أعادت التطورات والأحداث الأخيرة التي شهدتها الجزائر ذاكرة الفرنسيين، وتوجهوا مؤخرا لمتابعة عمل سينمائي ربما لم يتذكروه طويلا، وتحديدا إلى فيلم "معركة الجزائر".
ويبدو أن ما يحدث في الجزائر لا يزال يلقي بظلاله القاتمة على فرنسا، التي استعمرتها طوال 132 عاما، وحكمت البلاد بنظام الفصل العنصري، بحسب ما ذكرت صحيفة "الغارديان" البريطانية.
وفي تلك الحقبة، كان مليون مستوطن أوروبي غالبيتهم من الفرنسيين، أطلق عليهم لقب "الأقدام السوداء"، يحكمون نحو 9 ملايين جزائري ويتحكمون بهم.
ومساء الجمعة كان فيلم معركة الجزائر، يعرض في صالات السينما في العاصمة الفرنسية باريس، بينما كانت موسيقى الفيلم تعزف في لندن على يد نشطاء في مؤسسة "آسيان دوب فاونديشن".
ولا شك أن العلاقات والروابط التاريخية لا تزال قائمة بين جانبي البحر المتوسط، ناهيك عن وجود قرابة 4 ملايين فرنسي من أصول جزائرية في فرنسا، وهم مرتبطون ببلادهم، ولذلك فإن ما يحدث هناك سيجد صداه في فرنسا.
ولذلك ليس مستبعدا أن تجد اهتماما كبيرا من شريحة كبيرة من المجتمع الفرنسي تهتم بالتطورات في الجزائر، لكن المشاعر مختلطة بين مخاوف وترحيب لما آلت إليه الأوضاع.
وبالنسبة إلى الفرنسيين أو ذوي الأصول الجزائرية، وكذلك للجزائريين أنفسهم، فإن المرحلة المقبلة قد تكون صعبة إن لم تكن الأصعب في تاريخ الجزائر.
وفي باريس ولندن، أصبح فيلم "معركة الجزائر"، وهو فيلم جزائري تاريخي حربي أنتج عام 1966 بالأبيض والأسود، والموسيقى فجأة موضوعا غير متوقع للجزائريين وغيرهم.
وقال عضو جبهة التحرير الوطني، ياسف سعدي، الذي مثل في الفيلم ولعب دوره شخصيا "فقط بعد أن حققنا الانتصار بدأت الصعوبات الحقيقية".
والآن نجح الجزائريون في إجبار الرئيس عبد العزيز بوتفليقة (82 عاما) على التنحي بعد 20 عاما من الحكم، والآن كما بعد التحرير بدأ الجانب الصعب من المسألة، وهو تحقيق رغبات الشعب الحقيقية في التغيير السلمي والكامل للنظام الحاكم.
ويقول المسؤول في حركة التغيير الديمقراطي في الجزائر عمر كزويت، الذي نظمت حركته التظاهرات في الجزائر، إن الأحداث وصلت ارتداداتها إلى فرنسا.
وقال في تصريح لصحيفة "الأوبزيرفر" الفرنسية إن "الجزائريين موحدين بحقيقة أنه لا أمل لهم في النظام الحالي وهو يتوقع إلى التغيير".
وأضاف "ماذا نريد؟ نريد دولة تعطينا قادة مناسبين وأمل ومستقبل، وفوق كل شيء.. تعطينا الحرية.. أما ما لا نريده فهو أن نتعرض للخداع".
وحول فيلم "معركة الجزائر" فقد شارك في تأليفه وإخراجه غيلو بونتيكورفو، وشارك في بطولته براهيم حجاج (في دور علي لابوانت) وجان مارتن وياسف سعدي.
ويحكي الفيلم فترة من فترات كفاح الشعب الجزائري في العاصمة، أثناء ثورة التحرير الوطني الكبرى، كما يتناول واحدة من البطولات الشعبية ضد الاستعمار الفرنسي.
وحظي عرض الفيلم والموسيقي في باريس ولندن، على الترتيب، بإشادة كبيرة من الحضور، كما صفق الحضور مطولا في ختام العملين الفنيين.
الجدير بالذكر أنه عندما فاز الفيلم بجائزة الأسد الذهبي في مهرجان البندقية السينمائي عام 1966، خرج الوفد الفرنسي من الصالة احتجاجا.
وفي تلك الفتر، كان الأمر حساسا جدا من الناحية السياسة بالنسبة إلى فرنسا، التي ظلت تحظر عرض الفيلم في صالاتها حتى عام 1971.