في محافظة كفر الشيخ شمالي مصر، اضطر عبدالخالق متولي إلى قضاء ساعات أطول داخل منزله خلال الشهور الماضية التزاما بساعات الحظر خلال مواجهة الحكومة لتفشي فيروس كورونا المستجد.
واستغل الشاب الثلاثيني تلك الفترة في ترميم علاقته الأسرية المُهددة، حيث نصحه البعض بالمشاركة في مبادرة "مودة" التي تسعى للحفاظ على كيان ناجح للعائلة المصرية، وهو ما ساهم في تحسن حياته الزوجية بعد تعثر دام لفترة طويلة.
وكان الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي كلف وزارة التضامن الاجتماعي في يوليو 2018، بتنفيذ مشروع لتأهيل المقبلين على الزواج والاهتمام ببناء أسرة مصرية متماسكة بعد ارتفاع حالات الطلاق، ليتم إطلاق مبادرة "مودة" في ديسمبر من العام الماضي.
وبحسب الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء- الجهاز الرسمي للإحصاء في مصر- فقد زادت معدلات الطلاق في عام 2018 عن 211 ألف حالة طلاق، مقارنة بنحو 65 ألف حالة في عام 2006.
يقول متولي بينما يحمل بين يديه طفله الرضيع، في حديثه لـ"سكاي نيوز عربية": لم تكن حياتي تخلو من المشاكل اليومية، دفعني ذلك إلى اللجوء لـ"مودة" عبر الإنترنت وهو ما ساهم في استقرار أسرتي خلال فترة صعبة.
حصل الشاب الذي يعمل في أحد المطاعم بمحافظته على عدد من المحاضرات بمنصة "مودة" على الإنترنت. ويوضح أنه تعلم الكثير من نصائح الفنانة الراحلة رجاء الجداوي وغيرها من الشخصيات العامة أو المتخصصة في الدين وعلم النفس والإدارة.
وبلغ عدد زوار المنصة منذ إطلاقها نحو مليون و517 ألف شخص- بحسب هايدي هويدي، مسؤول بمشروع "مودة" التي أشارت لـ"سكاي نيوز عربية" إلى اختيار الضيوف المتحدثين بناء على مجموعة من المعايير، مثل الخبرة والتخصص ومدى تأثيرهم على فئة الشباب المستهدفة بمصر.
وأوضحت هويدي أن المنصة صُممت بشكل يسمح للزوار بالتفاعل، شجع ذلك ما يقارب من 150 ألف شخص لمتابعة المحتوى التدريبي المكون من 19 مقطعا، يتراوح كلا منهم بين 3 و8 دقائق لسهولة وصول المعلومة إلى المشاركين.
تتابع راندا فارس، مدير مشروع "مودة" بوزارة التضامن الاجتماعي، عن كثب تطورات المبادرة الرئاسية حيث لاحظت زيادة معدلات التسجيل اليومي على المنصة خلال "كورونا" بنسبة 225%، حيث ينضم 1800 شخص جديد للاستفادة من المحتوى كما صرحت لـ"سكاي نيوز عربية".
وذكرت فارس بينما تُراجع أوراق خاصة بالمشروع، أن توقف الأنشطة على الأرض خلال الشهور الأولى للجائحة دفع الآلاف من المصريين للمشاركة في المبادرة من خلال المنصة ووسائل التواصل الاجتماعية الخاصة بـ"مودة".
كانت المبادرة قبل "كورونا" قد وصلت إلى آلاف الشباب من بينهم 75 ألف طالب وطالبة في 5 جامعات بالمحافظات الأكثر في معدلات الطلاق، وهم القاهرة وبورسعيد والإسكندرية، و36 ألف مجند بوزارتي الدفاع والداخلية بمصر، و2500 من المكلفين بالخدمة الاجتماعي في 8 محافظات مختلفة.
