تتجه تونس نحو استخدام طاقة الهيدروجين الأخضر لتحقيق أهدافها البيئية في عدد من الأنشطة المتعلقة بالصناعة والنقل الثقيل والمحروقات وتسعى عبر سياستها البيئية إلى الاستعاضة عن الطاقات المتجددة بطاقة الهيدروجين الأخضر للحد من انبعاثات الكربون والتمكن من تخزين الطاقة وتعويض الطاقات الأحفورية بطاقات صديقة للبيئة في مشروعها للانتقال الطاقي.
وأطلقت تونس مشروعها لإنتاج الهيدروجين الأخضر في أربعة محاور تشمل إعداد استراتيجية وطنية للطاقة البديلة ودعم فرص بعث مشاريع اقتصاد الهيدروجين الأخضر وتطوير البحوث في المجال مع بعث مركز تكنولوجي تونسي ألماني للهيدروجين الأخضر.
ويعمل خبراء ومهندسو الطاقة على إنتاج الهيدروجين الأخضر من خلال استخدام الطاقة الكهربائية المولدة من الطاقات المتجددة "مثل الرياح، والطاقة الشمسية، والطاقة المائية" بعد عملية تقسيم الماء إلى مكونات "الهيدروجين والأكسجين"، ثم إنتاج الهيدروجين بتقنية خالية من الكربون ومن ملوثات الهواء.
وأوضح الأستاذ الجامعي في مدرسة المهندسين بتونس والخبير في الطاقة شهاب بودن في تصريحات لموقع سكاي نيوز عربية أن عملية إنتاج الهيدروجين الصديق للبيئة تمر عبر تحويل للطاقة الكهربائية الخضراء المتولدة من الطاقات المتجددة من طاقة الرياح أو طاقة المياه العذبة أو مياه البحر المحلاة وهي تقنيات مستحدثة في كامل العالم حتى أن مختلف المشاريع الدولية المتعلقة بإنتاج لهيدروجين الأخضر مازالت في بدايتها.
وأكد بودن أن تونس بدأت من أشهر في الإعداد لمشروع إنتاج الهيدروجين الأخضر بدراسة طاقة الإنتاج الممكنة ووضع الإطار المؤسساتي والبحثي لإنتاجه الصناعي مشيرا إلى أن الخبراء واجهوا إشكاليات متعلقة بشح الماء العذب في تونس وسيتم الاتجاه إلى إنتاج الهيدروجين الأخضر من مياه البحر المحلاة.
وأضاف المهندس البيئي أن إنتاج الهيدروجين الأخضر سيسمح بتوفير بديل طاقي للصناعة في تونس ويمكن ضخه في أنابيب الغاز الطبيعي في حدود نسبة معينة ليستغل كغاز طبيعي أو طاقة حرارية كبرى فضلا عن إمكانية تحويله إلى أمونيا وميثانول أو غاز طبيعي ليقع استغلال هذه المواد في وسائل النقل الثقيلة وفي المؤسسات الصناعية المستهلكة للطاقة وفي مجال إنتاج الأسمدة لفائدة الزراعة.
وتابع الخبير: “بيئيا الهيدرجين الأخضر لا ينتج ثاني أكسيد الكربون عند الحرق بل ينتج الماء مما يجعل منه مادة غير مضرة بالطبيعة كما أن استخراجه من طاقة الرياح والشمس والماء يجعل منه قابل للتخزين للاستعمال في كل الأوقات أو للتصدير".
هذا ويعد الهيدروجين الأخضر طاقة نظيفة خالية من الغازات المسببة للاحتباس الحراري وبإمكانها مساعدة تونس على تحقيق أهدافها في مجال الحياد الكربوني خاصة وأن السوق الأوروبية تشترط بحلول عام 2026 بضائع مصنعة بمعايير تحترم البيئة وتخفض من إفراز ثاني أكسيد الكربون.
وأكد المهندس الجيوفيزيائي والمختص في الطاقة عماد درويش في تصريحات للموقع أن العالم يبحث طيلة السنوات الماضية عن حلول لحماية البيئة من انبعاثات احتراق الهيدروجين خاصة وأنه أكثر العناصر الكيميائية استعمالا في العالم في الصناعات الكبرى وفي البيتروكيماويات ويستخرج 90 بالمائة منه من الغاز الطبيعي وبمجرد تسخينه يتحول إلى ثاني أكسيد الكربون إلى أن توصل الخبراء إلى فكرة تعويضه بالهيدروجين الأخضر.
وأضاف المهندس أن تونس مطالبة اليوم بتسريع نسق إنتاج الهيدروجين الأخضر وتجاوز مرحلة التجارب لتخفيف الانبعاثات الكربونية في قطاعات الكهرباء والنقل والصناعات الثقيلة.
ومن جهته أفاد منسق برنامج السياسات البيئية بمنظمة هاينريش بول للبيئة والتنمية المستدامة فرع تونس نضال عطية أن مصدر الطاقة الجديدة والنظيفة الهيدروجين أصبح محل تنافس بين عدد من دول العالم واتجهت كل من ألمانيا وكندا وتشيلي وناميبيا وجنوب أفريقيا ومصر لإنتاجه كما بدأت تونس مؤخرا الاهتمام به كمصدر بديل للطاقة.
وأشار إلى وجود أنواع مختلفة من الهيدروجين ومنها الأزرق ومصدره الماء والوردي المتأتي من الطاقة النووية والهيدروجين المستخرج من الوقود الأحفوري مثل الغاز لطبيعي.
وتركز تونس حاليا على إنتاج الهيدروجين الأخضر باعتباره صديقا للبيئة لتوظيفه في النقل والزراعة بديلا عن المحروقات والطاقات المسببة للانبعاثات الكربونية.
ورجح الخبراء قدرة الصناعة التونسية على الاستفادة منه في الأنشطة الصناعية للمجمع الكيميائي وفي قطاع النقل الثقيل من خلال وقود الشاحنات والقطارات والبواخر والطائرات.
وجدير بالذكر أن تونس تطمح إلى الحد من الصناعات الملوثة وتحقيق أهدافها المناخية باستهلاك 35 بالمائة فقط من الطاقات المتجددة والوصول إلى الحياد الكربوني بحلول عام 2050.