كسر الحوار الليبي وما واكبه من تغطية صحفية، حالة غير مسبوقة من الملل والركود يعيشها هذا الصيف منتجع بوزنيقة، بعد إغلاق شواطئه ضمن الإجراءات التي تتخذها السلطات المغربية لمواجهة جائحة كورونا.
وقد عبر الفرقاء الليبيون منتجع الصخيرات الذي احتضن لقاءاتهم قبل 5 سنوات، ليحطوا الرحال في بوزنيقة، التي تعد من المنتجعات الممتدة على الشريط الساحلي بين الرباط والدار البيضاء.
بوزنيقة بين المدينة والقرية
تقف بوزنيقة على عوالم الحضارة، حيث تجمع بين ملامح التمدن والبداوة، تطالعك في مدخلها الفواكه والخضر المعروضة بعناية من السكان المحليين، الذين ينتفعون بما تقدمه الأراضي في المنطقة.
وتجذبك وأنت متوغل داخل المدينة رائحة الشواء التي تفوح من المطاعم الممتدة على شارع طويل، يستقبل يوميا أعدادا من الزائرين الذين يتوافدون من خارج المدينة، وتقدم المطاعم وجبات تختلف بين أصناف اللحوم والأسماك المشوية.
وبالابتعاد عن هذا الشارع التجاري، تبدأ ملامح الهدوء الذي يميز المنتجعات في الظهور، حيث تمتد الفنادق والنزل الصيفية المطلة على البحر.
ويضم منتجع بوزنيقة أحد أفضل الشواطئ المغربية، التي تعد قبلة سنوية لعشرات الآلاف من المصطافين.
وفي العادة، يعد فصل الصيف، مصدر دخل مهم لعدد من سكان المدينة التي تضم أزيد من 30 ألف نسمة، يعتمد كثير منهم على مهن السياحة لكسب العيش.
مركز للمؤتمرات
وحوار الفرقاء الليبيين، ليس أول لقاء ذا طابع سياسي تحتضنه المدينة، فعدد من الأحزاب المغربية تختار بوزنيقة لعقد مؤتمراتها الوطنية.
وتحضر المدينة بقوة في ذاكرة بعض الأحزاب، خاصة لدى حزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، أكبر حزب يساري مغربي، حيث صوت سكان المدينة لصالح مرشحيه لسنوات طويلة قبل أن تتحول بوزنيقة إلى "قلعة" لحزب الاستقلال (محافظ).
وما يساعد بوزنيقة على احتضانها للقاءات الكبرى، احتواؤها على واحد من أكبر المخيمات في المغرب، وهو مخيم مولاي رشيد الذي يحتضن مؤتمرات ومنتديات وطنية ودولية.
كما استقبلت المدينة على مدى العقود مخيمات صيفية للأطفال والشباب من مختلف انحاء المغرب.
التاريخ والجغرافيا
وترتبط المدينة بشبكة مواصلات قوية، أهمها السكة الحديدية وطريق السيارات، مما يسهل الوصول إليها.
وتاريخيا، كانت بوزنيقة أراض فلاحية ممتدة استوطنها سكان الجنوب الشرقي للمغرب، ويرجع تاريخ تأسيسها إلى عهد السلطان العلوي محمد بن عبد الرحمن في القرن التاسع عشر، الذي بنى بها قاعدة لجيوشه، هي قاعدة القصبة التي تحولت اليوم إلى قرية للصيادين ومعلم أثري بالمدينة.
وقد كانت بوزنيقة من ضمن المناطق التي اهتم بها المستعمر الفرنسي، نظرا لموقعها الاستراتيجي، وقد ساهم تشييد أقدم طريق وطنية على جنباتها، وهي الطريق الوطنية الرابطة بين العاصمة الرباط والدار البيضاء، في التوسع العمراني والنمو الديمغرافي للمدينة.