يشير تقدير الذات إلى الإحساس العام بالقيمة الذاتية للشخص، أي تلك الصورة التي يرسمها الإنسان عن نفسه والأجزاء التي يختار التركيز عليها.
ووفقا لجمعية علم النفس الأميركية، فإن التمتع بتقدير الذات العالي هو مفتاح الصحة العقلية الإيجابية والرفاهية، لأنه يساعد الأفراد على تطوير مهارات التأقلم والتعامل مع الشدائد ووضع السلبيات في منظورها الصحيح.
ويرتبط تقدير الذات العالي أيضا بالسلوك الاجتماعي الإيجابي مثل الكرم والتعاطف والمرونة والعلاقات الأسرية الداعمة، كذلك يؤثر احترام الذات على عملية صنع القرار لدى الأفراد، من خلال التمتع بنظرة إيجابية لأنفسهم ولإمكاناتهم.
وخلصت دراسة أجريت على طلاب الجامعات الذين يتمتعون بتقدير أكبر للذات، ولديهم علاقات أكثر حبا مع عائلاتهم، أنهم كانوا أكثر نجاحا في الدراسة وتكيفوا بشكل أفضل مع العيش في بيئة جديدة.
لكن ما العوامل التي تؤثر على تدني تقدير الذات واحترامها عند الكثير من الأشخاص؟
إنه أحد الدوافع الإنسانية الأساسية في التسلسل الهرمي للاحتياجات الذي وضحه عالم النفس الشهير أبراهام ماسلو، بل إنه احتياج فطري داخل كل إنسان، لنيل التقدير من الآخرين يترافق مع احترام الذات الداخلي وصولا إلى تحقيق الذات.
ومع ذلك، تتفاوت العوامل التي يمكن أن تؤثر على احترام الذات من شخص لآخر، منها العمر والمرض والقدرات البدنية والوضع الاجتماعي والاقتصادي، إلا أن الدكتور في علم النفس العيادي والصحة العقلية، ديفيد سوسمان، يجد أن التجارب الحياتية هي العامل الأكثر أهمية.
ويقول: "فغالبا ما تكون تجاربنا هي الأساس لتقدير الذات بشكل عام، فأولئك الذين يتلقون باستمرار تقييمات مفرطة من النقد السلبي من العائلة والأصدقاء، من المرجح أنهم يعانون من تدني احترام الذات على عكس الذين يحصلون على التقييم الإيجابي غير المشروط، فهم يكونون أكثر ميلا إلى التمتع بتقدير الذات العالي".
أبرز الأعراض
ومن أهم الأعراض الشائعة لتدني احترام الذات عند الأشخاص، الشعور بفقد السيطرة والتحكم في حياتهم أو ما يحدث لهم، لدرجة أنهم غير قادرين على إحداث أية تغييرات في حياتهم.
من جهة أخرى، يطغى على هؤلاء القلق والشك الذاتي بعد اتخاذ أي قرار، خوفا من أنهم اتخذوا القرار الخاطئ، ويقومون بالتشكيك في آرائهم إلى درجة الإذعان، لما يعتقده الآخرون بدلاً من التمسك بخياراتهم.
كما كشفت دراسة نشرت في مجلة علم النفس الاجتماعي التجريبي، أن تدني احترام الذات يرتبط ارتباطا مباشرا بعدم القدرة على قبول مجاملات الآخرين أو الاستفادة منها، لأن ليس لديهم رأي إيجابي عن أنفسهم، بسبب تركيزهم المفرط على عيوبهم بدلا من نقاط قوتهم.
ومن الأعراض الشائعة أيضا لتدني احترام الذات، إرضاء الناس على حساب أنفسهم، من أجل الحصول على اهتمام خارجي، وغالبا ما ينطوي هذا على إهمال احتياجاتهم الخاصة، وقول نعم للأشياء التي قد لا يرغبون في القيام بها، والشعور بالذنب حيال قول لا.
أساليب تقدير الذات
ويتطلب تحسين احترام الذات، بحسب الدكتور ديفيد سوسمان: ممارسة بعض الاستراتيجيات، التي من شأنها أن تساعد الأشخاص على رفع احترامهم وتقديرهم لذواتهم ومن أهمها:
مكافأة النفس على الإنجازات.
مسامحة النفس على الأخطاء.
تقبل النفس بكل العيوب والنقص.
التفكير في النفس على أنها صديق.
تغيير الحديث الداخلي السلبي.
قبول المجاملات.
استخدام مدونة الامتنان لتوثيق الأشياء الإيجابية.
وضع خطة لبدء تغييرات صغيرة موضع التنفيذ.
أخيرا طلب الدعم والمساعدة من الآخرين.
وربما تستغرق ممارسة ما ذكر سابقا، وقتا طويلا ليبرز الاختلاف الإيجابي، الذي يعكس تحسنا في نوعية العلاقة التي تربط الانسان بنفسه، التي تمنحه المرونة والثقة واللطف والدافع والحب الذي يُعلمه بقية حياته.