لحظة استثنائية مرت على فريق مركز "سلام لاب" العلمي بجامعة المنصورة، حينما تأكدوا أن الحفريات التي عثروا عليها منذ عام 2012 تعود إلى نوع جديد من الحيتان عاش قبل 41 مليون سنة في منطقة منخفض الفيوم.

وأطلق الفريق البحثي على الحوت الذي كان ملكا للبحار القديمة اسم "توتسيتس" تيمنا بالملك المصري "توت عنخ آمون" ونُشرت الورقة البحثية في دورية "كوميونيكيشن بيولوجي" الصادرة عن مؤسسة "نيتشر" العالمية.

وسرد عالم الحفريات المصري وقائد الفريق البحثي هشام سلام التفاصيل لموقع "سكاي نيوز عربية":

  • عثر محمد سامح، خبير إدارة التراث الطبيعي باليونيسكو على الحفريات منذ 11 عاما، وجاء إلى المركز في جامعة المنصورة في عام 2017 من أجل التعاون في التعرف على تفاصيل الحوت المجهول حينذاك.
  • الحفريات كانت مكونة من جمجمة وأسنان وفكين وأجزاء من عظم قاعدة اللسان والفقرة العنقية الأولى، واحتاجت إلى جهد طويل امتد لسنوات من أجل إزالة الأتربة وكافة الشوائب العالقة بها دون إلحاق الضرر بها.
  • خضعت الحفريات لخطوات علمية عديدة من أجل التعرف على كافة التفاصيل الممكنة عن ذلك الحوت، من بينها التعرض للأشعة المقطعية والدراسة المتأنية لجميع الأجزاء.
  • الفريق مكون من أعضاء الفريق العلمي بـ "سلام لاب" وهم محمد سامح و عبدالله جوهر وسناء السيد وهبة الدسوقي، الذين تحلو بالصبر والدقة على مدار سنوات للوصول إلى أفضل النتائج.
  • كان لدينا اعتقاد في بداية التجربة أن الحوت ينتمي إلى الحيتان البرمائية لكن مع الدراسة التشريحية والتوغل في القطاع الجيولوجي تبين انتمائه إلى الحيتان المائية.
  • عندما توصلنا إلى الحقائق الخاصة بالحوت كانت لحظة مثالية، مزيج من الفرحة والحماس، حيث تيقن كل عضو في الفريق البحثي أننا أمام إنجاز علمي كبير وحدث مهم في تاريخ تطور الحيتان.
الأجزاء المُكتشفة من حفريات الحوت "توتسيتس"

أقدم حوت مائي في أفريقيا

ويؤكد سلام أن "توتسيتس" هو أقدم حوت كامل المعيشة في المياه داخل إفريقيا وإحدى أقدم الحفريات المائية في العالم، ينتمي إلى عائلة حيتان الباسيلوصوريات وهم ملوك البحار القديمة التي تمثل أول مراحل المعيشة الكاملة للحيتان في الماء.

ويضيف سلام لموقع "سكاي نيوز عربية": "عاش الملك (توتسيتس) في بحر يسمى تيثيس واتضح خلال فحص أسنانه وفاته أثناء المرحلة الأخيرة من النمو، والتقط زميلنا عبدالله جوهر، مؤلف أساسي في الدراسة أوجه تشابه بينه و(توت عنخ آمون) فاقترح تسميته بهذا اللقب".

وأشار جوهر في الدراسة إلى أن إطلاق الاسم جاء تيمنا بالملك المصري الشهير "توت عنخ آمون" حيث مات الحوت في عمر الصبا أيضًا وكان ملكا للبحار القديمة حينذاك، فضلا عن الإعلان عن الكشف بالتزامن مع إحياء ذكرى اكتشاف مقبرة الملك الصغير قبل 100 عام.

 وبحسب الورقة البحثية العلمية، كان طول الحوت يصل لـ 2.5 أمتار فيما اقترب وزنه من 178 كغ، وكان "توتسيتس" قادرا على السباحة بكفاءة وربما الغوص لأعماق متفاوتة بما يشبه أحفاده من الدلافين اليوم، كما يؤكد محمد سامح، المؤلف الرئيسي للدراسة.

أخبار ذات صلة

رسائل تكشف: كيف أفلت ملياردير أميركي وابنه من مأساة الغواصة؟
لردع الغواصين في القرم.. روسيا تستعين بـ"أذكى حيوان بحري"
الفريق البحثي صاحب تسجيل الحوت "توتسيتس"

طفرة علمية

وأشارت جامعة المنصورة في بيان رسمي أن تلك الورقة البحثية تمثل طفرة علمية لعلماء الحفريات المصريين، حيث تعتبر الدراسة الثانية من نوعها التي يقود فيها فريق مصري وصف وتسمية جنس ونوع جديد من الحيتان. بعد أن ظل هذا العلم حكراً على علماء الدول المتقدمة لفترة طويلة.

وينوه سلام لموقع "سكاي نيوز عربية" أن هذا الكشف شهد لأول مرة مشاركة مصمم علمي مصري الذي انخرط في وضع الرسوم العلمية للقياسات والصفات التشريحية وهو الشاب أحمد مرسي، بعد أن كانت تُنفذ في السنوات الماضية على يد أجانب.

ويختتم قائد الفريق البحثي حديثه لموقع "سكاي نيوز عربية" قائلا: "نفتخر باكتشافاتنا الجديدة عن الحيتان، ونشر الورقة البحثية في واحدة من أبرز الدوريات العلمية في العالم بعد مراجعتها لمدة 8 شهور، ونسعى في الأيام المقبلة للتقدم إلى موسوعة غينيس للأرقام القياسية لتسجيل (توتسيتس)".