يعاني آباءُ أطفال مصابين بالتوحد في تونس، عراقيل تعيق دخول أبنائهم إلى المدارس الحكومية.

ويضطر أهالي هؤلاء الأطفال إلى وضعهم في مراكز مختصة غير مراقبة، تكون في الكثير من الأحيان سبباً في تدهور الحالة الصحية والنفسية للطفل، كما تفرض هذه المراكز، مبالغ مجحفة على الأهل ممّا يعمق هذه الأزمة.

فالحق في التعليم في تونس مكفول للجميع وذلك استنادا إلى المشرع التونسي والاتفاقيات الدولية التي وقعتها الدولة التونسية، لكن يظلّ هذا الحق من الناحية العملية حكرا على فئة معيّنة من الأطفال، إذ يجد الأطفال المصابون بالتوحد اليوم أنفسهم غير قادرين على النفاذ إلى المدارس العامة، وهو ما يبرهن حالة العجز حيال إدماج الأطفال المصابين بالتوحد في المنظومة التربويّة، حيث يرجع هذا الإقصاء في المقام الأول إلى الفراغ التشريعيّ.

عراقيل وتحديات

معضلة يعاني منها العديد من الأولياء الذين يضطرون في هذه الحالة إلى وضع أبنائهم في مراكز مختصة غير مراقبة تكون في الكثير من الأحيان سببا في تدهور الحالة الصحية والنفسية لطفل التوحد، كما تفرض هذه المراكز مبالغ مجحفة على الأهل ممّا يعمق هذه الأزمة.

وينصّ الدستور التونسي على الحقّ في التعليم العمومي المجاني بكامل مراحله لكافة الفئات الاجتماعية، غير أنّ واقع الطفل محمّد المصاب بالتوحد مغاير تماما، فرغم عمره البالغ 13 عاما، فإنه لم يسبق له أن استفاد من التعليم كبقية أترابه، نظرا للعديد من التعقيدات الإجرائية والقانونية.

وقد قالت إنصاف نصر، والدة طفل مصاب بالتوحد: "ابني من ذوي الاحتياجات الخاصة ويعاني من التوحد، أواجه العديد من الصعوبات في إدماجه في المدارس العموميّة، كما لا أستطيع في الوضع الحالي تأمين المصاريف المجحفة للمراكز الخاصة، لأن الوضع الصعب جدا وأنا أصبحت عاجزة حتى على تأمين حصص تقويم النطق لابني".

فمعاناة أولياء أمور الأطفال المصابين بالتوحد دفعت الكثير منهم للتوجه لجميع الوزارات والمؤسسات المعنية بالطفولة من أجل التدخل العاجل لإيجاد حلول لفلذات أكبادهم.

وفي هذا الإطار بين إبراهيم الريحاني، مستشار لدى قاضي الأطفال: "من المؤكد أن واقع أطفال التوحد يواجه العديد من التحديات لكن أيضا هناك مجهودات حثيثة من العديد من الأطراف سواء من المؤسسات وهياكل الدولة ورئاسة الجمهورية ووزارة المرأة أيضا والمجتمع المدني للنهوض للرقي بواقع هؤلاء، اليوم نتحدث رسميا عن دمج أطفال التوحد في مؤسسات الطفولة المبكرة".

مقابل هذا لم يقف المجتمع المدني التونسي مكتوف الأيدي، فقد عمد والدا الطفلة فرح، التي تعاني من التوحد إلى إنشاء جمعية تحمل اسمها في مسعى للتخفيف من معاناة هذه الفئة.

وصرح ناجي ساسي، رئيس جمعية فرح لإدماج الأطفال المتوحدين، قائلا: "التجربة التي عشناها مع فرح، مكنتنا من إحداث جمعية تعنى بإدماج التوحد وذوي الاحتياجات الخاصّة في الحياة العامة والمدرسية وتمكنا من تأهيل 289 مرافقا لتسهيل عملية دخول أطفال التوحد في المساهمة في الحياة العامّة".

ورغم ذلك يظل الحق في تمكين الأطفال المصابين بالتوحد من تعلم مهارات والاندماج بدل الإقصاء، واحدا من المطالب التي يرفعها أهالي هذه الفئة من الصغار، قبل أن يفوتهم قطار التعلم، والاندماج.

أخبار ذات صلة

معلمة تونسية أمام القضاء بسبب "very bad".. ماذا حدث بالضبط؟
تعرف إلى أهم التطبيقات الخاصة بـ"أصحاب الهمم"