دفعت التطورات وزارة التضامن الاجتماعي بمصر إلى إطلاق تدريبات تفاعلية للمخطوبين والمتزوجين حديثا بالتعاون مع صندوق الأمم المتحدة للسكان، مطلع الشهر الحالي وتمتد حتى نهاية أغسطس القادم من العام الجاري.
تضيف فارس "حرصنا على حضور المخطوبين أو المتزوجين حديثًا سويا، وأن تُقدم المحاضرات عبر تطبيق "فيديو" متخصص لتلك النوعية من الجلسات، على أن تتناول الأبعاد الاجتماعية والنفسية والصحية في الحياة الأسرية.
داخل عيادته الطبية بوسط العاصمة، جلس الدكتور عمرو حسن، أستاذ مساعد النساء والتوليد بكلية الطب جامعة القاهرة أمام كاميرا حاسوبه الشخصي، ليُقدم محاضرة عن الجوانب الصحية في العلاقات الأسرية ضمن المبادرة الجديدة من "مودة".
ركز حسن-وفق حديثه لـ"سكاي نيوز عربية"-على نقاط يمكنها زعزعة استقرار العلاقات الأسرية في حالة عدم الاهتمام بها مثل إهمال النصائح الطبية قبل الزواج، المنافع الصحية لتنظيم الأسرة والمباعدة بين الولادات، ومساوئ الزواج المُبكر.
يقول الطبيب الثلاثيني إنه لاقى تفاعلًا من المشاركين في المحاضرة التي امتدت لأكثر من ساعتين، مؤكدا أن أكثر الأسئلة الشائعة دارت حول المعلومات المغلوطة الشائعة عن الصحة الإنجابية وتأجيل الحمل.
ينوي متولي التقدم لحضور تلك التدريبات رفقة زوجته بعد تحسن صحتها إذ خضعت لعملية ولادة منذ أيام، حيث سبق وأن قام بمشاركتها مشاهدة المحاضرات السابقة وهو ما ساهم في تحسين علاقتهما والانتباه لضرورة مساعدتها ودعمها لأنها تتحمل الكثير -بحسب تعبيره.
حكايات أخرى وصلت لمدير "مودة" بوزارة التضامن خلال عملها بالمشروع، إذ تروي "فارس" كيف استقبلوا رسالة من مصري يعيش في كندا كان على وشك الانفصال عن زوجته، لكنه تراجع عن القرار في اللحظة الأخيرة بعد انضمامه إلى "مودة".
ردود فعل مشابهة يتلقاها دكتور إيهاب فكري، محاضر في علوم الإدارة بـ"مودة" كما يؤكد لـ "سكاي نيوز عربية": نتلقى الشكر عن محاولاتنا لإنقاذ عائلات من التفتت، ومطالب بالاستمرار في تقديم مزيدا من المحاضرات.
ينوه فكري إلى حاجة الناس الدائمة لسماع صوت العقل والحفاظ على السلم المجتمعي وهو ما يمكن قياسه بمدى تفاعلهم مع المحتوى التدريبي بالمنصة، مشيرا إلى تخطي أحد الفيديوهات 12 مليون مشاهدة في وقت زمني قصير.
ما زالت الجهود مستمرة لتطوير المحتوى المُقدم بناء على تعليقات المشاركين في المبادرة -وفق هويدي- أو طرح موضوعات مهمة مثل العنف الأسري وتنفيذ تقيم نفسي للمقبلين على الزواج لقياس مدى جاهزيتهم للتجربة، فضلا عن اقتراحات من الرئيس المصري مثل قبول الآخر.
فيما تعمل وزارة التضامن الاجتماعي على تجهيز تدريبات جديدة متخصصة للمخطوبين سواء على الإنترنت أو من خلال ندوات بأحد النوادي، بجانب عودة النشاط في أنحاء مصر بالهيئات الشبابية باستهداف 12 محافظة جديدة-كما تؤكد فارس.