بعد مرور أسابيع على انطلاق الموسم الدراسي في المغرب، أغلقت عدد من المدارس أبوابها في مناطق مختلفة، بسبب تسجيل حالات إصابات بفيروس كورونا المستجد "كوفيد-19" في صفوف أساتذة و تلاميذ داخل هذه المؤسسات التعليمية.
وقبيل انطلاق الدراسة في السابع من سبتمبر، نبه عدد من الخبراء في التعليم ونقابيون إلى خطورة اعتماد صيغة التعليم الحضوري، وطالبوا بضرورة تأجيل الموسم الدراسي، على أمل أن تتحسن الحالة الوبائية في البلاد، مطلع السنة المقبلة.
وذهب النقابيون إلى حد المطالبة باعتماد سنة بيضاء حال استمر عداد كورونا في الارتفاع مع حلول شهر يناير 2021، إذ أنهم لا يحبذون التعليم عن بعد نظرا لعدم توفر شروط نجاحه حسبهم.
وفي مدينة الدار البيضاء، التي تسجل أعلى نسب للإصابات بفيروس كورونا، منع للأسبوع الثالث على التوالي التعليم الحضوري و لم تفتح المدارس أبوابها في هذه المدينة منذ بداية السنة الدراسية الجديدة.
هل جازف المغرب باعتماد التعليم الحضوري؟
منحت وزارة التربية الوطنية المغربية صلاحية الاختيار بين التعليم الحضوري والتعليم عن بعد لأولياء الأمور، فكانت النتيجة أن اختارت 80 بالمئة من الأسر التعليم الحضوري كصيغة أنسب لتعلم أبنائها.
اختيار هذه النسبة الكبيرة من الآباء التعليم الحضوري حسب عبد الغاني الراقي الكاتب العام للنقابة الوطنية للتعليم، يؤكد فشل التعليم عن بعد، الذي لا يمكن أن يعوض التعليم الحضوري، كما أن عدم إدراج المواد التي درست عن بعد في الموسم الدراسي المنصرم ضمن الامتحانات والاكتفاء فقط بدروس التعليم الحضوري قبل توقف الدراسة شهر مارس المنصرم، تؤكد أيضا فشل التعليم عن بعد يضيف الراقي.
ويعلل الراقي، في حديثه لموقع "سكاي نيوز عربية" فشل التعليم عن بعد وتفضيل أولياء الأمور للتعليم الحضوري، إلى الوضيعة المادية لبعض الأسر خاصة مع ظروف الجائحة، إذ يجد بعض الآباء صعوبة في دفع ثمن خدمة الإنترنت، واقتناء حواسب أو هواتف ذكية تساعد أبنائهم على الدراسة من البيت، خاصة في المناطق القروية.
واعتبر الراقي، أن التعليم الحضوري هو الخيار الصائب مع ضرورة توفير شروط السلامة الصحية داخل المؤسسات التعليمة، وفي حال عدم وجود تلك الشروط فإن الحل البديل ليس هو التعليم عن بعد، بل تأجيل الدخول المدرسي، وإن اقتضت الضرورة الاعلان عن سنة بيضاء حسب تطور الوضع الوبائي المرتبط بجائحة كورونا.
تأثير الظرفية على التحصيل الدراسي
سبق لوزارة التربية الوطنية المغربية أن رفضت خيار تأجيل الموسم الدراسي أو الاعلان عن "سنة بيضاء"، في ظل وجود دراسات تشير إلى تقلص نسبة التعلم لدى التلاميذ خلال التوقف الطويل عن الدراسة، ففي فترة الصيف فقط يساهم التوقف عن الدراسة في نقص التحصيل الدراسي لدى التلاميذ بنسة 30 بالمئة.
في المقابل، يؤكد نور الدين عكوري، رئيس الفيدرالية الوطنية لجمعيات آباء وأولياء التلاميذ بالمغرب، وجود إكراهات فرضتها الظرفية الحالية، سواء على من اختيار التعليم الحضوري أو عن بعد، من شأنها أن تؤثر على التحصيل الدراسي للتلاميذ.
ويقول عكوري لـ"سكاي نيوز عربية" إن هذه الوضعية فرضت على الآباء القبول بأنصاف الحلول وهو التعليم بالتناوب بالنسبة لمن اختار التعليم الحضوري، عبر تقسيم التلاميذ داخل المدارس إلى أفواج، و بالتناوب يدرس الفوج الاول حضوريا فيما يستفيد الثاني من التعليم عن بعد عن طريق التعليم الذاتي وذلك تفاديا للاكتظاظ داخل الأقسام.
ولفت عكوري، إلى أن إجراءات السلامة الصحية التي قامت بها وزارة التربية الوطنية، من شأنها أن تحفظ سلامة وصحة التلميذات والتلاميذ خلال هذه الفترة.
مدارس مغلقة حتى إشعار آخر
وتسجل مدينة الدار البيضاء أعلى معدلات إصابات بفيروس كورونا في المغرب،حيث وصل عدد الإصبات اليومية حاجز الـ900 ، وهو ما دفع الحكومة، الجمعة، إلى اتخاذ قرار تمديد اغلاق منافذها ومؤسساتها التعليمية على مدى أسبوعين خوفا في انتشار العدوى وسط التلاميذ.
ويأتي قرار إغلاق مدارس الدار البيضاء واعتماد نظام التعليم عن بعد، ليجنب حسب مراقبين المدينة من الوقوع في كارثة صحية، بسبب احتمال انتشار عدوى كورونا بين التلاميذ وداخل محيطهم الأسري، وهو ما سيساهم في انفلات وتدهور الوضع الصحي بشكل أكبير في المدينة المليونية.
وكان وزير الصحة المغربي، خالد آيت، طالب قد أكد في وقت سابق أن الدار البيضاء تقف أمام خطر استفحال الوضعية الوبائية، وشدد على ضرورة اتخاذ إجراءات وتدابير صارمة لتفادي خروج الامور عن السيطرة، وتمكن المنظومة الصحية من التكفل بحالات الإصابة على نحو ملائم.
ويشهد الوضع الوبائي في المغرب تصاعدا حيث سجلت في الأيام الأخيرة أرقام مقلقة، وأعلنت وزارة الصحة، الجمعة، عن أعلى عدد إصابات يومي بفيروس كورونا منذ تسجيل أول إصابة في 2 من مارس المنصرم، وهو 2760 حالة جديدة، بينها 793 إصابة في الدار البيضاء.