بعد توصل عدة دراسات لفشل محاولات مكافحة تقنية الذكاء الاصطناعي في التزييف العميق للأصوات، تتصاعد المخاوف من زيادة مهولة في جرائم الاحتيال والنصب، وتعريض الأسر والحكومات لأزمات وخسائر هائلة.
يتوقع خبير في التحول الرقمي وأمن المعلومات في حديث لموقع "سكاي نيوز عربية"، أن يضطر البشر للعودة إلى الوسائل التقليدية والبدائية في التواصل في الأمور المهمة، للهروب من فخاخ تقليد أصواتهم، وأن تزييف الأصوات أصبح يحدث أيضا على مستوى القادة والرؤساء، كما حدث مع الرئيس الأميركي الأسبق، باراك أوباما.
عودة للطرق التقليدية
بشأن ما قد تواجهه البشرية في عصر "التزييف العميق" Deebfake، يقول خبير التحول الرقمي وأمن المعلومات، زياد عبدالتواب:
- التزييف العميق بدأ بصورة كبيرة منذ 2017 بظهور تزييف الأصوات ومقاطع الفيديو، واستخدمت بصورة كبيرة للابتزاز.
- هذا التزييف يستخدم أيضا على مستوى الرؤساء، حيث يتم نشر مقاطع فيديو لهم مفبركة تتضمن الإدلاء بتصريحات مغايرة لسياساتهم المعلنة؛ وذلك لتقليل ثقة المؤيدين لهم، وقد تؤدي إلى أزمات بين الدول.
- تقنية التزييف العميق على مستوى الصوت تستخدم أيضا في عمليات النصب والاحتيال، فهناك العديد من الوقائع التي شهدت احتيالا بصوت أحد أفراد الأسرة.
- درجة دقة تزييف الأصوات بهذه التقنية تصل أحيانا إلى 75%، وأيضا تعتمد على قدرة الشخص الآخر على التركيز في الصوت أو الانخداع في التزييف.
- الخطورة تكمن كذلك في أن البعض ليس لديه وعي بوجود تقنية "التزييف العميق"، وهو الأمر الذي يسهل الاحتيال عليهم.
- قد نضطر إلى العودة للطرق البدائية في حال إبلاغ رسائل حساسة وخطيرة، مثل إبلاغها وجها لوجه، خاصة أن بعض الأوامر الشفهية التي كان من الممكن أن تؤخذ عبر الهاتف أصبح مشكوكا فيها.
- هناك نداءات بوجوب وضع تشريعات صارمة لمواجهة هذه التقنية، وحاليا يتم استخدام التشريعات التقليدية المعمول بها؛ باعتبار أن "التزييف العميق" هو أحد سبل النصب والاحتيال وانتحال الشخصية.
- التزييف العميق أيضا لمقاطع الفيديو المفبركة جعلها أكثر دقة وحرفية، حتى حركة الشفاه تكون متزامنة تماما مع الصوت؛ لذلك فالوعي بهذه التقنية هو أهم سلاح لمواجهة مخاطرها.
قدرة على الخداع
توصلت دراسة لجامعة "كوليدج لندن" البريطانية، تم تداولها هذا الشهر، إلى أن تقنيات تزييف الأصوات بلغت درجة تمكنها من خداع البعض، مهما بلغت درجة تركيزهم مع الصوت.
فقد عرض الباحثون أصواتا مزيفة على 800 شخص مدربين على تمييز الصوت الحقيقي من المقلد، اكتشفوا 73% فقط من الأصوات المقلدة، بينما انخدعوا في النسبة الباقية.
ولبيان خطر تزييف الأصوات والفيديوهات، والمدى الذي قد تصل إليه، قام باحثون في جامعة واشنطن عام 2017، بنشر مقطع فيديو للرئيس الأميركي الأسبق، باراك أوباما، وهو يدلي بتصريحات، والكلمات متطابقة تماما مع صوته ومع حركة الشفتين، لكنها تصريحات زائفة.
اقتراحات للمواجهة
توقعت شركة "سايبر سكيوريتي فينشرز" (Cybersecurity Ventures) للبحوث أن تكبد الجرائم الإلكترونية الدول 8 تريليونات دولار هذا العام، وأن تتصاعد إلى 10.5 تريليون دولار بحلول 2025.
في 19 مايو 2023، نشر منتدى الاقتصاد العالمي على موقعه الإلكتروني تقريرا بعنوان: "كيف يمكننا مواجهة الارتفاع المقلق في استخدام التزييف العميق في الجرائم الإلكترونية؟"، جاء فيه:
- العالم يشهد ارتفاعا في التزييف العميق، وبين عامي 2019 و2020 زاد بنسبة 900%.
- متوقع استمرار الزيادة السنوات المقبلة، وقد يكون 90% من محتوى الإنترنت منشأ صناعيا بحلول عام 2026.
- في عام 2022، واجه 66% من المتخصصين في مجال الأمن السيبراني هجمات التزييف العميق داخل مؤسساتهم، مثل إرسال رسائل مزيفة لأصوات المديرين تطالب بطلبات عاجلة تخص تحويل أموال أو كشف معلومات مهمة.
- مواجهة هذه الجرائم تلزم زيادة الوعي بها، ومحو الأمية الإعلامية، وتعزيز التفكير النقدي والاعتبارات الأخلاقية، وتطوير برامج قادرة على كشف التزييف، ووضع قواعد دولية في هذا الصدد.