مع إعلان مهندس مصري، قبل أيام، ابتكار روبوت جديد قادر على تحويل الهواء الجوي المحمل بنسب عالية من الرطوبة إلى ماء، تداول رواد مواقع التواصل الاجتماعي قصته على نطاق واسع معتبرين الروبوت إنجازا علميا كبيرا.

أخبار ذات صلة

"كيرا".. روبوت من اختراع مصري يؤدي مهاما طبية "متقدمة"

ويقول المهندس المصري محمود الكومي، إن الروبوت الذي ابتكره يصلح للاستخدام فوق سطح المريخ، وهذه الفرضية لم تخضع لأي تقييم علمي موثق حتى الآن، ما يثير الشكوك حول جدية الابتكار وتفرده، خاصة أن تقنية تحويل الهواء الجوي المحمل بالرطوبة إلى ماء ليست جديدة.

أطلق الكومي اسم "إيلو" على الروبوت الجديد، ويقول إن الاسم مأخوذ من كلمة في اللغة الإستونية وتعني "الحياة"، إلى جانب أن اللفظة قريبة إلى اسم "إيلون ماسك"،  وهو صاحب نموذج الأعمال المفضل له.

ويشير الكومي لموقع سكاي نيوز عربية إلى أنه بدأ العمل على هذه التقنية منذ عام 2013؛ إذ عمل على نموذج يقوم بتحويل الرطوبة الموجودة في الهواء الجوي إلى ماء صالح للشرب، وهو الابتكار الذي أعلنته شركات عالمية بعد ذلك؛ حيث لم يتمكن حينها من استكماله، على حد تعبيره.

محمد أبو النجا نجاتي.. يكبُر النجاح؛ وتزداد التفاصيل أهمية!

 ويضيف أن ما يميز ابتكاره الجديد عن تقنيات تحويل الهواء الجوي إلى ماء الموجودة في الأسواق، هو أن جهازه يستطيع القيام بالمهمة في ظل ظروف تشابه تلك الموجودة على سطح المريخ، وعن طريقة اختبار هذه التقنية في ظروف المريخ، قال الكومي إنه طبق ذلك وفقًا لنسب الغلاف الجوي في المريخ، بالاعتماد على مصادر من وكالة ناسا.

ويقول المهندس المصري إنه تقدم بطلب للحصول على براءة اختراع من أكاديمية البحث العلمي، التابعة لوزارة التعليم العالي المصرية، لكنه لم يتم الموافقة على براءة الاختراع بعد، لأن إجراءات الموافقة تتطلب عامين، حتى تتم المراجعة والعرض على الجهات العلمية.

ولدى سؤاله عن نشر هذا الابتكار في ورقة علمية في أي من الدوريات العلمية العالمية الموثوقة، أفاد الكومي، بأنه باحث مستقل، وغير مُقيد في جامعة حتى يقوم بإجراء أي بحث علمي من خلال مؤسسة أكاديمية، لافتًا إلى أن تكاليف النشر العلمي مرتفعة جدًا، وهو السبب الذي يعيقه عن نشر ابتكاره في مجلة علمية بشكل فردي.

ويلفت الكومي إلى أنه سعى إلى مؤسسات بحثية، لكن لم يكن هناك نتيجة، مؤكدًا في الوقت ذاته أنه حصل من قبل على جائزة جنيف بابتكاره روبوت "كيرا".

في ميزان العلم

أخبار ذات صلة

من البيض المخصب.. باحث مصري في إنجلترا ينتج لقاح ضد كورونا

موقع سكاي نيوز عربية توجه بالسؤال إلى الدكتور أسامة شلبية، أستاذ فيزياء الفلك والفضاء بجامعة القاهرة، حول الابتكار الجديد، ومدى ملائمته لغلاف المريخ، والذي قال بدوره إن الفكرة وجيهة من حيث المبدأ، لكن لكي نستطيع الحكم عليها علميًا لابد من وجود معايير واضحة.

ويضيف أن أي ابتكار لابد أن تتوافر فيه شروط محددة، وهي أن يكون هناك عملية "نشر علمي" في مجلة علمية دولية مرموقة توثق للنظرية المبني عليها، إلى جانب الحصول على براءة اختراع، وهو ما لم يتحقق في هذا الابتكار الجديد.

ويلفت شلبية إلى أن النظريات العلمية تتطلب أحيانًا عشرات السنوات حتى يتم التحقق منها، وتتحول النظرية العلمية إلى تطبيق، ويستشهد بنظرية الانبعاث المستحث للإشعاع "الليزر" التي وضعها "أينشتاين" لكنها لم تتحول إلى تطبيق وتوليد أول شعاع ليزر أثناء حياته.

ويشدد مدير مركز أبحاث الفضاء أن تكنولوجيا تحويل الهواء الجوي إلى ماء، ليست جديدة، وهي فكرة موجودة ومجربة، لكن في حالة تغيير نسب مكونات الهواء في الابتكار الجديد لتناسب نسب الغلاف الجوي في المريخ، فلابد أن يتم وضع هذه الفرضية في ورقة علمية ويتم مراجعتها من العلماء، ونشرها قبل الحديث عنها في الإعلام.

ليس ابتكارًا

من جانبه يقول أشرف أمين، رئيس القسم العلمي بجريدة الأهرام، إن الروبوت "إيلو" ليس ابتكارًا، وإنما هو عملية أقرب لتجميع أو تكرار لمنتج مُتداول بالفعل.

ويضيف أمين لموقع سكاي نيوز عربية أن المجتمع العلمي يطلق كلمة "ابتكار" عندما يكون هناك منتج ابتكاري جديد، ومن يقرر إذا ما كان هذا النموذج ابتكارا من عدمه هو خضوعه لفحص علمي من جهات موثوقة.

ويوضح أنه إذا كان الروبوت الجديد يستطيع تحويل الهواء إلى ماء على سطح المريخ، ففي هذه الحالة لابد أن يتم الاستشهاد بجهات علمية غير متحيزة، مثل وكالة الفضاء المصرية، أو تشكيل لجنة من علماء الفيزياء والفلك بكلية العلوم، ويتم مناقشة صاحب هذه الفكرة.

ويشدد أمين على أن هذه القواعد ليست تقليلًا من شأن المهندس المصري، لكن القواعد التنظيمية تضمن الفصل بين الغَث والسمين، وأن يتم وضع الأمور في نصابها الصحيح؛ مؤكدًا أن التقييم العلمي لأي فكرة أمر مهم للاعتراف بها.