تبدو معلومات كثيرين عن مرض التوحد مبهمة ومختلطة، مع عديد من الأمراض الأخرى، وعلى الرغم من تخصيص الثاني من أبريل من كل عام للاحتفال باليوم العالمي للتوحد، لا تزال كثير من المفاهيم المغلوطة عن المرض والمصابين به، في وقت يسعى العالم إلى تعزيز دورهم في المجتمع، وتصحيح الأخطاء المرتبطة بمريض التوحد.
يوضح أسامة فاروق، رئيس قسم الاضطرابات الانفعالية والسلوكية ووكيل كلية التربية الخاصة بجامعة مصر، أن التوحد مجموعة من اضطرابات النمو العصبي، يتميز بعجز في التواصل الاجتماعي والسلوكيات النمطية التكرارية المقيدة، ويحدث هذا في مرحلة الطفولة المبكرة.
من بين كل 54 طفلا يصاب بالتوحد
ويتابع فاروق في تصريحات خاصة لـموقع سكاي نيوز عربية، أن هذا المرض يتزايد بشكل سريع، وحاليا يتم تشخيص إصابة طفل واحد من بين كل 54 طفلا بالتوحد.
ويوضح أن من أهم عناصر التشخيص لاضطراب طيف التوحد هو إصابتهم بقلة التواصل، ويواجه الأطفال المصابون صعوبة في فك أو فهم لغة الجسد أو الإيماءات أو نبرة الصوت، بالإضافة إلى المشكلات المتعلقة بالتواصل والعلاقات الاجتماعية، ويمكن معرفة ما إذا كان الطفل مصابًا بالتوحد من عمر 3 أشهر.
ويضيف في تصريحاته لموقع سكاي نيوز عربية: "نسبة كبيرة من أطفال اضطراب طيف التوحد تصل إلى 75 بالمئة، يصاحبهم إعاقة عقلية عند تفاقم درجاته، وأسبابه كثيره منها: وجود خلل وراثي، فأكثر البحوث تشير إلى وجود عامل جيني ذي تأثير مباشر في الإصابة بهذا الاضطراب، حيث تزداد نسبة الإصابة بين التوائم المتطابقة (من بويضة واحدة) أكثر من التوائم الأخوية (من بويضتين مختلفتين)".
عوامل تعزز الإصابة بالمرض
ويوضح أن العدوى الفيروسية من العوامل التي تؤدي للإصابة بالمرض خاصة في المراحل المبكرة من الحمل، وهذا يؤدي إلى مجموعة من الاضطرابات التطورية النمائية بما فيها التوحد، ومن بين الأمراض المعدية المرتبطة بالتوحد أيضًا فيروس الحصبة الألمانية وفيروس الهيربس والفيروسات التي تؤدي إلى تكاثر الخلايا وزيادة عددها.
ويشير إلى أن إحساس الطفل بالرفض من والديه وعدم إحساسه بعاطفتهم فضلاً عن وجود بعض المشكلات الأسرية يؤدي إلى تخوفه وانسحابه من محيط أسرته وانطوائه على نفسه.
وحذر من أن تعاطي الوالدين الخمر والمخدرات من بين عوامل إصابة الأطفال بالتوحد، وذلك ما أثبتته الدراسات الحديثة تحت مسمى متلازمة الكحول الجيني والتوحد، فالأثينول معروف أنه سبب للإصابة قبل الولادة للجهاز العصبي المركزي، أيضا للتدخين تأثير ضار في الإصابة بالتوحد.
وتحدث فاروق عن طرق الوقاية من اضطراب طيف التوحد، مؤكدا أنها تبدأ من قبل الزواج، حيث يجب إجراء التحاليل اللازمة التي تعطي مؤشرات عن مدى توافق الزوجين، وأثناء الحمل يجب الاهتمام بالأم الحامل واتباع تعليمات الطبيب والاهتمام بالتغذية السليمة، مع عدم التعرض للإشعاعات الناجمة عن بعض الأجهزة مثل غرف الأشعة والمايكرويف.
وشدد على أهمية الاعتناء بصحة الطفل منذ مولده وأخذ التطعيمات في وقتها، مع الاهتمام بالرضاعة الطبيعية بقدر الإمكان، والاهتمام بتغذية الطفل وعدم تركه فترات طويلة منفردًا أو أمام التلفاز، أو مع الموبايل، لأن كل هذه عوامل تساعد على الانطواء والتوحد أكثر.
ويتابع بضرورة تأهيل طفل التوحد عبر مثير من برامج التأهيل للأطفال ذوي اضطراب طيف التوحد، ومنها برامج معتمدة يتم تطبيقها.
السن الذهبي للتعرف على الطفل التوحدي
في سياق متصل، شدد استشاري الصحة النفسية وليد هندي، في تصريح خاص لموقع سكاي نيوز عربية، على أهمية متابعة الطفل خصوصا عند اتمامه الثلاث سنوات، مؤكدا أن هذا هو السن الذهبي للتعرف على الطفل التوحدي.
وتحدث عن بعض السمات المشتركة التي يخطئ الأهل في تشخيصها مثل: عدم استجابة الأطفال للأوامر، ويعتقدون أنها مشكلة في حاسة السمع، وكذلك البرود العاطفي الشديد، الانطوائية والعزلة على الذات، واللعب منفردًا، أو إيذاء الذات جسديا، أو رفض الاحتضان، مؤكدا أنه عند وجود هذه الصفات مجتمعة تكون مؤشرًا على أنه طفل متوحد، وفي هذه الحالة يجب اللجوء إلى مختص لإرشاد الوالدين على الطريقة الصحيحة للتعامل معه.
وختم حديثه مشددا على عدم إهمال مريض التوحد، حتى لا يتفاقم المرض ويؤدي إلى إيذاء جسدي، لافتًا إلى أن الدراسات أثبتت أن 30 بالمئة من مرضى التوحد مكتملي العقل ومدركين لكل شيء.