برز لقاح "أكسفورد أسترازينكا" البريطاني، والذي وصف بـ"لقاح لكل العالم"، في سباق اللقاحات المبشرة للقضاء على فيروس كورونا المستجد (كوفيد-19)، خاصة بعد أن أدرجته منظمة الصحة العالمية، ضمن قائمتها للقاحات الاستخدام الطارئ.
وفيما تصدر اسم لقاح "أكسفورد أسترا زينكا" ضمن السباق العالمي للقاحات، برز اسم الباحث المصري أحمد سالمان، أحد أبناء كلية العلوم بجامعة عين شمس بالقاهرة، كباحث عربي وحيد بين أعضاء الفريق البحثي المكون من 80 باحثا من جنسيات مختلفة بإسهامه وبصمته في إنتاج وتطوير هذا اللقاح المبشر.
ومن معمله بجامعة أكسفورد، يتحدث "سالمان" عضو الفريق البحثي لإنتاج لقاح كورونا، ودكتور المناعة وأبحاث تطوير اللقاحات بمعهد إدوارد جينر بالجامعة، عن الدور الذي يضطلع به داخل الفريق ورحلة انتاج وتطوير اللقاح.
ويقول سالمان في حديث خاص لـ "سكاي نيوز عربية":المهمة متشعبة لكنها بصورة أساسية تقوم على إجراء التجارب السريرية والإختبارات المناعية اللازمة؛ لمعرفة هل الخلايا استجابت أم لا، ومعرفة كمية الأجسام المضادة، ومدى فعاليتها لعمل تثبيط للفيروس، ثم متابعة المتطوعين والإختبارات جميعها بشكل عام على المدي البعيد.
ويوضح: دوري فى الأساس يرتكز على كل ما يتعلق بالمناعة، ومتابعة المتطوعين بصورة دورية بشأن الإختبارات المناعية، وفصل العينات، ومتابعة مسحات المتطوعين إن كانت إيجابية أو سلبية فيما يتعلق بالتجارب المختلفة.
وتابع: "في مرحلة النتائج يكون لكل خطوة (بار كود) حيث يتم إدخال تلك البيانات على جهاز (سيرفر) محدد، وبعد ذلك يستقبلها الإحصائيين، لعمل الإحصاءات ونشر الأبحاث بناء على ذلك.
يشار إلى أن منظمة الصحة العالمية قد أعلنت أمس الإثنين اعتماد "أكسفورد أسترازينكا" للاستخدام الطارئ، وهو ما سبقه تصريح رسمي للحكومة البريطانية نهاية الشهر الماضي بالاستخدام الطارئ اللقاح الذي وصفه الباحثون بـ "لقاح لكل العالم". كما صادقت على اللقاح الهيئة المنظمة للأدوية في الهند الأحد 3 يناير الماضي.
14 شهرا من العمل المتواصل
وروى الباحث المصري رحلة إنتاج لقاح أكسفورد أسترازينكا المضاد لفيروس كورونا، قائلا: عملنا كفريق البحثي لجامعة أكسفورد على إيجاد لقاح لفيروس كورونا، منذ أن بدأ انتشار كوفيد - 19 في الصين ديسمبر 2020.
ويضيف سالمان: بدأ العمل في تطوير اللقاح منذ يناير 2020 على دراسة تركيب الجين الخاص بالفيروس بالتزامن مع تجارب على الفئران ثم القرود، بعد أن جرى تجربة اللقاح على 6 قرود، مطلع فبراير الماضي، وثبت أن اللقاح أعطى مناعة 100% لهذه الحيوانات.
ومنذ إعلان منظمة الصحة العالمية أن الفيروس "جائحة عالمية" في مارس الماضي، عمل "سالمان" وفريقه البحثي على تسريع وتيرة العمل في انتاج اللقاح.
