قرب مبنى الكونغرس الأميركي في العاصمة واشنطن، ساحة مفروشة بالأعلام البيضاء، واحد لكل ضحية، من بين أكثر من 271 ألف شخص توفوا في البلاد بسبب فيروس كورونا المستجد.
وحولت الأعلام البيضاء الصغيرة، رقعة خضراء مستطيلة على بعد ميلين من مبنى "الكابيتول"، إلى مساحة فنية، تتحرك مع النسيم.
علم واحد لكل روح ضاعت، هي فكرة الفنانة الأميركية سوزان برينان فيرستنبرغ، التي قالت إن شرارة المشروع جاءت من مصدر غير متوقع: نائب حاكم ولاية تكساس، دان باتريك.
وأضافت فيرستنبرغ في حديث مع موقع "سكاي نيوز عربية": "عندما اقترح حاكم ولاية تكساس على كبار السن أن يكونوا مستعدين للمخاطرة بحياتهم والموت من أجل الاقتصاد، كان ذلك مرعبا بالنسبة لي".
تتذكر فيرستنبرغ، البالغة من العمر 61 عاما، والتي كانت متطوعة في رعاية المسنين لمدة 25 عاما، رد فعلها على تصريحات باتريك، بالقول: "لقد شعرت بالذهول. لم أكن أتخيل أن أضحي بوالدتي من أجل الاقتصاد!". وتعيش والدة فيرستنبرغ البالغة من العمر 86 عاما، بمفردها في ولاية ساوث داكوتا.
وتوضخ فيرستنبرغ، وهي نحاتة، أنها منذ المرة الأولى التي سمعت فيها باتريك شعرت بأن "لديها مهمة"، مشيرة إلى أنها عرفت بأنها ستستخدم فنها بطريقة ما".
لم تكن فكرة استخدام الأعلام الأميركية ممكنة في عام الانتخابات، نظرا لارتفاع الطلب عليها، لذلك اختارت فيرستنبرغ أعلام تنسيق الحدائق البيضاء، والتي تكلف أقل من 10 سنتات لكل منها.
والنتيجة هي مشروع فني عام قصير المدى، ممول ذاتيا إلى حد كبير، بعنوان "في أميركا، كيف يمكن أن يحدث هذا؟".
وتلفت فيرستنبرغ خلال حديثها لموقع سكاي نيوز عربية، إلى أن المشروع "وبعد أن امتلأ المكان بالأعلام ولم يعد يتسع للمزيد، سيتحول إلى نسخة إلكترونية، ليتمكن أقارب الضحايا من الدخول إلى موقع النصب التذكاري، وإضافة علم أبيض إليه مع معلومات عن المتوفى".
إدنا بون، تعمل في مجال الرعاية الصحية، متطوعة في المشروع منذ بدايته، قالت لموقع "سكاي نيوز عربية"، إن "الهدف من النصب هو توعية الناس إلى خطورة الجائحة، وتجسيد العدد الهائل من ضحايا الفيروس في الولايات المتحدة، فكل علم يمثل شخصا توفي بسبب كوفيد-19 ويفتقده أهله وأحباؤه".
النصب، الذي بدأ تنفيذه في 23 أكتوبر، أقيم على أرض فدرالية مؤجرة إلى حكومة مقاطعة كولومبيا. وعند مدخل الموقع، توجد لوحة إعلانية تحمل عنوان المشروع، بالإضافة إلى عدد وفيات كورونا الكبير، ويتم تغييرها (اللوحة) يوميا لمواكبة عدد الضحايا.