بعد حادثة "انتحار بسنت" الشهيرة في مصر مؤخرا، عاد إلى الواجهة الجدل الدائر بشأن "حبوب الغلال السامة" أو ما يطلق عليها "حبة الموت" التي كانت وسيلة لكثيرين ممن أقدموا على الانتحار في محافظات مختلفة.

وتشكل هذه الحبوب (المصنوعة من فوسفيد الألمنيوم)، التي عادة ما تتداول في القرى والمحافظات المصرية الزراعية، خطورة واسعة بسبب مفعولها القاتل السريع، مع تواجدها بشكل طبيعي في منازل المزارعين نظرا لاستخدامها كمبيد حشري للحفاظ على الغلال من التسوس، على أنها تستخدم على نطاقات واسعة ويسهل الحصول عليها.

ودخل مجلس النواب المصري على خط المواجهة مع "الحبة القاتلة"، بإصدار توصيات منتصف العام الماضي من قبل لجنة الزراعة، تتضمن مقترحات بتنظيم استخدامها وتقنين تداولها، مع تشديد الرقابة على المحال التي تبيعها، وتجددت المقترحات بعد حادثة الانتحار الأخيرة التي أعادت إلى الواجهة مطالب بضرورة التحرك الفعال للتصدي إلى تلك الحوادث.

مواجهة برلمانية

وتروي النائبة ميرفت عبد العظيم لموقع "سكاي نيوز عربية" واقعة مواجهة تمت مع وزارة الزراعة تحت قبة البرلمان المصري، بخصوص "حبة الغلال السامة".

وأشارت البرلمانية إلى أنها تقدمت بطلبي إحاطة ومناقشة عامة بخصوص تلك الحبوب التي تشكل "كارثة بكل المقاييس"، بسبب استخدامها كوسيلة للانتحار في كثير من الوقائع، وآخرها انتحار بسنت (مراهقة مصرية من محافظة الغربية شمالي البلاد، انتحرت بعد تعرضها للابتزاز الإلكتروني من قبل أشخاص نشروا لها صورا غير لائقة).

وتشير عضو لجنة الصحة بمجلس النواب، إلى أن المقترح البرلماني الذي قدمته كان ينادي بوضع ضوابط قانونية لتنظيم تداول تلك الحبوب، التي يساء استخدامها من قبل شباب ومراهقين في القرى بشكل خاص.

وتضمنت المقترحات "توزيع أقراص حبوب الغلال عبر مديرية الزراعة في كل محافظة بعدد محدد، وتسليمها للمزارع بنسبة وتناسب مع حجم المحصول، على أن يقوم بالتوقيع على تعهد يقر فيه بمسؤوليته القانونية والجنائية المسبقة على إساءة استخدامها"، بينما جاء رد وزارة الزراعة إلى البرلمان "بشكل غير مقنع لنا تماما"، على حد قولها.

واستطردت النائبة أن "وزارة الزراعة كان ردها بهذا الخصوص هو وجود قانون ينظم استخدام وتوزيع هذه النوعية من الحبوب، كما أن هناك توصية يجرى العمل عليها لتقليل استخدام الأقراص بنسبة 10 بالمئة، خصوصا في الأقاليم، فيما استنكرت الرد على اعتبار أن تعدد حوادث الانتحار باستخدام هذه الحبوب يعكس عدم تطبيق تلك الضوابط والمحددات، وبالتالي استمرار المشكلة".

وتوضح عبد العظيم أن "هذه الحبوب يموت بسببها الكثير من المراهقين، بعضهم يتناولها على سبيل التهديد بالانتحار لكن مفعولها السام يؤدي إلى الوفاة بنسبة كبيرة جدا".

وأردفت أن كثيرين ممن يتناولونها يلفظون أنفاسهم الأخيرة حتى قبل الوصول إلى المستشفى، مشيرة إلى أنها تباع في المحال والأكشاك في القرى والمناطق الريفية من دون ضوابط، و"هناك قانون بالفعل لتنظيم بيعها لكنه لا يطبق بالشكل الكافي".

وتدخل هذه الحبوب مصر بصورة قانونية تحت بند "المستحضرات"، وتستخدم لمكافحة آفات الحبوب المخزنة، ولا توجد بدائل لاستخدامها بحسب تقرير سابق صادر عن لجنة المبيدات بوزارة الزراعة واستصلاح الأراضي، وهو التقرير الذي أشار إلى حزمة من الإجراءات الاحترازية التي اتخذت منذ عام 2016 لمنع تداولها لدى العامة أو الاتجار بها إلا من خلال جهات متخصصة، إضافة لاستراتيجية للخفض التدريجي للكميات المستهلكة منها سنويا.

طلب إحاطة جديد

وفي الآونة الأخيرة، تقدم النائب عاطف مغاوري بطلب إحاطة لرئيس مجلس النواب المستشار حنفي جبالي، محذرا فيه من مخاطر انتشار "حبوب الغلال" وتداولها واستخدامها في غير إطارها السليم من قبل بعض المراهقين.

وتضمن طلب الإحاطة ضرورة وضع ضوابط من شأنها تأطير استخدام الحبوب بشكل قانوني، لمنع حوادث الانتحار التي تقع باستخدامها.

كيف نتعامل مع الابتزاز الالكتروني للاستماع

 

وكانت النائبة هناء سرور قد تقدمت بمقترح في شهر نوفمبر الماضي، يتضمن بعض الضوابط لتقنين تداول هذه الحبوب، تنص على "عدم بيعها لأي شخص إلا بعد تسجيل اسمه ورقمه القومي وسبب شرائها، وكذلك منع بيعها لصغار السن أو المراهقين، مع تشديد الرقابة من قبل وزارة الزراعة على المحلات التجارية التي تبيع مثل هذا النوع من الأقراص، مع التوعية المجتمعية المستمرة من خطر تناول أقراص الغلة السامة".

أخبار ذات صلة

بعد انتحار بسنت.. مقترح برلماني بمصر يجرم الانتحار

وذكرت في بيان لها أنه "في حالة صرف هذه الحبوب للمزارع، يتعين أن يكون من خلال مصدرها الشرعي وهو الجمعيات الزراعية وبالحيازة الزراعية وبفاتورة معتمدة، ويسجل صرفها في دفاتر خاصة مع تحديد كمية الصرف ومن صرفها، وذلك لحين تطبيق نظام البطاقة الذكي بدلا من الحيازة الزراعية الورقية، إلى جانب ربط صرف الحبوب بالبطاقة الذكية للفلاح من أجل إحكام السيطرة على تداولها".