ويسرد سالمان أنه بنهاية إبريل الماضي جرى نشر دراسة الأمان الخاصة بالتطعيم علي الحيوانات وأثبتت عدم وجود أي أعراض في الجهاز التنفسي للقرود التي تم تطعيمها، وهو ما أعقبه موافقة الحكومة البريطانية على إجراء التجارب السريرية على الإنسان، حيث كان أول شخص تم تطعيمه بتاريخ 23 أبريل 2020.
وأكد الباحث المصري أن الدراسات التي ظهرت لاحقا بينت أن لقاح أكسفورد آمن لاعتماده على "ناقل فيروسى" قادر على منع حدوث العدوى (جرى إزالة جينات منه حتى يكون أكثر أمانا)؛ من أجل حث جهاز المناعة على توفير الحماية المطلوبة ضد كوفيد 19، دون أن يحتاج لخلطه بأي مواد كيمياية أخرى، على خلاف لقاحات أخرى.
حماية 76 في المئة لـ 3 أشهر
واستعرض "سالمان" أحدث دراسات الفريق البحثي لأوكسفورد، التي تم إجراؤها عن اللقاح، وسيتم نشرها في ورقتين بحثيتين بالتفصيل في مجلة (ذا لانسيت Lancet) خلال الأيام القليلة القادمة.
البحث الأول الذي يأتي في شكل نسخة أولية قيد المراجعة – بحسب سالمان – يعرض تحليل إحصائي لبيانات المرحلة الثالثة من التجارب السريرية للقاح شملت في المجمل 17177 متطوع منهم (8948 متطوع) في المملكة المتحدة ، و( 6753 متطوع) في البرازيل و (1476متطوع) بجنوب افريقيا.
وأظهرت الدراسة أن "الحصول على جرعة واحدة من اللقاح أنتجت حماية بنسبة 76٪ ضد أعراض كوفيد -19 وتستمر لمدة 90 يومًا على الأقل بعد التطعيم"، وفقا لسالمان الذي أكد في الوقت ذاته أن الدراسة بينت أن فعالية اللقاح وصلت إلى 82.4٪ بعد أخذ الجرعة الثانية في أولئك المتطوعين الذين حصلوا على الجرعة الثانية بعد 12 أسبوعًا أو أكثر من الجرعة الأولى".
تطوير لمواجهة التحوير
كما كشف أستاذ المناعة وأبحاث تطوير اللقاحات عن أنه يجرى تطوير لقاح "أكسفورد – أسترازينيكا" لاستخدامه فى الاختبارات للتأكد من أمانه ومدى انتاجه للأجسام المضادة، في مواجهة تحور سلالة كورونا لاسيما سلالة "جنوب أفريقيا" والسلالة البريطانية.
وفي هذا الصدد، تطرق إلى فعالية اللقاح ضد "سلالة جنوب أفريقيا"، قائلا إن الدراسة (لم تنشر بصورة كاملة) والتي جرت على نحو 2000 شخص بجنوب أفريقيا، بينت أن الفعالية تقل بصورة أكبر بنسبة تقترب من 50 في المئة، وحاليا يجري تطوير اللقاح لاستخدامه فى الاختبارات للتأكد من أمانه ومدى انتاجه للأجسام المضادة، وهو أمر قد يستغرق حوالي شهرين.
لكنه نبه أيضا إلى أن اللقاح بوضعه الحالي مازال فعال بنسبة 100في المئة ضد سلالة جنوب أفريقيا أو السلالة البريطانية فى كونه يمنع المضاعفات، والإصابة بالأعراض الحادة والشديدة.
وحرص على التأكيد بأن اللقاح يتسم بسهولة إنتاجه في أماكن كثيرة، فضلا عن إمكانية حفظه فى درجة حرارة الثلاجة العادية، وتكلفته القليلة (2.5 دولار للجرعة الواحدة) مقارنة بباقي اللقاحات المعتمدة؛ لذا من المتوقع وصوله لأغلب الدول النامية.