في سبعينيات القرن العشرين، صور مسبار روسي سحابة عملاقة على كوكب المريخ، الأمر الذي أثار اهتمام العلماء، لكنهم لم يتمكنوا من حل لغز هذه السحابة إلا مؤخرا.
فقد بدأ علماء الفلك يفهمون منشأ السحابة العملاقة الغريبة، التي يبلغ طولها حوالي 1800 كيلومتر، منذ اكتشافها في سبعينيات القرن العشرين على المريخ، حيث تظهر يوميا على مدى أشهر عدة انطلاقاً من أحد أكبر البراكين على الكوكب الأحمر.
وكانت أجهزة المسبار الأوروبي "مارس إكسبرس" قد رصدت هذه السحابة الطويلة في سبتمبر 2018، على ما أفاد بيان صدر عن وكالة الفضاء الأوروبية الثلاثاء.
غير أن مراقبتها كانت صعبة، إذ أن موقعها على الكوكب كان يحول دون أن ترصدها أجهزة المسبار الأوروبي، الذي يدور حول المريخ منذ نهاية العام 2003، إلا لفترات قصيرة جداً، بحسب ما ذكرت فرانس برس.
ونقل بيان الوكالة الأوروبية عن خورخي هرنانديس برنال، من جامعة إقليم الباسك في بيلباو، قوله إن الفريق الذي يدرس سحب المريخ تمكن من العثور على الغيمة باستخدام "أداة سرية من مارس إكسبرس"، وهي كاميرا مراقبة بصرية تسمى "في إم سي"، وفقا للوكالة الفرنسية.
واقتصر تشغيل هذه الكاميرا، التي تعادل دقتها دقة كاميرا الويب العادية على فترة وجيزة في العام 2003، أي بعد وقت قصير من إطلاق "مارس إكسبرس"، ثم أوقف تشغيلها ولم تستخدم إلا بشكل متقطع في بعض المهام التعليمية.
غير أن ما يميز كاميرا "في إم سي" عن الأجهزة العلمية الأكثر تطورا في المسبار، بحسب ما أوضح برنال الذي شارك في إعداد دراسة عن الموضوع نشرت في العدد الأخير من مجلة "جيوفيزيكل ريسيرتش"، هو أنها تتمتع "بمجال رؤية كبير. وهي مناسبة تماما لرصد تطور ظاهرة".
وبينت مراقبة السحابة أنها تتشكل قبل شروق الشمس من كل صباح على الجانب الداخلي لبركان أرسيا مونس، على مدى أشهر عدة من الأشهر الأرضية الاثني عشر التي يتألف منها ربيع المريخ وصيفه.
وتتكون السحابة من بخار الماء الجليدي، وترتفع مع بدء شروق الشمس إلى علو نحو 40 كيلومترا، أي أعلى بكثير من قمة البركان القديم التي يبلغ ارتفاعها نحو 17 كيلومترا، وعندها، تمددها الرياح باتجاه الغرب بسرعة تصل إلى 600 كيلومتر في الساعة على طول 1800 كيلومتر.
ولا تدوم هذه الظاهرة أكثر من ساعتين ونصف الساعة قبل أن تختفي السحابة تحت أشعة الشمس، وفقا لفرانس برس.
وإضافة إلى ما رصدته كاميرا "في إم سي"، سرعان ما استعين بـالكاميرا المجسمة العالية الدقة والمصور الطيفي الفرنسي "أوميغا" لدرس خصائص هذه السحابة.
وشرحت بريجيت غونديه من معهد الفيزياء الفلكية في جامعة باريس ساكلي لوكالة فرانس برس أن "أوميغا" أتاح "معرفة مما تتكون السحابة، أي الماء".