تمكن فريق من الأطباء المغاربة قبل يومين من توليد سيدة إفريقية من دولة مالي كانت حاملا بتسع توائم، وذلك بعد رقودها بالمصحة لمدة تزيد عن شهر ونصف، منذ قدومها إلى المغرب في حالة صحية حرجة، ما لفت الأنظار نحو التعاون الطبي بين المغرب والدول الإفريقية، وكفاءة الأطباء المغاربة.
وقال مدير مصحة عين برجة بالدار البيضاء يوسف العلوي في تصريح لموقع "سكاي نيوز عربية" إن "نجاح العملية القيصرية التي أسفرت عن توليد السيدة حليمة سيسي، (25 عاما)، قد جاء نتيجة لثقة الأطباء الماليين في الطب المغربي"، موضحا أن العلاقات بين المصحة التي يديرها وبين الأطباء في دولة مالي "تعود إلى أزيد من ثلاث سنوات".
والعملية الجراحية التي وُصفت بالدقيقة، تعتبر بحسب ذات المتحدث "الأولى من نوعها التي تجرى في المغرب، وبإشراف 3 أطباء متخصصين في التوليد و4 أطباء إنعاش و3 أطباء متخصصين في المواليد الخدج، إضافة إلى طبيب متخصص في عملية القسطرة".
تبادل علمي كثيف
ويعرف التبادل الطلابي بين الجامعات المغربية ونظيراتها في الدول الإفريقية تطورا ملحوظا، إذ يبلغ عدد طلبة الطب المغاربة في السنغال وحدها ما يفوق 800 طالب، ما يجعلهم يكونون أكبر بعثة طلابية مغربية، فيما تحتل كلية الطب والصيدلة بفاس المرتبة الأولى على المستوى الوطني من حيث عدد الطلاب المنحدرين من الدول الإفريقية، بحسب مصادر موقع "سكاي نيوز عربية".
وتقول الباحثة في علم الاجتماع الصحي نوال موحوت في تصريح لموقع "سكاي نيوز عربية" إن "ما يقارب 15 بالمئة إلى 20 بالمئة من الطلاب الأفارقة في شعبة الطب، والذين يأتون إلى المغرب عن طريق الوكالة المغربية للتعاون الدولي، يتلقون تدريبات مكثفة في الجامعات والمستشفيات المغربية"، مؤكدة أن "الكثيرين منهم يتعلمون اللغة العربية والدارجة المغربية، ما يسهل عليهم التواصل مع المرضى في المصحات التي يباشرون فيها فتراتهم التدريبية".
وأضافت أن "الكثير من المسؤولين في المستشفيات الإفريقية يواظبون على زيارة المستشفيات الجامعية المغربية، خصوصا فيما يتعلق بالنظم المعلوماتية المغربية"، لافتة إلى أن "الأطباء الأفارقة أصبحوا مكونا عاديا في المستشفيات المغربية"، ومعتبرة أن "بينهم أطر عالية الكفاءة وذات حس تواصلي عالي".
وكان المغرب قد أطلق حملتين لتسوية أوضاع المهاجرين الأفارقة، خلال عامي 2014 و2016، ما جعل المهاجرين الأفارقة يحظون بالرعاية الطبية من طرف المصحات المغربية، في حين يتطلع الأفارقة والمواطنون المغاربة نحو تفعيل نظام الحماية الاجتماعية الذي أطلقه المغرب قبل أسابيع، خصوصا فيما يتعلق بنظم الرعاية الطبية المتقدمة التي يتضمنها.
كورونا يسرع وتيرة التعاون
وكان المغرب قد أقدم منذ منتصف العام الماضي، على إرسال مساعدات طبية إلى 15 دولة إفريقية، تزامنا مع انتشار وباء كورونا في القارة السمراء، وذلك بتعليمات من العاهل المغربي، بما يقدر بمئات الآلاف من المواد الطبية مثل الكمامات والسترات الطبية والمطهرات وعلب الدواء، حيث استفادت منها دول إفريقية من بينها بوركينا فاسو والكاميرون وجزر القمر وملاوي وموريتانيا والنيجر والسنغال.
ويعتبر الباحث المالي مختار ميغا أن "المغرب يعتبر من الدول المتقدمة في مجال الصحة، مستمدا خبرته من الدول الأوروبية القريبة منه، وهو الاعتبار نفسه الذي يجعل الدول الإفريقية تستفيد من خبرات المغرب بحكم قربه منها"، لافتا إلى "أهمية الموقع الجغرافي للمغرب حتى على صعيد التعاون الصحي".
وأوضح ميغا، في تصريح لموقع "سكاي نيوز عربية " أن "عاصمة دولة مالي على سبيل المثال يتواجد فيها مستشفى مغربي مهم"، مؤكدا أن "للمستشفى المغربي في باماكو دور مهم في مكافحة وباء كوفيد في مالي".
دبلوماسية مغربية صحية
وشدد المتحدث "على أن وزارة الصحة المغربية كانت قد نظمت خلال عام 2018 مناظرة طبية في مدينة الصخيرات، بحيث استقبلت 16 دولة إفريقية، ضمنها دولة مالي"، مشيرا إلى أن "المناظرة كانت على قدر كبير من الأهمية فيما يتعلق بمكافحة تزييف الأدوية".
وأكد "على أن إنجاب السيدة حليمة سيسي لتوائمها التسع يعتبر معجزة طبية بامتياز تُحسب للقطاع الصحي المغربي"، في إشارة منه إلى الدور الاستراتيجي الذي بات يضطلع به التعاون الصحي بين المغرب والدول الإفريقية.
وفي ذات السياق، أوضحت مصادر حكومية مغربية لموقع "سكاي نيوز عربية" أن "المغرب لا يحوز المصداقية والثقة في الفضاء الإفريقي من فراغ، وإنما بفضل امتلاكه لدبلوماسية متعددة المحاور، في مقدمتها الدبلوماسية الصحية".
وبحسب المصادر ذاتها، فإن "المغرب ينطلق من بواعثه الإنسانية العميقة، وكذلك من حاجيات أشقائه الأفارقة"، خصوصا وأن الخبرات المغربية تتعاظم مع مرور الوقت، تزامنا مع تزايد التحديات الصحية التي تطل برأسها على العالم والقارة السمراء.