تسارعت دقات قلب الطبيب المصري أحمد الشوادفي شريف من فرط السعادة عقب حصوله على جائزة التميز في استئصال وزراعة الأعضاء من وزارة الصحة البريطانية، نظرا لإسهاماته في إنقاذ حياة عشرات المرضى منذ انضمامه إلى جامعة إدنبرة العريقة.
وحصد الشوادفي المدرس بمعهد الكبد بجامعة المنوفية على الجائزة المرموقة التي تُمنح كل عامين لأفضل الأطباء في مجال زراعة واستئصال الأعضاء داخل بريطانيا مناصفة مع الجراح الإنجليزي سامويل جالاجر، خلال حفل أُقيم على الإنترنت بسبب فيروس كورونا.
وحرص وزير التعليم العالي والبحث العلمي المصري خالد عبدالغفار، على الإشادة بالطبيب المصري وإنجازاته الملموسة كما أجرى اتصالا هاتفيا بالشوادفي لتهنئته بحصوله على درع الجمعية البريطانية لزراعة الأعضاء، وفقا لبيان رسمي للوزارة.
واختص الشوادفي موقع "سكاي نيوز عربية" من بين وسائل الإعلام المقروءة للحديث عن كواليس حصوله على الجائزة الكبيرة ومسيرته الطبية بين جامعتي المنوفية وإدنبرة، كما يكشف عن أصعب العمليات التي خاضها لاستئصال أعضاء المتوفين حديثا لمنحها إلى مرضى في حاجة ماسة لها.
ويقول الطبيب المصري لموقع "سكاي نيوز عربية" عن الجائزة: "بالطبع سعيد بهذا التقدير، وأعتقد أنه نتاج احتكاكي مع أساتذة كبار في المنوفية، اكتسبت منهم خبرة واسعة، وأيضا عملي مع البروفيسور الياباني كويتشي تاناكا، أول من قام بزراعة الأعضاء بمصر داخل معهد الكبد".
يملك الجراح (36 عاما) ذكريات طيبة عن معهد الكبد منذ كان طالبا في كلية الطب بجامعة المنوفية، سمع كثيرا عن هذا الصرح الطبي واهتمام الأطباء المؤسسين للمكان بالتجربة مثل إبراهيم مروان وطارق إبراهيم وعمرو حلمي، لكنه ظل بعيدا حتى تخرجه وممارسته للمهنة، وعند بدء عمليات زراعة الكبد قرر الالتحاق بالركب.
يذكر الشوادفي لموقع "سكاي نيوز عربية": "المعهد أشبه بمنارة في مصر والشرق الأوسط بمجال زراعة الكبد، رغم صعوبة المجال قادني شغفي للانضمام إلى المكان، تعلمت بداخله الكثير وانتظمت في أداء واجبي حتى سافرت إلى بريطانيا، هناك اكتشفت عالم جديد".
ذهب الرجل الثلاثيني إلى بريطانيا في مهمات تدريبية وعلمية بجامعة إدنبرة قبل استقراره فيها ليصبح عضوا في الفريق الطبي لاستئصال وزراعة الأعضاء، الأوضاع مختلفة عن مصر وفقا للشوادفي، يمكنهم استخدام أعضاء حديثي الوفاة بشرط إقرارهم مسبقا بالتبرع أو الحصول على موافقة ذويهم، أفاق لم يعتاد عليها لكن سرعان ما أظهر موهبته وإمكانياته.
يسترسل الشوادفي لموقع "سكاي نيوز عربية": "حتى الآن أجريت نحو 190 عملية استئصال وزراعة أعضاء، وساهمت في تدريب عدد من الأطباء على إتمام تلك الجراحات الدقيقة وكيفية تنفيذها بدون وقوع أخطاء، نقل الأعضاء سليمة من المتبرع إلى المريض أمر حتمي".
فلدى بريطانيا نظام واضح ومُحكم في نقل الأعضاء من شخص لآخر، عند وقوع حالات وفاة مع عدم وجود حائل للتبرع، تُرسل البيانات إلى الفرق الطبية المختصة وعددها 7 على مستوى المملكة، وفريق الشوادفي يقتصر دورهم على تغطية شمال إيرلندا وانجلترا، يتم إخطارهم للتوجه سريعا إلى المستشفى، في تلك النوعية من العمليات ينشأ صراع حميم مع عقارب الساعة.
يوضح الشوادفي لموقع "سكاي نيوز عربية" أهمية الوقت خلال التعامل مع استئصال وزراعة الأعضاء قائلا: "نبدأ عد تنازلي عقب توقف ضخ الدماء إلى الأعضاء، لكل عضو فترة محددة قبل انتهاء صلاحيته، القلب والرئتين لابد نقلهم قبل انقضاء 4 ساعات، الكبد والبنكرياس 12 ساعة، والكلى 24 ساعة".
وأردف الطبيب المصري: "خلال عملية الاستئصال يتم إبلاغ المرضى المحتاجين لأعضاء المتوفى للانطلاق نحو المستشفيات المخصصة لجراحات الزراعة، ويُنقل كل عضو إلى الوجهة المحددة له عبر سيارات الإسعاف أو الطائرات لنقلها إلى كافة أنحاء بريطانيا".
ورغم الخبرة الواسعة التي اكتسبها الشوادفي خلال عشرات العمليات، هناك تجارب مرت بصعوبة على فريقه يتحدث عنها لموقع "سكاي نيوز عربية": "مررت بذلك خلال التعامل مع حالات الوفاة لصغار السن، رؤية الأطفال في هذا الوضع مؤرق وعاطفي للغاية، حضرت 4 جراحات لهم وبدا التأثر واضحا على الفريق الطبي".
ويضيف الشوادفي لموقع "سكاي نيوز عربية":" الأمر يحتاج إلى دعم نفسي كبير للمرور بتلك المسألة، أقوم بتذكير فريقي بأننا نقوم بدورنا لمساعدة طفل آخر ستتحول حياته إلى الأفضل بعد حصوله على الأعضاء التي قمنا باستئصالها من المتوفي".
ويكشف الطبيب المصري عن استخدام الفريق الطبي بإدنبرة لآلات حديثة أثناء إجراء عمليات الاستئصال تساعدهم على ضخ الدماء إلى أعضاء جسد الراحلين بعد توقف القلب لمدة ساعتين. يمنحهم ذلك مساعدة هائلة في تحسين نتائج زراعة الكبد والكلى والبنكرياس.
ويعتقد الشوادفي أن رؤية المرضى بعد شفائهم أو استلام رسائل شكر منهم أو ذوي المتبرعين هي أفضل لحظات الأفضل بمجال استئصال وزراعة الأعضاء، يشعر حينها بقيمة ما يقدمه رفقة زملائه في الفريق الطبي وضرورة استكمال أبحاثه ودراساته لنشر التجربة في أنحاء العالم.
ويؤكد صاحب جائزة التميز في استئصال وزراعة الأعضاء ببريطانيا جاهزيته الدائمة لنقل ما لديه من خبرات وتجارب تلقاها في الخارج إلى بلاده موضحا أن مصر تملك أساتذة على أعلى مستوى وكوادر طبية مميزة يمكنها تحقيق طفرة في مجال زراعة الأعضاء يستفيد منها أكبر عدد من المرضى.