نجح الفتى التونسي أمير الفهري، في أن يحجز لنفسه مكانا بين نوابغ العالم، بفضل ذكائه الفطري والإنجازات التي حققها رغم صغر سنه، ليشكل نموذجا يحتذى به.

أمير الفهري، شاب تونسي عاش طفولته متنقلا بين المدن التونسية بحكم عمل والده، إلى أن انتقل إلى مدينة ستراسبورغ الفرنسية عام 2012، حيث عانى من التنمر في المدرسة، لكنه نقل تجربته في كتاب ترشح لجائزة نوبل للآداب.

والتحق النابغة التونسي بكلية الطب في باريس عن سن لا يتعدى 16 عاما، ويتقن أيضا 7 لغات إلى جانب العربية، وهي الكردية والفرنسية والإنجليزية والصينية واللاتينية والألمانية، ويشارك في منتديات دولية حول الطفولة، خاصة قضايا الأطفال الفقراء واللاجئين والمحرومين من التعليم وضحايا العنف والصراعات.

ويقول ابن مدينة سوسة التونسية لموقع "سكاي نيوز عربية": "تنقلي بين المدن خلال طفولتي مكنني من العيش في أوساط اجتماعية وثقافية مختلفة، لكن أكبر تغيير عايشته كان عندما انتقلنا إلى مدينة ستراسبورغ في فرنسا".

وبقلب يملأه الاشتياق والحنين إلى الوطن، حاول الفهري وحيد والديه (من أب تونسي وأم عراقية)، أن يندمج في المجتمع الفرنسي دون أن يغير من قيمه ومبادئه وتقاليده.

وفي هذا الصدد قال: "واجهت صعوبات كثيرة إلى أن استطعت أن أعيش أجمل سنوات عمري في فرنسا دون أن تمس هويتي التونسية والعربية، فهمت أن أساس التعايش هو تقبل الآخر باختلافه، والاستفادة من إيجابيات ثقافته وترك سلبياتها".

تألق في الهواية والدراسة

واستطاع الفتى التونسي أن يوفق بين هواياته ودراسته، فتميز في الاثنين، إذ كان يمارس السباحة منذ سن الثالثة وتأهل للمسابقات على المستوى الوطني التونسي، كما حصل خلال سنتين متتاليتين على الجائزة الأولى في الحساب الذهني، في مسابقة سباق الأرقام المبرمجة من قبل وزارة التعليم الفرنسية.

وفي الشق الدراسي، يوضح الفهري أن حياته كانت دائما مليئة بالتحديات التي شبهها بالوقود المحفز على النجاح، موضحا: "كنت أريد أن أحقق إنجازات كبيرة في حياتي، وعندما انتقلت مباشرة من السنة الثالثة ابتدائي إلى السنة الخامسة بقرار استثنائي من وزير التربية الوطنية التونسي الأسبق، عرفت أن لدي طاقة كبيرة يجب أن أستفيد منها، وأستغلها في الكتابة والسفر والاكتشاف".

لم تكن قفزة هذا الشاب من فصل دراسي لآخر يتيمة، فقد استطاع فعلها مرة أخرى في فرنسا، حيث مر مباشرة من السنة السابعة إلى السنة التاسعة في مرحلة الإعدادي.

كما لم يكن غريبا على ابن سوسة أن يحصل على شهادة البكالوريا في شعبة العلوم مع مرتبة الشرف، في سن لا يتجاوز 16 عاما، مما أهله للالتحاق بكلية الطب.

أخبار ذات صلة

طفل مغربي يبتكر نظارة للحماية من عدوى كورونا
الفلسطيني جويعد.. "الطفل النابغة"

"المستحيل موش التونسي".. مثل يعتز به الفهري ويسير على نهجه، وقال في هذا الشأن: "أتذكر ساعات المذاكرة الطوال على ألحان الأغاني العربية الأصيلة التي كانت تشحنني بالطاقة والحيوية. وعندما حصلت على البكالوريا لم يتوقع أحد أنني سأختار كلية الطب،  لأنني عاشق للكتابة والأدب، لكن كنت دائما أقول أن أول دروس الطب هو حسن التعامل مع المريض، وبناء الثقة التي تعتبر من أساسيات العلاج، وأظن أن ميولي الأدبية ستساعدني في زرع الاطمئنان في قلب المريض".

جوائز أدبية ومناصب ثقافية كبيرة

هذه الميول الأدبية لم يبقها طالب الطب في خانة الهواية، فقد قدم كتابا عبارة عن سيرة ذاتية حول التنمر في المدارس باللغة الفرنسية بعنوان "تحرش"، وقد حقق نجاحا كبيرا، وأصبح أكثر الكتب مبيعا على مستوى الجمهورية التونسية، كما تم ترشيحه رسميا لجائزة نوبل للآداب.

وتلقى وهو في السابعة من عمره، رسالة تشجيع من الرئيس الفرنسي الأسبق فرانسوا هولاند، بسبب نشره أول كتاب له باللغة الفرنسية بعوان "قصص أمير"، بالإضافة إلى إصداره كتابا باللغة العربية يحمل عنوان "بين النمور".

وتُوجت كتابات الفهري بجوائز أدبية دولية تعدت 25 جائزة، من بينها جائزة الأديب الصغير من الألكسو عام 2013، وجائزة الشعر في "مسابقة حبر حي العالمية" التي تنظم في فرنسا، عام 2016، وكذلك على جائزتي "الخلق الأدبي" و"سباق الأرقام" عامي 2015 و2016.

وإلى جانب هذه الجوائز، تقلد الشاب النابغة منصب سفير المبدع العربي لدى المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم في أغسطس الماضي.

وعن هذه التجربة يقول: "كنت فخورا جدا بهذا المنصب، وزاد فخري واعتزازي بعد دعوتي إلى قصر قرطاج حيث استقبلني رئيس الجمهورية قيس سعيد. وعند تقديمي لفخامته نسخة من أوراق اعتمادي كسفير للمنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم، وعدته بأنني سأبذل كل جهدي حتى لا يتعرض أي طفل في بلادي الغالية تونس للتنمر".

وفي إطار هذا المنصب، قام الفهري خلال الأسابيع الماضية كذلك بزيارة رسمية لجزر تاهيتي، واتفق مع عدد من وزراء الدولة على برمجة ملتقى عالمي لشباب المحيط الهادي في 21 مايو المقبل.

وبالإضافة إلى هذا المنصب الثقافي، تم تعيين الفهري السنة الماضية من قبل الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، ممثلا للفرنكوفونية في العالم.

مشاريع قيد التحقيق

وفيما يخص مشروعه المستقبلي، يعمل الفهري على افتتاح أول مدرسة دولية في قلب مخيمات اللاجئين بمدينة الموصل العراقية، التي زارها السنة الماضية، بدعم أوروبي، ليتمكن الأطفال من الحصول على شهادات معترف بها في كافة الدول.

كما يود تقديم "أعمال معبرة عن أحلام وأماني كل الشباب العربي، تحمل رسالة سلام وتدعو إلى تجاوز كل الصعوبات، ونشر قيم التسامح وقبول الآخر والتعايش السلمي، مع العمل على مكافحة هجرة الأدمغة العربية".