أدرك الباحثون منذ وقت طويل، أثرَ الوحدة والعزلة الاجتماعية على جسد الانسان فالأشخاص الذين لا يتواصلون بفعالية مع غيرهم، يكونون أكثر عرضةً للإصابة بنزلات البرد والاكتئاب، وغير ذلك.
لكن المثير للدهشة أن معدلات الوحدة ظلت مستقرةً بوجه عام في جميع أنحاء العالم، في خضم جائحة فيروس كورونا. السؤال إذا: كيف تفادينا حدوث تبعات اجتماعية؟
أولا : لا تسبب العزلة الاجتماعية بالضرورة شعورا بالوحدة؛ فصحيح أن العزلة هي الحالة الموضوعية لكَوْن المرء وحيدا، إلا أن الشعور بالوحدة هو تجربة الانفصال الذاتية، مما يعني أن بإمكان المرء أن يشعر بالوحدة وهو مُحاط بالناس، أو أن يكون متصلا بهم وهو بمفرده.
وخلال جائحة "كوفيد-19" صار معظم الناس أكثر عزلة من ذي قبل، لكن هذا لا يعني أنهم يشعرون بالوحدة.
هذا ما أثبتته دراسة علمية أظهرت أن هناك تحسنا طفيفا في شعور الناس بالوحدة حتى مع التباعد الاجتماعي، الدراسة أُجريت قبل وأثناء جائحة كورونا في الولايات المتحدة والمملكة المتحدة و26 دولة أخرى نشرت نتائجها دورية "أمريكان سيكولوجيست" والتي اعتبرتها مغايرة للتوقعات.
ثانيا: لا يعني التباعد الجسدي أننا يجب أن نبتعد عاطفيا أو اجتماعيا، فقد قدم مجتمع الانترنت بديلا رائعا أمام البشرية للبقاء في اتصال مع العالم الخارجي، حيث يستخدم الآن أكثر من نصف سكان العالم وسائل التواصل الاجتماعي.
تقول ديزي فانكورت الباحثة البريطانية بجامعة لندن وقائدة الدراسة الاجتماعية لـ"كوفيدـ 19": "إنه على الرغم من أنه لا ينبغي النظر إلى مكالمات الفيديو على أنها بديل للتواصل الشخصي ، إلا أنها في العموم ساعدت الناس على البقاء على اتصال وكانوا أفضل حالا".
ماهي النصائح الأخرى للحفاظ على الصحة النفسية أثناء العزلة الاجتماعية؟
ابق مشغولا بتعلم شيء جديد
إن قضاء الوقت في القيام بالمزيد من الأشياء التي تحبها يمكن أن يمنعك من التركيز على الشعور بالوحدة وهو أمر جيد لتوازنك النفسي. استغل الوقت لممارسة هواية أو شيء لطالما أردت أن تكون قادرًا على القيام به ويمكن أن يكون وسيلة جيدة لقضاء الوقت مع الآخرين.
انضم إلى مجتمع جديد عبر الإنترنت
ابحث عن طرق إبداعية للبقاء على اتصال بالعائلة والأصدقاء وزملاء العمل، خاصة عندما تشعر بالوحدة أو تشعر بأن الآخرين قد يكونون في حاجة اليك؛ من خلال ترتيب لقاءات عبر مؤتمرات الفيديو على أجهزة الكمبيوتر أو الهواتف الذكية. إلى جانب المشاركة في العديد من الألعاب والأنشطة الافتراضية الممتعة.
اعتني بنفسك
من المهم أن تعتني بنفسك أكثر، خلال الأوقات العصيبة، لملء خزانك بالإيجابية؛ ومن الأمثلة حول الرعاية الذاتية النفسية: السماح لنفسك بالشعور بالإحباط أو الإنهيار بين الحين والآخر؛ لكن تكرار جملة: "أنا بخير" تجعلك في تحسن.
كذلك استرجاع الذكريات الجميلة ووضع قائمة بالأهداف والآمال في المستقبل مفيد جدا.
ممارسة الرياضة
تشير الدراسات التي نشرتها دورية فرونتيرز إن سايكولوجي إلى أن التمارين الرياضية، هي واحدة من أكثر الطرق فعالية لإدارة التوتر وتقليل مشاعر القلق والاكتئاب. وأن الأشخاص الذين يمارسون الرياضة بانتظام لمدة 30 دقيقة على الأقل في اليوم، يحصلون على العديد من الفوائد الصحية و العاطفية؛ وهذا ما حدث مع الأشخاص الذين مارسوا الرياضة بشكل متكرر أثناء الجائحة، شعروا بحالات مزاجية أكثر إيجابية؛ وحافظوا على معنوياتهم مرتفعة.
تطوع لمساعدة الآخرين
تشير الدراسات الاجتماعية لكوفيد 19 التي تقودها البرفسور ديزي فانكورت في المملكة المتحدة، إلى أن التطوع له تأثير إيجابي، ليس فقط على الأشخاص الذين يتلقون المساعدة، ولكن أيضا على المتطوعين؛ وأن التطوع كان أحد أهم الأنشطة المرتبطة بارتفاع الرضا عن الحياة وتحسن الحالة المزاجية.
ختاما؛ ربما قد تسبب الوباء في اختبار الشعور بالوحدة والقلق في العالم، ومع ذلك، هناك العديد من الأشياء التي يمكن التحكم فيها، وأحد هذه الأشياء هو اتخاذ موقف إيجابي تجاه ما يحدث، لأن ذلك يقلص كثيرا من أوقات القلق والتوتر.