توفي الفنان الفكاهي المغربي، محمد بلحجام المعروف بلقب "الكريمي"، يوم السبت، عن 59 عاما، بعدما دخل إلى المستشفى في وقت سابق، من جراء إصابته بشكل بليغ في حادث سير، بمنطقة شيشاوة، وسط البلاد.
وأصيب الكريمي بجروح خطيرة في الرأس، يوم الجمعة، فيما كان راكبا على دراجة نارية، بعدما صدمته سيارة من نوع "بيك أب"، ونقل إلى مستشفى ابن طفيل في مدينة مراكش وهو في حالة حرجة.
ونعى متسخدمو المنصات الاجتماعية في المغرب، الفنان الراحل، مذكرين بمناقبه، مستذكرين كيف أدخل البهجة على قلوب كثيرين، على مدى سنوات طويلة، حتى وإن لم يحظ بنصيب في الأعمال التلفزيونية.
وإذا كان "الكريمي" قد عاد مجددا إلى الواجهة وشغل بال المغاربة، في هذا الظرف العصيب، فهو يجرُ وراءه مسارا طويلا من الفكاهة في أسواق المغرب وعدد من المناسبات الاجتماعية.
ويقول محبو الكريمي، إن الرجل قادر على انتزاع الضحكة من متابعيه بشكل ذكي، كما أنه يناقش عددًا من المواضيع ويكسر "التابوهات" حين يقدم الفرجة في إطار ما يعرف بـ"الحلقة" وهي تجمعات تلتئم في الأسواق أو الباحات حول شخص يؤدي عرضا أو يسلي الناس بالقصص والنوادر.
الفرجة في صيغتها الأقدم
قبل انتشار التلفزيون والسينما ومنصات التسلية الإلكترونية على نطاق واسع، ظل فنانو الحلقة بمثابة "مقدمي الفرجة والترفيه"، لاسيما في البوادي، لكن هذه العادة انحسرت إلى حد كبير، رغم تواصلها في عدد من مناطق المغرب.
ويجني هؤلاء الفكاهيون مداخيلهم مما يجود به المتفرجون، إذ يوقف الفنان عرضه بين الفينة والأخرى، حتى يقوم الحاضرون بالمساهمة، وفق ما يستطيعون.
ويحرص الكريمي على السخرية، من خلال التطرق إلى مختلف قضايا المجتمع، كما أنه يقترب بشكل فكاهي، من مواضيع ذات حساسية عالية، لكن الناس يتقبلون ما يصدر عنه بصدر رحب، وهنا تكمن فذاذة الكريمي، بحسب محبيه.
ولا يتوانى الفكاهي الشعبي مثلا عن إثارة مواضيع مثل الجنس، كما يتحدث أيضا عن التباهي في المجتمع وتغير العادات بين الأمس واليوم.
وتوجد مقاطع كثيرة للكريمي في موقع "يوتيوب"، لكن جودة التصوير ليست عالية، نظرا إلى ظروف تصويرها والمعدات البسيطة التي تستخدم في ذلك.
ولا تقف مواهب الكريمي عند هذا الحد، فهو بارع أيضا في تقليد الأصوات ومختلف الشخصيات، وينجح بذلك في تقمص عدد من الأدوار حتى وإن لم يخض تجربة التمثيل.
انحسار الحلقة
لم تعد الحلقة في المغرب تحظى باهتمام كبير، على غرار ما كانت تناله من اهتمام في الماضي، والسبب هو كثرة البدائل التي تقدم التسلية للناس.
ويتواصل هذا الشكل من الفرجة في أماكن سياحية معروفة في المغرب مثل باحة "جامع الفنا" في مدينة مراكش، أو في ساحة "الهديم" بمدينة مكناس.
موازاة مع ذلك، يستمر بعض الفكاهيين في تقديم الفرجة في الأسواق التي تقام بشكل أسبوع أو دوري، فضلا عن المناسبات الاجتماعية مثل الأعراس، لكن أغلب من يعملون في هذا المجال يشكون ضيق ذات اليد وانفضاض الناس من حولهم.
وإذا كان الكريمي وفكاهيون آخرون قد نجحوا في رسمة البسمة على وجوه المغاربة واستمالوا قلوبهم وإعجابهم، إلا أنهم لم يضمنوا موطئ قدم في الأعمال التلفزيونية التي تقدمُ بشكل سنوي، وسط انتقادات، فيما يظل فكاهيون شعبيون بعيدا عن الأضواء رغم مكانتهم المميزة لدى الجمهور.