أعادت حادثة اغتصاب وقتل وإحراق الجزائرية شيماء البالغة من العمر 18 عاما، الحديث مجددا عن إعادة تفعيل عقوبة الإعدام وخصوصا بحق مرتكبي الاعتداءات على الأطفال والقصّر.
وعثر على جثة شيماء، الأحد، في محطة مهجورة للوقود بمدينة الثنية بولاية بومرداس، شرقي الجزائر العاصمة.
وحسب التحقيقات الأولية، فإنه سبق للضحية أن تقدمت بشكوى ضد مرتكب الجريمة بتهمة الاغتصاب عام 2016، حين كانت تبلغ من العمر 14 عاما فقط، وقد ظلّت القضية تراوح مكانها، وقد عاد المجرم إلى فعلته وقام باختطاف شيماء من أمام بيتها مستخدما السلاح الأبيض واغتصبها، ثم أحرق جثتها، وفرّ هاربا.
ووجهت والدة الضحية رسالة إلى الرئيس عبد المجيد تبون لتنفيذ عقوبة الإعدام والقصاص لابنتها، وقالت في فيديو نشرته عبر مواقع التواصل الاجتماعي إنها تعرف المجرم، وقد سبق لها أن تقدمت بشكوى ضده قبل سنوات بتهمة التحرش بابنتها.
ولاقت رسالة أم الضحية تضامنا واسعا، وتعالت الأصوات التي تطالب السلطات الجزائرية بتوفير المزيد من الإجراءات لحماية الأطفال من الاختطاف، لا سيما عبر تغليظ العقوبات وخاصة عقوبة الإعدام، علما أنه يوجد في الجزائر 5 ملايين طفل تقلّ أعمارهم عن 5 أعوام، و13 مليون طفل دون 18 عاما.
وتعليقا على الدعوات المطالبة بإعادة تفعيل عقوبة الإعدام في الجزائر، قال المحامي والناشط الحقوقي عبد الرحمن بن صالح لموقع "سكاي نيوز عربية" إن تعليق عقوبة الإعدام كان في عام 1993، ولم تتم إعادة تطبيقها رغم الجرائم التي شهدتها البلاد في تسعينيات القرن الماضي.
وأشار بن صالح إلى أن إحصائيات مصالح الأمن في السنة الماضية كشفت عن تسجيل 192 حالة اعتداء يومية على نساء، مبينا أن حالات الاعتداء الجنسي تتطلب علاجا نفسيا وإجراء دراسات اجتماعية تبحث في جذور هذه الظاهرة، في حين يتمثل دور القانون في العقاب.
وفيما يتعلق بكون الإجراءات المعتمدة في الجزائر للقضاء على هذه الظاهرة الخطيرة تركز على الردع الأمني دون أي إجراءات مصاحبة تستهدف الأطفال وأسر الضحايا، أوضح بن صالح: "تحاول الدولة أن تتطور في هذا المجال إذ شهدنا مراكز نداء تتولى مهمة تقديم المساعدة الأولية للأطفال وأسرهم ضحايا الاعتداءات مثل مركز ندى، كما أن هناك دعم للمجتمع المدني العامل في قطاع حقوق الأطفال وذوي الإعاقة والفئات الهشّة المعرضة للاعتداءات، بالإضافة إلى وجود وزارة كاملة مخصصة لهذا الأمر".
وحول ما إذا كان ما ينقص الجزائر اليوم ليس سن القوانين الجديدة، وإنما تفعيل النصوص القانونية الموجودة فيما يتعلق بمثل هذه الجرائم، بيّن بن صالح أن النصوص كافية، مضيفا: "القانون الجزائري منذ عام 1966 أقرّ قانون العقوبات الذي يفرض عقوبة الإعدام على جرائم الاغتصاب والخطف التي تنتهي بالوفاة، ويعاقب بالسجن المؤقت إذا لم تنتهي الجريمة بالوفاة، ويحكم بالسجن المؤبد إن كانت الجريمة مصاحبة لإحداث عاهة مستديمة أو فعل تعذيب".
وشدّد المحامي والناشط الحقوقي على أنه لا توجد مشكلة في النصوص القانونية، وإنما يتوجب دراسة الظاهرة لعلاجها من الجذور أو على الأقل التقليل منها.
وتسجل الجزائر سنويا بحسب الشبكة الجزائرية للدفاع عن حقوق الطفل، أكثر من 9 آلاف حادث اعتداء جنسي سنويا، تشمل زنا المحارم والاغتصاب والتعنيف الجنسي والحالات المتعلقة بالاختطاف، وقد أحصت البلاد هذه السنة 13 حالة اختطاف للأطفال خلال العام الجاري، دون تسجيل أي ضحية.
ويتضمن القانون الجزائري نحو 18 جريمة يعاقب عليها بالإعدام، جميعها تتعلق بإزهاق الروح البشرية، بينما تنص المادة 293 مكرر من قانون العقوبات على أن عقوبة جريمة الاختطاف تتراوح ما بين 10 إلى 20 سنة سجنا، وقد تصل إلى الإعدام، إذا مات الشخص المختطف.
وفي خطوة جديدة نحو وضع حد لمثل هذه الجرائم، سنّت وزارة العدل، بأمر من الرئيس الجزائري مشروع قانون خاصا، يتضمن تشديد العقوبات على مختطفي الأطفال.
وينص القانون الجديد على عقوبة المؤبد للذين يختطفون أطفالا ويعثر عليهم سالمين، فيما تصل العقوبة إلى الإعدام في حال قتل الأطفال والتنكيل بجثثهم.
وشهدت الجزائر ارتفاعا ملحوظا في معدل جرائم اختطاف الأطفال الذي استفحل مؤخرا، لاسيما في عامي 2011 و2012.
وفي عام 2014 تم تسجيل 220 محاولة اختطاف لأطفال، وبلغ الرقم 52 حالة عام 2016، ونجحت الجهود الأمنية في استعادة معظمهم، بينما عثر على 7 منهم مقتولين.
أصوات معارضة
ويرى معارضو تطبيق عقوبة الإعدام في الجزائر أن عقوبة السجن المؤبد أشدّ من الإعدام، كما أن هذه العقوبة لم تثن مختطفي ومغتصبي الأطفال في العديد من الدول، حيث تواصلت الجرائم من هذا النوع فيها رغم تغليظ العقوبات.
ويعتقد مراقبون أن تتجه الجزائر إلى تطبيق عقوبة الإعدام على نطاق ضيق استجابة للمطلب الشعبي الذي ينادي بها، رغم أن هذه العقوبة قد تشفي غليل ذوي الحقوق وليست حلا لمشكلة اجتماعية تفاقمت مؤخرا.
ويذهب فريق إلى الاعتقاد بأن وضع حد لهذه الظاهرة المتعلقة باختطاف الأطفال لا يكون فقط من خلال التشديد على آليات الردع وإنما من خلال التكثيف في إجراءات حماية الطفل، وإعداد خطة وطنية للتدخل العاجل في حال وقوع حالة من حالات الاختطاف.