من المتوقع أن تصبح الظواهر الجوية المتقلبة أكثر حدة في إفريقيا، حيث يؤدي انخفاض الأمطار وندرتها في عدد من دول القارة السمراء، مثل إثيوبيا وكينيا والصومال، إلى انحسار الغطاء النباتي ونفوق الحيوانات. دفع هذا الأمر الحكومة الإثيوبية إلى تكثيف العمل في زيادة الغطاء النباتي.
التغيرات المناخية أصبحت الشغل الشاغل لأغلب قادة وسكان العالم لما لها من تأثير على الحياة.
وضمن محاولاتها للحد من عوامل المناخ والاحتباس الحراري، بذلت الحكومة الاثيوبية جهدها للتوسع في الغابات، فضلا عن سن تشريعات تمنع قطع الأشجار.
ويشير المسؤول بقطاع الغابات في إثيوبيا تسفاي قاشا خلال حديثه لسكاي نيوز عربية: "تساعد الغابات في تخفيف التدهور البيئي في إثيوبيا وخفض انبعاثات الكربون حيث أن 60% من خفض انبعاثات الكربون يأتي من قطاع الغابات في إثيوبيا، ولهذا بدأنا في تقليص قطع الأشجار، بل صرنا نقوم بزراعتها، فنحن نعمل حاليا على تغطية مليوني هكتار".
ويمثل استخدام الاشجار كوقود واحداً من التحديات المطروحة أمام الحكومة والمهتمين بالبيئة، وهنا يقول خبير الزراعة الاثيوبي عمر طه: "إثيوبيا كانت مغطاة بنسبة 40% بالغابات ولكن القطع الجائر للأشجار ألحق أضرارا بالبيئة.. الحكومة تحاول استعادة الغابة للتقليل من انبعاثات ثاني أكسيد الكربون، وكذلك للحفاظ على الثروة الخضراء، فهنا تهطل كميات وافرة من الأمطار، لكن الجفاف ما زال يضرب مناطق مختلفة من البلاد".
الجفاف يظل أحد أسباب تراجع المساحات المغطاة بالغابات، وهو في الوقت ذاته يشجع السكان على قطع الأشجار وصناعة الفحم الذي يشكل مصدرا عيش لأعداد من القرويين.
وفي هذا السياق تدخل مساعي السلطات الإثيوبية للحد من اجتثاث الغابات ومنع القطع الجائر للأشجار، لكن المراقبين يقولون إن هذه الأهداف يرافقها هاجس تأمين مصادر دخل مستدامة للسكان المجاورين للغابة.
"البصمة الخضراء" في إثيوبيا
شرعت إثيوبيا في زراعة أكثر من 30 مليار شتلة، منذ عام 2019، ضمن جهودها الرامية إلى المساهمة في الحد من التغييرات المناخية ومخاطر الجفاف والاحتباس الحراري.
المشروع يفترض أن يكتمل بحلول عام 2025، ويتوقع أن يوفّر فرص عمل عديدة، من شأنها تقليل نسبة البطالة في البلاد.
ويقول أدفرس سيرقو مدير مشروع الارث الأخضر في إثيوبيا حول هذا الموضوع: "نسعى من خلال القيام بزراعة المليارات من الشتلات إلى صيانة التربة في بلادنا ومنطقة القرن الإفريقي للحفاظ على موروثنا الغابي وزيادة الغابات الطبيعية الحالية.. وبمبادرة الإرث الاخضر نقوم باستعادة النظام البيئي المتدهور بالحفاظ على التنوع البيولوجي، وبالتالي فإن مبادرة الإرث الأخضر تهدف أيضا إلى المساهمة في التخفيف من تغير المناخ والتكيف معه بعد أن أصبح الجفاف تحديا خطيرا للغاية في القرن الإفريقي وأيضا على مستوى العالم".
المشروع الذي تعتزم من خلاله الحكومة الإثيوبية الوصول إلى 50 مليار شتلة بحلول 2025 وفر فرص عمل لأكثر من 800 ألف شخص، ما يجعل الاهتمام بالمشروع من أولويات الدولة واهتمامات السكان.
وتضيف سميرة إيالو، وهي من المشاركين في زراعة الأشجار قائلة: "يعد مشروع البصمة الخضراء مشروعا حيويا، فنحن نقوم خلال هذه المرحلة بزراعة أكثر من 50 مليون شتلة، ليس فقط بغرض تحسين البيئة، وإنما أيضا للحصول على الخضار و الفاكهة في مواسم مختلفة وبالتالي يعتبر هذا النشاط هاما جدا بالنسبة إلينا لما يعود به من فوائد عديدة لنا إلى جانب كونه مشروعا وطنيا".
كما يجد المشروع دعما كبيرا في أقاليم البلاد المختلفة وسط إشادة منظمات بيئية بهذه الخطوة والتي تحاول من خلالها إثيوبيا الحد من التغيرات المناخية وتوفير البيئة الملائمة لملايين السكان.
خلال أعوام معدودة ستحدث البصمة الخضراء في إثيوبيا وفي المنطقة المجاورة بأسرها تحولا كبيرا في تحسين المناخ بعد أن عمدت إثيوبيا على زراعة اكثر من 30 مليار شتلة ضمن جهودها في التقليل من انبعاثات الكربون والاحتباس الحراري الذي يواجه العالم في كثير من المناطق.