دأبت شيماء منذ سنوات عديدة على الاحتفال برأس السنة الميلادية بأحد فنادق مراكش، أشهر المدن السياحية في المغرب، رفقة عائلتها التي تفضل قضاء آخر أسابيع العام في المدينة الحمراء. أمر يبدو مستحيلا هذه السنة على شيماء وعائلتها بسبب قرار منع التنقل بين المدن وحظر الاحتفالات داخل الفنادق والمطاعم.
"اعتدنا استقبال السنة الجديدة في مراكش، غير أن استمرار تفشي فيروس كورنا ومنع الاحتفالات سيجبرنا هذه السنة على البقاء في الدار البيضاء، لا أدري كيف ستكون الأجواء؟". تتسائل شيماء الأزرق في حديثها لـ"سكاي نيوز عربية" وتجيب: " أتوقع أن تكون الأجواء جيدة كذلك في الدارالبيضاء، غير أن الاحتفال برأس السنة في مدينة البهجة له طعم آخر".
ويفضل آلاف السياح من داخل وخارج المملكة توديع السنة الميلادية واستقبال أخرى، في أشهر المدن السياحية في المغرب مثل مراكش وأغادير، وهو ما يساعد على انتعاش الحركة السياحية بشكل كبير في البلد المغاربي الذي استقبل العام الماضي أزيد من 13 مليون سائح، بحسب أرقام رسمية لمرصد السياحة، و كان يراهن هذا العام على جدب 14 مليون سائح، قبل أن يتضرر القطاع بسبب تداعيات جائحة كورونا.
منع الاحتفالات
وتوقع المهنيون في القطاع السياحي، أن ينتعش النشاط السياحي خلال موسم الشتاء وبدرجة أكبر خلال نهاية العام الجاري، إلا أن توقعاتهم لم تصدق مع استمرار حالة الطوارئ الصحية في المغرب وتشديد الإجراءات الاحترازية لمنع انتشار فيروس كورونا المستجد.
في الإطار، يقول رئيس الفيدرالية الوطنية للصناعات الفندقية بالمغرب، لحسن زلماض، إن الاجراءات المتخدة من قبل السلطات تفاديا لانتشار عدى كورونا، من شأنها أن تزيد من استفحال الأزمة التي يمر بها أرباب الفنادق والتي انطلقت قبل 10 أشهر.
وفي الوقت ذاته شدد زلماض في تصريح لـ"سكاي نيوز عربية"، على "أهمية هذه الإجرءات في الحفاظ على صحة المواطنين، وضرورتها لتفادي سيناريو ما وقع في عطلة عيد الأضحى الماضي، حيث شكلت التجمعات العائلية خلال ذلك العيد سببا في ارتفاع عدد الإصابات بالفيروس في البلاد".
وأشار إلى أن "عدد من الحجوزات المسبقة داخل الفنادق قد تم إلغائها بسبب منع الاحتفالات ليلة رأس السنة، كما ألغت الفنادق برامجها الخاصة بهذه الفترة من السنة بعد توصلها بالقرار المتعلق بمنع الاحتفالات"، لافتا إلى أن المنشآت السياحية كانت تشهد خلال هذه الفترة من السنة، إقبالا منقطع النظير سواء من طرف المغاربة أو السياح الأجانب.
وأكد الفاعل في المجال السياحي، أن الوجهات السياحية في المملكة مثل مدينة مراكش، تعيش أزمة حقيقة تضررت على إثرها مختلف القطاعات والمهن التي لها علاقة بالنشاط السياحي.
وربط زلماض تعافي القطاع السياحي في المغرب، بنجاح عملية التلقيح في القضاء على الجائحة في المغرب وعبر العالم، وبضرورة الرفع من عدد الرحلات الدولية التي من شأنها السماح لعدد أكبر من السياح الأجانب بولوج البلاد.
إغلاق المطاعم
وإلى جانب الفنادق، من المتوقع أن تغلق المقاهي والمطاعم بدورها الأبواب أمام زبائن اعتادوا على تناول عشاء رأس السنة وسط أجواء احتفالية، ستغيب هذا العام، وذلك تفاديا لتسجيل أي موجة جديدة من فيروس كورونا المستجد.
رئيس الجمعية الوطنية لأرباب المقاهي والمطاعم بالمغرب نور الدين الحراق، أكد أن "مهنيي القطاع كانوا يعقدون الأمل على الإقبال الذي تعرفه المقاهي والمطاعم خلال هذه الفترة، لتعويض جزء من الخسائر المالية التي تكبدوها منذ شهر مارس الماضي بسبب الإغلاق".
يتابع الحراق في تصريح لـ"سكاي نيوز عربية"، " تشهد المطاعم ليلة رأس السنة إقبالا كبيرا مقارنة مع باقي أيام العام، حيث يتم تقدم عروض خاصة و أنشطة متنوعة، بهدف جدب الزبائن ومضاعفة عدد الحجوزات خلال هذه المناسبة".
هي سنة استثنائية يقول الحراق، ويضيف: "هذا الظرف الاستثنائي لهذه السنة، فرض إغلاق المطاعم في بعض المدن عند بداية الساعة الثامنة مساءا، وفرض حجرا صحيا ليلي وهو ما لا يسمح باستقبال الزبناء".
وعلى الرغم من مجهودات المملكة لإنعاش السياحة الداخلية، عبر تشجيع المغاربة على السفر، و فتح المجال الجوي أمام الرحلات الدولية لاستقبال السياح الأجانب، إلا أن القطاع السياحي في البلاد، الذي يشكل حوالي 10 بالمئة من الناتج الداخلي الخام، لازال يواجه أزمة غير مسبوقة.
وسجلت إيرادات السياحة في المغرب خلال الأشهر العشر الأولى من سنة 2020، تراجعا بنسبة 60.2 بالمئة، مقارنة مع الفترة ذاتها من العام الماضي وفق أرقام مكتب الصرف التابع لوزارة الإقتصاد والمالية.