قد يؤدي التعرض للأذى من قِبل شخص نحبه ونثق به، إلى الغضب والحزن والارتباك، ويمكن أن يتحول التفكير فيما حدث، إلى عملية اجترار للمشاعر السلبية، حتى تتجذر بشكل أعمق وتصبح أحقادا مليئة بالاستياء والعداء.
بعض الناس بطبيعتهم أكثر تسامحًا من غيرهم، يقررون المضي قدمًا في الحياة؛ بدلا من جلب الغضب والمرارة في كل علاقة وتجربة جديدة، أو الانغماس في الماضي الذي يحجب الاستمتاع بالحاضر، مع قابلية التعرض للاكتئاب والقلق.
علميا: التسامح يحافظ على صحة القلب
وفقًا لرائد أبحاث التسامح الدكتور في علم النفس ايفريت ورثينغتون، فإن التسامح مفيد للعقل والجسم، لأنه يجعل الجهاز العصبي الذاتي بقسميه السمبثاوي والباراسمبثاوي أكثر توازناً.
ويضيف ورثينغتون أن الشخص الذي يقع تحت وطأة ضغط مزمن، أو الذي يتمسك بالغضب ولا يقدر على المسامحة، يظل جسمه في حالة استجابة الكر أو الفر لفترة طويلة، مع زيادة الاستجابات المعاكسة، التي تؤدي إلى تأثيرات سلبية، تطال وظائف القلب والأوعية الدموية.
ما هي الفوائد الأخرى للتسامح؟
يؤيد ورثينغتون نتائج دراسة علمية سابقة، نشرتها المكتبة الوطنية للطب في الولايات المتحدة، تبرز التأثير الإيجابي للتسامح على صحة الانسان وجودة الحياة بشكل عام، ومنها:
• تحسين الصحة العقلية
• تقليص القلق والتوتر
• تخفيض ضغط الدم
• انخفاض أعراض الاكتئاب
• تقوية الجهاز المناعي
• تحسين جودة النوم
• تحسين احترام الذات
هل أنت جاهز للمسامحة؟
في الواقع، اتخاذ قرار المسامحة يعني التخلي عن الغضب والجرح العاطفي والرغبة في الانتقام؛ لهذا يجب على الشخص المجروح، اتخاذ هذا القرار بنفسه لأجل مصلحته؛ حيث لا يكون التسامح مفيدا إذا كان على مضض بسبب ضغط من الأشخاص المحيطين به، أو كنوع من الهروب والتظاهر بالتعافي من الألم.
التسامح يساعدك على الشفاء
لا يمكن أن تنغلق الجروح العاطفية وتشفى بدون التسامح، وهذا لا يعني الإقرار بأن ما فعله الشخص المتسبب في الأذى، بأنه جيد ويستحق المسامحة، سواء شعر بالندم أو لم يندم؛ لكنَّ التسامح ضروري للتخلص من عبء المشاعر العالقة والتخفيف من سُمِّية الغضب وشدة الألم.
عبِّر عن مشاعرك
قبل البدء في عملية التسامح يجب التأكد من إمكانية التعبير عن المشاعر والذكريات المخزنة، في كلمات مكتوبة أو البوح بها لفظيا أمام شخص حكيم موثوق به.
كما يمكن للتسامح أن يتم من جانب واحد، دون الحاجة إلى الاتصال بالطرف الآخر، عبر كتابة خطاب موجه له؛ وهي طريقة أكثر أمانًا للتعبير عن المشاعر المتزاحمة، والتفسيرات لما حدث، دون مقاطعة.
ابحث عن الجانب المشرق
أغلب الذين تعرضوا للأذى من أحبائهم، لا يكونون في وضع يسمح لهم بملاحظة أي فوائد ناتجة عن الموقف المؤلم، تماما كالبحث عن زهرة بين الأنقاض.
لكن مع مرور الوقت، قد يكون لديهم مساحة عاطفية أكبر، للتعرف على ما اكتسبوه، من تلك التجربة.
سامح نفسك وابدأ بالأمور الصغيرة
تشير الدراسات النفسية إلى أن الأشخاص الذين يجدون صعوبة في مسامحة الأذى الكبير، يحتاجون للتدرب على التعاطف الذاتي مع أنفسهم أولا، بدلًا من الشعور بالانزعاج من عدم قدرتهم على المسامحة، والاستمرار في لوم أنفسهم على ما حدث، واعتباره خطأهم. ثم تبدأ مرحلة التعود على مسامحة الآخرين، على الأمور الصغيرة، التي تحدث في الحياة اليومية.
ركز على الأشياء الجيدة في الحياة
بعض الناس يسامحون، لكنهم لا ينسون، ولا بأس بذلك! على الرغم من أن الذكريات المرتبطة بالأذى قد تستمر، فإن محاولات التسامح، تسمح لهؤلاء بالاستمرار في المضي قدمًا بقلب أخفّ، في وجه التحديات التي تطرحها الحياة.
كذلك يسهِّل إعطاءُ الأولوية للرحمة والتعاطف كسلوك اختياري، ملاحظة الأشياء الجيدة، ومنحها وزنًا أكبر من الأشياء السيئة.