يُعد تقدير الفرد لذاته ومهاراته مفتاحاً أساسياً للنجاح في أغلب مجالات الحياة والعمل، لكن ماذا لو كان هناك صوت زائف بداخلك يقول لك يومياً "أنت محتال ولست بالمهارة المطلوبة وإنجازاتك كلها حدثت بالصدفة وليس بسبب مؤهلاتك"؟
ففي حال كنت تسمع هذا الصوت بداخلك، أو كنت من الأشخاص الذين يعتقدون أنهم يخدعون الناس بنجاحاتهم وتخاف من انكشاف أمرك، فهذا يعني أنك مصاب بـ"متلازمة المحتال".
يستهدفون أنفسهم
وتقول الأستاذة الجامعية هلغا عمر علاء الدين، في حديث لموقع "سكاي نيوز عربية" إن ظاهرة "متلازمة المحتال" لا تُعتبر مرضاً وهي لا تندرج في الدليل التشخيصي والإحصائي للاضطرابات النفسية، مشيرة إلى أن هذه الظاهرة تصيب غالباً أشخاصاً يتمتعون بـ"قيمة مهنية كبيرة"، ولكنهم غير قادرين على استثمار ثقتهم بأنفسهم.
يقتنع أنه محتال
وبحسب علاء الدين وهي مختصة في علم النفس الإيجابي وعلم نفس الشخصية، فإن "متلازمة المحتال" هي "نمط نفسي يؤدي إلى استهداف الأفراد لأنفسهم من خلال الشك في الإنجازات التي يقومون بها واعتبار انفسهم مزيفين، إذ انه ورغم وجود أدلة تؤكد كفاءتهم، إلا أنهم يظلون مقتنعين بأنهم محتالون ولا يستحقون كل ما حققوه.
وتضيف أنه ليس هناك سبب واحد لمعاناة الفرد من "متلازمة المحتال"، فالأمر مرتبط باجتماع عدة عناصر مثل بيئة الطفولة، وتعرض الطفل للضغط المستمر من الوالدين من خلال المقارنة بالآخرين والانتقاد المستمر للأخطاء البسيطة، إضافة الى ذلك، هناك سمات شخصية يمتلكها الفرد، مثل القلق والعصبية، والسعي المستمر نحو الكمال.
تربية سليمة
ويمكن مواجهة "متلازمة المحتال" بشكل أساسي عبر تربية سليمة تعزز من ثقة الطفل بنفسه وتشكل هويته بشكل مستقل، واكتساب مهارات تنظيم الذات الذي يقوم على معرفة الفرد لمشاعره ومعتقداته، إضافة إلى التدريب على تعزيز الحديث الإيجابي الداخلي والتخلص من التشكيك بالذات.
ويقول الأستاذ الجامعي لمادة العلوم التربوية عماد سماحة في حديث لموقع "سكاي نيوز عربية" إنه يمكن وصف "متلازمة المحتال" بحديثة العهد، وهي انتشرت عند بعض الباحثين والأخصائيين في نهاية سبعينيات القرن الماضي أي منذ حوالي أربعة عقود، مشيراً إلى أن المطلوب هو التعمّق أكثر في هذه الظاهرة.
التمادي بالتوقعات
وبحسب سماحة فإنه ليس هناك أي شك بأن التربية تلعب دوراً أساسياً في تشكّل أنماط "متلازمة الاحتيال" وتحديداً التربية المنزلية التي تمتد من عمر 3 إلى 18 سنة، لافتاً إلى أن توقعات بعض الأهل تكون بأن يحقق أولادهم الكمال، ولذلك فإنهم يقومون بتأمين المرافقة والحماية لهم بطريقة متمادية تؤدي إلى شعور الأطفال بأن كل ما يحدث معهم من أمور إيجابية هو نتيجة التدخل الخارجي.
كما أن هذا التمادي يُنشئ ثنائيات ما بين توقعات العائلة وقدرات الطفل، ما يوجد لديه خوفاً داخلياً يؤدي إلى الإحساس بالفشل، ويدفعه بالتالي وفي حال تمتّعه ببعض الكفاءات إلى إبعاد صفة الاحتيال عنه، من خلال الاعتبار أن ما توصّل إليه هو عبر الحظ وليس عبر الكفاءة.