاني من كسور في الفخذ، ترقد في سريرها من دون أن تقوى على الكلام.
تمضي دلال يونس أيامها في انتظار سرير في مستشفى يمنحها علاجا، قد يعيد إليها بعضا من عافية افتقدت فيها حتى قدرتها على تناول الطعام.
في الغرفة عينها، توجد ابنة دلال، لميا، التي تتولى مهمة مساعدة أمها على تناول الطعام والقيام بالحاجيات الضرورية.
وتقول لميا: "أمي لا تقدر على الحركة.. حاولنا مرارا نقلها إلى المستشفى، لكنهم يرفضون استقبالها بدعوى عدم توفر سرير شاغر.."
وتضيف لـ"سكاي نيوز عربية": "حالتنا مأساوية.. وكورونا زادت من تأثير الأزمة".
ويعيش في الغرفة أيضا، زوج لمياء وولداها، الذين يمضون كل وقتهم في بحث يائس عن مصدر رزق يسدون به بعضا من حاجة ماسة لأي طعام أو شراب.
وقال عاصم عراجي، رئيس لجنة الصحة النيابية في تصريحات سابقة إن "معظم الأسِرة في كل المستشفيات مملوءة وحتى في الطوارئ، وذلك بسبب حالات كورونا الكثيرة".
وتظهر حالة هذه الأسرة، مدى تأثير فيروس كورونا على المستشفيات والمهن والأعمال، إلى جانبه آثاره على عجلة الاقتصاد.
وسجلت البلاد أكثر من 219 ألف إصابة بفيروس كورونا المستجد، من بينها 1606 حالة وفاة. أما عدد الحالات التي تماثلت للشفاء فناهزت الـ142 ألفا.
وقال الرئيس اللبناني ميشال عون في مستهل اجتماع المجلس الأعلى للدفاع يوم الاثنين، إن "المأساة التي نراها على أبواب المستشفيات تتطلب إجراءات جذرية حتى نتمكن من تخفيف التبعات الكارثية لتفشي وباء كورونا".
وبدأ لبنان يوم الأربعاء الماضي إغلاقا تاما للمرة الثالثة، سيستمر لثلاثة أسابيع، في محاولة لتقليل أعداد الإصابات وإعطاء المستشفيات فرصة لزيادة أعداد الأسرة.
وقال رئيس قسم العناية الفائقة والأمراض الرئوية في مستشفى رفيق الحريري الجامعي، محمود حسون، لسكاي نيوز عربية إن "الوضع كارثي والأسرة ممتلئة والطاقم الطبي يعاني من الإجهاد". وسأل: "أين سنذهب بالمرضى في حال امتلأت كل الأسرة ولم نعد قادرين على معالجة أي مريض جديد؟".
من جهته قال الأمين العام للصليب الأحمر اللبناني جورج كتانة، لسكاي نيوز عربية إن "الصليب الأحمر ينقل يوميا 100 مصاب بكورونا إلى المستشفيات"، لافتا إلى "أننا قادمون على سيناريو خطير في حال استمر الوضع على ما هو عليه".
ويبدأ لبنان فجر الخميس إقفالا تاما حتى الأول من فبراير المقبل، تقفل فيه معظم المؤسسات الخاصة والعامة والمدارس والجامعات، مع بعض الاستثناءات لبعض القطاعات.
وفرضت السلطات منعا للتجول بعد الساعة السادسة مساء، وتم تقييد حركة السير والمرور وفق نظام الأرقام المفردة والمزدوجة للوحات السيارات.
وابتداء من الاثنين، سيتم تقليص أعداد الرحلات القادمة الى بيروت بحدود 20 بالمئة، مع إلزام المسافرين الوافدين بإجراء مسوحات الفحص المتعلقة بالفيروس فور وصولهم المطار.