يسعى بعض الشباب للوصول إلى الجسم المثالي ذي العضلات المفتولة، وهو ما يتطلب جهدا وعملا شاقا لسنوات، لكن أحيانا هناك من يستعجل بناء قدراته الجسدية ويصل الأمر به إلى هوس بناء العضلات، فيستخدم عقاقير لتسريع عملية بناء العضلات، إلا أن خبراء صحيين حذروا بشدة من خطورة هذا الأمر.
وسلطت حالة وفاة لاعب كمال الأجسام البرازيلي الشهير "فالدير سيغاتو" الذي يوصف بـ "العملاق" ، بعد أن حقن نفسه بزيت لتنمية العضلات، في عيد ميلاده الخامس والخمسين، الضوء على خطورة مثل هذه العقاقير التي تعطي نموا زائفا للعضلات على حساب الصحة، مما يؤدي لمضاعفات خطيرة قد تنتهي بالوفاة.
يوضح الدكتور جمال شعبان، وهو استشاري أمراض القلب وعميد معهد القلب السابق في مصر، أنه عادة ما تستخدم هرمونات النمو التي تزيد التستيرون لدى الرجال وتتدخل في عملية الأيض لتسريع بناء العضلات، لكن هذا الأمر له أعراضه الجانبية على المدى البعيد لأنها طريقة غير طبيعية، أما حقن الزيت فهو أمر مختلف.
مكونات حقنة الزيت
يوضح جمال شعبان لـ"سكاي نيوز عربية" أن حقنة الزيت مكونة من ثلاثة أشياء وهي الزيت والمخدر الموضعي للجلد لأنها تكون مؤلمة ويتم حقنها في عمق العضلة، والمكون الثالث هو الكحول كنوع من المطهر لمنع العدوى، بهدف عمل تكبير موضعي شكلي للعضلة، لأن الزيت لا يمتص ويبقى في مكانه ليملاء حجم العضلة، وتتم عملية الحقن في سمانة الرجل، أو في الذراع في عضلات "الباي سيبس" الثنائية أو "التراي سيبس".
خطورة حقن العضلات بالزيت
بحسب استشاري أمراض القلب، فإن هذه العملية لها مشاكل على المدى البعيد والقريب، فعلى المدى البعيد يمكن أن تؤدي لتليف في العضلة أو "غرغرينا"، مما قد يؤدي لاستئصال العضلة أو حتى العضو بالكامل، كما قد يحدث تسرب للزيت خلال الحقن، وعند ذلك يصل الزيت إلى وريد ليسبب جلطة بالشريان الرئوي، أو أزمة قلبية مفاجئة، وفي حال تسرب الزيت إلى شريان وانتقل إلى الدورة الدموية فقد يصل للمخ مسببا سكتة دماغية، أو سكتة قلبية في حال وصوله للشريان التاجي بالقلب.
يواصل الدكتور جمال شعبان حديثه محذرا من العدوى التي تنتج عن هذه العملية التي قد تؤدي لإصابة الشخص بالغرغرينة أو تليف الألياف العضلية مما ينتج عنه بتر للعضو، ويمكن أن يسبب صدمة تسممية من الميكروب.
واختتم عميد معهد القلب الأسبق حديثه قائلا: "مشكلة هذه العقاقير أنها ليست ممنوعة حتى في الولايات المتحدة، لكن يتم التحذير منها، ويلجأ إليها البعض لأن تأثيرها مباشر، ولا تتفاعل بوقت ولا تحتاج لتمارين مثل المكملات الغذائية، فهي أشبه بعمليات التكبير التي تقوم بها بعض السيدات باستخدام السليكون، وليست بناء حقيقيا للعضلة.
مسألة نفسية
من جانبه أكد جمال فرويز، وهو استشاري الطب النفسي، أن المسألة كلها نفسية فهي مجرد رغبة في الظهور والتباهي، خاصة على مواقع التواصل الاجتماعي، حيث يكون لدى بعض الشباب حب الظهور بجسم متناسق، لتحقيق مشاهدات على مواقع التواصل الاجتماعي، أو الظهور بعضلات مفتولة لجذب الفتيات.
فرويز أضاف أن هناك استعجالا لدى بعض الشباب، حيث تتوافر مراكز لكمال الأجسام بها متخصصون يستطيعون مساعدة الشاب على الوصول للجسم المثالي دون مشاكل، لكن الاستعجال والرغبة النفسية في سرعة الظهور بعضلات مفتولة يدفع الشاب لتناول عقاقير تعمل على نضوج كاذب للعضلات.
نوبات العنف غير المبررة
وتابع بأن هذه العقاقير من الناحية النفسية والعصبية تسبب نوبات عنف شديدة غير مبررة بصورة مبالغ فيها، كما أنها قد تدفع الشخص للجوء للعنف الشديد في أبسط الخلافات وذلك في حال حصول الشخص على نسب عالية من هرمون التستيرون بصورة مبالغ فيها، ما يزيد من حدة الذكورية في المخ بصورة عالية.
وتابع "فرويز": "التقيت في عيادتي الطبية شبابا في العشرينات من العمر وأوائل الثلاثينيات، وقد أصيبوا بجلطات في المخ نتيجة لحصولهم على عقارات لتقوية العضلات، فالأمر كان منتشرا في مصر وقد قمنا بخوض حملة لمجابهته.
واعتبر استشاري الطب النفسي أن الحل في الوعي، مشيرا إلى مشاركته في وقت سابق في حملة إعلامية ضد هذا الأمر، "وقد وصل لعيادتي شباب منزعجون من الحملة، لكنهم أكدوا تعرض بعضهم لأعراض صحية وجلطات، مما جعلهم يتوقفون عن تعاطي هذه العقارات المحظورة دوليا والتي يتم تهريبها في بعض الأحيان".
واختتم استشاري الطب النفسي حديثه بالقول: "هذه العقارات تضخم العضلات لكن لا تقويها، والمسألة كلها نفسية ومجرد إحساس بالقوة، وأنا أحذر الشباب الصغير منها، لأن هذا الأمر موجود في مصر بين بعض الشباب الذين لو علموا توابع هذا البناء الزائف للعضلات فلن يقدموا عليه أبدا".