تمكن الباحث المصري ماهر القاضي بمشاركة فريق علمي في جامعة كاليفورنيا الأميركية، من تطوير جيل جديد من البطاريات التي تعتمد على الزنك بدلا من الليثيوم، مما يمهد لطفرة في مجال الطاقة المتجددة، حسبما أكده الباحث لموقع "سكاي نيوز عربية".
القاضي عمل لعدة سنوات مع فريق ضخم في جامعة كالفورنيا، توصل إلى تعديل يقضي على المشاكل السابقة لاستخدام الزنك في البطاريات، ونشرت نتائج ابتكارهم في مجلة "أدفانسد ماتريالز" الأميركية، وهي من أهم المجلات العالمية في علوم المواد، ونشرت البحث على غلافها نظرا لأهميته.
وتحدث الباحث المصري لموقع "سكاي نيوز عربية" عن الابتكار، موضحا أنه "جيل جديد من البطاريات تعتمد على أيون الزنك الذي يعتبر أحد أهم الحلول البديلة والنظيفة لبطاريات الليثيوم، خاصة في مجال تخزين الطاقة".
وشرح القاضي أهمية الابتكار في نقاط قائلا:
- في آخر 200 سنة مرت البشرية بـ3 ثورات صناعية كانت سببا في تقدم المجتمعات، لكن ظهرت معها بعض السلبيات مثل اعتمادنا على الوقود الأحفوري من الفحم والبترول والغاز، الذي تسبب في زيادة ثاني أكسيد الكربون في الهواء لمستويات غير مسبوقة.
- تسبب ذلك في ظواهر بيئية متطرفة مثل ارتفاع متوسط درجة حرارة الأرض والجفاف والحرائق، ومن المؤسف أن مستويات الكربون مستمرة في الزيادة مع الممارسات الصناعية الحالية، وإذا استمر هذا النهج فهو يهدد مستقبل البشرية.
- أصبح الخيار الوحيد هو تحول البشرية من الاعتماد على الوقود الأحفوري من البترول والفحم والغاز إلى الطاقة النظيفة والمتجددة، وقد انتبه العالم لذلك وتم توقيع اتفاقية باريس للمناخ التي انضمت لها 196 دولة حتى الآن، بهدف الوصول إلى صفر انبعاثات كربونية من خلال الاعتماد على الطاقة المتجددة.
- لكن ظهرت مشكلة أخرى هي أن مصادر الطاقة المتجددة متقطعة، بمعنى أنه لو كنا نستخدم الطاقة الشمسية مثلا فلا يوجد إنتاج فترة الليل، نفس المبدأ ينطبق على طاقة الرياح فهي متقطعة أيضا.
- لكي نحافظ على القاعدة الأساسية في شبكات الكهرباء، وهو أن يكون معدل الإنتاج مساويا لمعدل الاستهلاك، ظهرت الحاجة إلى وسائل لتخزين الطاقة مثل البطاريات.
- التحول إلى الطاقات المتجددة يشمل إنتاج الكهرباء والصناعة وحتى وسائل المواصلات، أي أنه لا بد من استبدال سيارات الوقود التقليدية بالسيارات الكهربائية، وهنا تظهر أهمية البطاريات.
بطاريات الليثيوم ليست الحل
وقال القاضي إن أهم البطاريات الحالية هي بطاريات الليثيوم، لكن المخزون العالمي من الليثيوم تحت القشرة الأرضية لا يكفي البشرية للتحول من الاعتماد على الوقود الأحفوري من البترول والفحم والغاز إلى الطاقة النظيفة والمتجددة.
وتابع: "لذلك ظهرت الحاجة إلى بديل مثل الزنك بمخزونه الكبير الذي يقدر بحوالي 100 ضعف مخزون الليثيوم، لكن كانت المشكلة في صعوبة استخدام أقطاب الزنك في البطاريات نتيجة الترسيب العشوائي للزنك في البطارية، مما يؤدي إلى تكوين شجيرات صغيره أثناء الاستخدام تتسبب في تدهور أداء البطارية سريعا وتجعلها غير عملية".
الزنك خيار مثالي
ونوه الباحث المصري إلى أنه في البحث الجديد، استطاع مع الفريق العلمي إجراء تعديلات تسمح بالتحكم في معدل ترسيب الزنك، وتعمل على توزيع أيوناته بشكل متجانس على السطح.
وشرح القاضي أن "بما فعلناه نجحنا في منع تكوين الشجيرات التي تهدد شحن البطاريات، والأهم أن التصميم الجديد الذي توصلنا له يعمل على تسريع عملية شحن البطارية ويجعلها تتم في وقت قياسي".
وشدد على أن بطاريات الزنك آمنة تماما ولا تنفجر بعكس بطاريات الليثيوم، فضلا عن أن مخزون الزنك يكفي عملية التحول للطاقة المتجددة بالكامل، التي تستلزم جعل أكثر من مليار سيارة قي الشوارع على مستوى العالم تعمل بالكهرباء.
ويعمل القاضي حاليا أستاذا مساعدا في الكيمياء الحيوية بجامعة كاليفورنيا، علما أنه تخرج في جامعة القاهرة عام 2004 وحقق إنجازات علمية كبيرة في مجال البطاريات، حتى إن مجلة الجمعية الكيميائية الأميركية اختارته ضمن قائمة الموهوبين الـ12 في مجال الكيمياء لعام 2022، كما أنه حصل مؤخرا على جائزة مجلة "إنرجي ستوريدج ماتريالز" العلمية المرموقة.