قبل عقود من الزمن، كان يقتصر مصطلح الأمية، على غياب مهارات الكتابة والقراءة، لكن مع اتساع مساحة التكنولوجيا في عالمنا، ظهرت "الأمية التكنولوجية"، فعدم قدرة الشخص على التعامل مع الأجهزة الإلكترونية الحديثة، أصبح عائقًا بينه وبين سوق العمل.

 ولهذا السبب، انطلقت مبادرة "بزنس أونلاين" على يد الأختين دعاء وإسراء فضل، لمساعدة أطفال الصعيد على النجاة من الأمية الحديثة في عصر التكنولوجيا.

وحصلت المبادرة خلال عام واحد على أفضل مبادرة على مستوى الجمهورية، ويكرم وزير الشباب والرياضة، أشرف صبحي، الأختين فضل، في مشهد يبرز جهودهم منذ بداية المشوار، ويثبت أقدامهم للاستمرار.

تجربة شخصية

وتقول دعاء فضل، مؤسسة المبادرة، إن تجربتها الشخصية هي وأختها، كانت السبب في إطلاق المبادرة، وتضيف: "بعد تخرجنا من المعهد الفني الصناعي، التحقنا في كلية التربية النوعية، ولم يكن متاح لدينا سوى قسم واحد، وهو تكنولوجيا التعليم".

وتتابع: "ولأننا من أبناء الصعيد، ولم تتوفر لنا سبل تعليم التعامل مع الأجهزة التكنولوجية الحديثة، وواجهنا صعوبة كبيرة، خلال سنوات الدراسة، فكنا حتى لا نجيد التعامل مع الحاسب الآلي في البداية، فقد قررنا ألا تواجه الأجيال القادمة نفس الصعوبات التي واجهتنا".

أخبار ذات صلة

القراءة السهلة.. تجربة مصرية لإنارة طريق "ما بعد محو الأمية"
الأميّة في العراق.. تضارب الأرقام لا ينفي تفاقمها

كما أوضحت فضل أن الهدف من المبادرة هو نشر ثقافة استثمار التكنولوجيا في تعليم النشء ومحو الأمية التكنولوجية لدى طلاب المدارس من سن 12 إلى 16 سنة، في قرى الصعيد، التي تعيق الإمكانيات المادية لأغلب أهاليها، وجود فرص لتعليم الصغار التعامل مع التكنولوجيا الحديثة.

وتكشف فضل أن فريق عمل المبادرة والمكون من 30 متطوعًا، حاول في البداية، الذهاب إلى البيوت في القرى، من أجل توعية الأهالي بأهمية التكنولوجيا، وتعليم التعامل معها للأطفال، "كنا نعلم أن البداية ستكون عن طريق الأهل، واقناعهم بفكرة المبادرة، حتى يسمحوا لأولادهم بالمشاركة معنا".

وأضافت: "بعد إقناع الأهالي، تواصلنا مع المديريات التعليمية والمراكز الشبابية في قرى الصعيد، لتتيح لنا الفرصة للوصول إلى الطلاب، وبعدما طرحنا فكرة المبادرة عليهم، لاقت قبولهم، خاصةً أن نقوم بتحفيزهم دائمًا، من خلال الأنشطة الترفيهية التي تقام على هامش الورش التعليمية".

تكريم وزارة الشباب والرياضة للمبادرة

وفي السياق ذاته، تقول فضل: "كسر الحاجز بين الأطفال والتكنولوجيا هو الخطوة الأولى فقط في الورش، ثم نبدأ تعليمهم مهارات متعلقة باستخدام الأجهزة التكنولوجية، مثل مهارات التصميم الفني، والكتابة على الحاسب الآلي، ونوفر الشركات التي تشتري أعمال الأطفال، لجني مكسب مادي يساعدهم على مواجهة التكاليف المادية للتعليم الأساسي، نظير دعاية مجانية، تقدمها المبادرة لتلك الشركات مجانًا مقابل تعاونهم معنا".

أخبار ذات صلة

17 مليون "أميّ" في مصر
مدرسة آجيبايتشي.. حيث لا يقل سن القبول عن 60 عاما!

إنجازات وطموحات

من جانبها، تقول إسراء فضل، إنه منذ بداية المبادرة في يناير من عام 2020، نجحت في تقديم العديد من الورش التدريبية للطلاب على البرمجة والغرافيك، وصل عددها لحوالي 45 ورشة، تقدم للطلاب مجانًا، بعد الوصول لاتفاق مع بعض الشركات المتخصصة.

وأردفت: "قمنا بعمل معرض موسع لعرض أعمال الأطفال بعد الورش التدريبية، وكانت النتائج مذهلة، وهذا يزيد من فرص تعاوننا مع شركات أكثر، سواء لتعليم الأطفال، أو شراء أعمالهم".

كما أكدت فضل أن هناك صعوبات تواجه المبادرة، على رأسها، عدم وجود الإمكانيات الكافية في معامل المدارس الإلكترونية، لذا تحاول المبادرة توفير أجهزة من الخارج، وفي كثير من الأحيان، يكون عدد الطلاب أكبر من الأجهزة، وهذا يؤثر بشكل مباشر على كفاءة الورش المقدمة للأطفال.

وتستعيد فضل بالذاكرة أهم المواقف التي جمعتهم مع الأطفال، خلال فترة عمل المبادرة، وتقول: "نسعد عندما يخبرنا الأطفال، بأننا قدوة لهم، وأنهم يأملوا في أن يكونوا مثلنا، وهذا الشعور يعكس ثقتهم بنا، لكن الموقف الألطف، كان هو سعادة الأطفال، عند زيارتنا للفيوم، وسط البلاد، وهي من المرات القليلة، التي يخرجون فيها من القرية، ويشاهدوا مكانًا مختلفًا غير الذي ولدوا وعاشوا به".

وختمت: "نطمح للوصول إلى عدد طلاب أكبر، وأن يكون نجاح التجربة حتى الآن، مشجعًا للأهالي في قرى الصعيد، للاهتمام بتعليم أطفالهم التعامل مع الأجهزة التكنولوجية، أو تشجيعهم على الانضمام للورش المبادرة في المستقبل".