تمكن طبيب مصري في مجال علاج الأورام بألمانيا من اكتشاف طريقة جديدة لعلاج أحد أنواع سرطانات الجلد "اللمفومة" من خلال تخفيف العلاج الإشعاعي الذي يتعرض له المريض مقابل إضافة مشتقات فيتامين "A" لخطة العلاج.
وكان المصاب بهذا المرض يتعرض لجرعات مكثفة من العلاج الإشعاعي تستمر 70 يوما، لكن أبحاث الدكتور خالد الصياد وضعت حدا لهذا الأمر، حيث تم تخفيف الجرعة بنسبة كبيرة، مع الاعتماد على إمداد المريض بالريتينويد، أحد مشتقات فيتامين A.
يؤكد الدكتور خالد عبد السلام الصياد، وهو استشاري علاج الأورام بالإشعاع في جامعة مونستر بألمانيا، في حديثه لـ"سكاي نيوز عربية"، أن علاج هذا المرض حتى عام 2015 كان يستمر لمدة 70 يوما، يحصل المريض خلالها على جرعات لمدة 10 أسابيع، ويعاني من العديد من الأعراض الجانبية بسبب العلاج.
الريتينويد
بحسب الصياد، فإن "سر هذا العلاج يكمن في تخفيض الجرعات الإشعاعية في مقابل إضافة أحد مشتقات فيتامين A بعد العلاج الإشعاعي، فمرض اللمفومة غالبا ما يعود للظهور مرة أخرى بعد قرابة ستة أشهر من علاجه في معظم الحالات"، لكن دراسة الطبيب المصري، التي نشرت في أبريل من عام 2022 بالمجلة الرسمية للأمراض الجلدية بألمانيا، جعلت فترة الشفاء من هذا المرض تطول لتصبح سنة ونصف السنة.
وحصل الدكتور خالد على درجة الأستاذية من مجلس كلية الطب بجامعة مونستر، وبفضل بحثه عن أهمية إضافة مشتقات فيتامين A وتأثيره على رفع مناعة الجسم لمقاومة "اللمفومة"، أصبح أستاذا مساعدا بالجامعة.
وأوضح الصياد أن "هذا النوع من المرض الجلدي يتسبب في معاناة المريض من آلام مبرحة في الكثير من مناطق جسده، ويجعله يشعر بالحكة والحرقان، وهو مرض نادر لا يعالجه الكثير من الأطباء، لكن بحكم عملي في مونستر وهو مستشفى جامعي كبير، كان الكثير من أطباء الأمراض الجلدية يرسلون لنا حالات لعلاجها".
وأضاف أنه: "في عام 2011 بدأت في جمع المعلومات حول هذه الحالات، وبدأنا في نفس العام 2011 تقليل الجرعات للثلث لتفادي الأعراض الجانبية الشديدة. قارنا بين طرق العلاج القديمة التي تعطي جرعات أكثر وبين هذه الطريقة التي نقوم خلالها بتقليل الجرعات، فلاحظنا أن الاستجابة كانت متشابهة لدى المرضى في الحالتين مع انخفاض نسبة الأعراض الجانبية في طريقة العلاج الجديدة".
الدكتور خالد واصل حديثه عن رحلة التوصل لطريقة العلاج الجديدة: "قمنا بتوسيع الدراسات التي أجريناها، وجمعنا المعلومات بين عامي 2011 و2014 حول الحالات المصابة بهذا المرض، ونشرنا أول بحث حول هذا الأمر عام 2015، وبالتزامن مع ذلك نُشرت بحوث مماثلة في الولايات المتحدة حيث اشتركت مستشفى ستانفورد ومستشفى إم دي أندرسون في بحث مشابه، وكذلك أقر مستشفى كوبنهاغن دراسة في هذا الشأن وكانت النتائج متماثلة بيننا وبين تلك الجهات".
كما لفت استشاري علاج الأورام بالإشعاع إلى أن عملية خفض الجرعة مرتبطة بكون مرض"اللمفومة" حساس للإشعاع، و"الجرعة القديمة هي من بروتوكول الدكتور جون ترامب، وهو عم الرئيس السابق الأميركي دونالد ترامب، وهو علاج تم ابتكاره منذ أكثر من سبعين عاما، ولم يحاول أحد تغييره حتى الآن، وبعد هذه الدراسة أصبحت الجرعة التي قررناها في عام 2015 هي الجرعة المعتمدة عالميا".
تخفيض الإشعاع بالتزامن مع انتشار كورونا
مع انتشار فيروس كورونا، كان الدكتور خالد وفريقه العلاجي يعطون المريض جرعتين فقط من العلاج الإشعاعي لتقليل زيارة المرضى للمستشفيات وفق التوصيات الطبية، وكانت نسبة الشفاء متماثلة أيضا، مما دفع المعالجين للعمل على خلط العلاج الإشعاعي بالعلاج المناعي أو علاجات أخرى، وهو قد يساعد في جعل مدة الشفاء تدوم لفترات أطول قبل عودة المرض مرة أخرى، لا سيما وأن اكتشاف عقاقير جديدة لعلاج هذا المرض أمر يستغرق عشرات السنين، إلا أن الخطوة الأخيرة شجعت أطباء الأمراض الجلدية على الاستعانة في عام 2021 بخبرات الدكتور خالد وفريقه الطبي والبحثي في كتابة الخطوط العريضة لعلاج هذا المرض بالطريقة الحديثة في ألمانيا.
العلاج المناعي و"MISR"
يوضح خالد أن: "هناك أدوية حديثة للسرطان تقوم على العلاج المناعي وهو ما نسعى لتطبيقه في مجال أمراض الجلد، وحاليا أقوم بدراسة أطلقت عليها اسم "MISR" منذ 2019، تبحث في دلالات الأورام في الدم، بهدف قياس هذه الدلالات في حالات لمفومة الجلد ومعرفة نسبة الشفاء بعد العلاج، والتي نخبر بها المريض قبل البدء في العلاج".