في أكبر الأسواق الشعبية لمدينة الدار البيضاء، وسط المغرب، يقف إبراهيم أمام عربته لبيع المواد الطبيعية، يعرض فيها مجموعة من الخلطات والزيوت الطبيعية، ويعدد لزبائنه فوائدها ومنافعها الكثيرة على الشعر والبشرة، من أبرزها زيت القنب الهندي.
يقول إبراهيم لـ"سكاي نيوز عربية": "زيت الحشيش من بين أكثر الزيوت الطبيعية طلبا من قبل الزبناء، وأقوم باستخراجه من بذور القنب الهندي الباردة بعد عصرها، لأحصل على زيت أخضر صافي، بمنافع لا تعد ولا تحصى".
ويتأسف الشاب لارتباط استعمال نبتة القنب الهندي لدى معظم المغاربة بالمخدرات والاستعمالات الترفيهية، وإغفال فوائدها الصحية والتجميلية، ويقول: "القنب الهندي لا يحتوي فقط على مواد مخدرة، بل هو غني بزيت له مفعول سحري على الشعر والبشرة، أثبت فعاليته على مدى سنوات من الاستعمال".
وفي الوقت الذي كان بائع زيت القنب الهندي بالدار البيضاء منهمكا في عمله، كان أعضاء الحكومة المغربية بالعاصمة الرباط، قد صادقوا على مشروع قانون يتعلق بالاستعمالات المشروعة للقنب الهندي.
ويهدف مشروع القانون إلى إخضاع كافة الأنشطة المتعلقة بزراعة وإنتاج وتصنيع ونقل وتسويق وتصدير واستيراد القنب الهندي ومنتجاته لنظام الترخيص، مع خلق وكالة وطنية يعهد لها التنسيق بين كافة القطاعات الحكومية والمؤسسات العمومية والشركا الوطنيين والدوليين من أجل تنمية سلسلة فلاحية تعنى بالقنب الهندي مع الحرص على تقوية آليات المراقبة.
فوائد كثيرة واستخدامات متعددة
ويعدد مختصون في مجال الأعشاب الطبية المنافع المتعددة للقنب الهندي سواء في المجال الطبي أو التجميلي، من خلال المواد الغنية التي تحتويها تركيبته مثل الأوميغا 3 والأوميغا 6 ومضادات الأكسدة والمغنيسيوم والفسفور و البوتاسيوم وغيرها من المكونات.
يقول عبد الفتاح عشاب، عضو الجامعة الوطنية للأعشاب والطب البديل بالمغرب، أن سوء استخدام النبتة الطبيعية للقنب الهندي، هو ما يربط مفعولها بالمخدرات والاستعمالات غير المشروعة، ويصرف الانتباه عن منافعها المتعددة.
ويشير عبد الفتاح في تصريح لـ"سكاي نيوز عربية"، إلى أن من أبرز المواد التي تحتويها نبتة القنب الهندي، مواد يمكن استعمالها في تركيبة أدوية خاصة بالتخدير سواء الموضعي أو الكلي.
ويمكن استخدام زيت القنب الهندي حسب الخبير إلى جانب عشبة الشيح في تعقيم وتطهير البيت من الفيروسات، حيث يهدئ من القلق والاضطراب، كما يعالج ألم الرأس والصداع النصفي.
كما يلفت عبد الفتاح، إلى أن القنب الهندي يعتبر علاج فعالا ضد تساقط الشعر الناتج عن نقص في بعض المعادن مثل النحاس، الزنك، اليود و السيلينيوم، حيث يعمل على تغذية وتقوية فروة الرأس وتحفيز البصيلات وتجديد خلايا الشعر.
ومن شأن تقنين المغرب لاستخدامات القنب الهندي، أن يمنح للخبراء في مجال الأعشاب الطبية الفرصة من أجل الانكباب على دراسة فوائده بشكل أكبر.
وفي هذا الصدد، يقول عبد الفتاح: "حاليا نستخدم بذور القنب في وصفات خاصة بمعالجة مشاكل الشعر، غير أن تقنينه سيتيح لنا إمكانية استغلاله في مجالات أوسع".
استعمالات طبية
لنبتة القنب الهندي حسب جمال البوزيدي، رئيس العصبة الوطنية لأمراض السل والأمراض الصدرية، استعمالات متطورة وسط سوق واعدة، حيث يتوقع المتتبعون والخبراء وفقه، أن تصل سوق الصناعة الدوائية المرتبطة بالقنب الهندي إلى 60 مليون دولار مع حلول العام 2027.
وعن فوائد القنب الطبية، يقول البوزيدي لـ"سكاي نيوز عربية"، إن النبتة معروفة في الوسط العلمي بتأثيراتها الإيجايية وفعاليتها في الحد من الآلام التي لا تستجيب للمسكنات التقليدية، من بينها حالة الصرع أو الآلم المرتبطة بالأمراض المستعصية.
كما يدخل القنب الهندي وفق البوزيدي، في علاج بعض أنواع السرطانات التي تتطلب علاجا كميائيا، كما تستعمل أمراض في المناعة والسيدا.
ويضيف البوزيدي وهو أيضا نائب برلماني سابق ممن دافعوا عن تقنين زراعة القنب الهندي، أن هذا الأخير يمكن استخدامه في أمراض الخرف ويساعد على فتح الشهية في حالات فقدان الوزن الشديد، كما يستعمل كدواء بديل لعلاج الإدمان على المخدرات الصلبة والقوية.
ويؤكد المتحدث أن فعالية القنب الهندي تكمن في استخدامه كدواء، على شكل عقار أو محلول للشرب، بينما يؤدي استهلاكه كمخدر، إلى أمرض خطيرة قد تصل إلى القصور التنفسي.
استبدال القنب الهندي المغربية
وفي الوقت الذي لا توجد فيه دراسات وأبحاث سريرية كافية، تبرز فوائد القنب الهندي على المستوى الطبي والتجميلي، فإن إلياس أعرب، نائب رئيس جمعية صنهاجة الريف، يدعو إلى إجراء أبحاث علمية على القنب الهندي المغربي البلدي وتحديد تركيبته وإمكانية استغلاله في المجال الطبي والصيدلي الصناعي.
وتختلف نوعية بذور القنب الهندي المستعملة حاليا في المغرب، عن البذور التي سوف يتم اعتمادها مستقبلا بعد تقنين الزراعة بشكل رسمي.
ويقول أعراب لـ"سكاي نيوز عربية"، إنه سيتم استيراد بذور تحتوي على نسبة أقل من المادة المخدرة (رباعي هيدرو كانبنيول) المعروفة اختصار بـ(THC)، ونسبة أكبر من مادة (الكانابيديول) التي تستخدم في الأغراض الطبية والصناعية.
ويتحفظ إلياس وهو باحث في سلك الدكتورة في الأعشاب الطبية والعطرية بمنطقة صنهاجة، على خطوة استيراد البذور التي من شأنها حسبه أن تقضي على القنب الهندي المغربي، دون إجراء الاختبارات الكافية لتحديد إمكانية استخدامه في الصناعة الطبية من عدمه.
وبغض النظر عن استعمالاته كمادة مخدرة، يشير إلياس ابن منطقة يزرع بها القنب الهندي، إلى أن استخدامات الأخير عبر العالم كانت متعددة منذ القدم، ويلفت إلى أن مزارعي القنب كانوا يستخدمون بذوره كعلف للدجاج، كما كانت بذوره الغنية بالمواد المضادة للأكسدة تستهلك كمادة غذائية مثلها مثل بذور دوار الشمس.