بعد سنوات من الكد والاجتهاد، ظفرت الباحثة المغربية، هاجر المصنف، بالجائزة الأولى في فئة "الذكاء الاصطناعي الشامل المندمج"، ضمن جوائز "ويمن تيك" التي تكافئ النساء اللواتي يحققن إنجازات دولية في مجال التكنولوجيا المتقدمة.
وكانت هاجر قبل ذلك قد أحدثت صدى واسعا، إثر اختراعاتها التكنولوجية العديدة في مجال الذكاء الاصطناعي وتحليل البيانات الضخمة.
وتعمل شبكة "ويمن تيك" على الجمع بين النساء الرائدات في العلوم والتكنولوجيا والهندسة والرياضيات من عموم أفريقيا وآسيا الوسطى مع نظيراتهن من الأميركيات، بهدف الإرشاد وتبادل الخبرات والمعارف.
ونالت هاجر المصنف، الأستاذة في مجال تعلم الآلة (أحد فروع الذكاء الاصطناعي) وتحليل البيانات الضخمة، أكثر من براءة اختراع، في مجالات متعلقة بـ"نظام محيطي للتغذية الراجعة تقييم تعلم الطلبة" و"تقدم محتوى مخصص يعتمد على التعرف على المشاعر عبر الأجهزة المحمولة".
فما هو المسار المهني للباحثة المغربية الذي أوصلها للعالمية؟ وماذا يمثل لها هذا التتويج العالمي؟ وكيف تنظر إلى مستقبل البحث العلمي والذكاء الاصطناعي في المغرب؟
التعلم الذاتي مفتاح النجاح
تقول هاجر بفخر في حديث مع موقع "سكاي نيوز عربية": "كان مشواري التعليمي بالكامل في المدارس الحكومية، والجامعات العمومية في المغرب".
وقد حصلت على دبلوم الدولة في الهندسة من معهد البريد والمواصلات عام 2005، ودكتوراه في المعلومات حول شبكات الاستشعار اللاسلكية وشبكات المركبات، من جامعة القاضي عياض في مدينة مراكش عام 2012.
وتقول الباحثة المغربية: "ما صنع الفارق في مساري العلمي والمهني، أنني كنت أعتمد بدرجة كبيرة على التعلم الذاتي عبر استعمال وسائل التكنولوجيا الحديثة، حيث أضحى الوصول إلى المعلومات العلمية في عصرنا أكثر سهولة من ذي قبل".
وتؤكد الباحثة، أنه في المجال العلمي "ينبغي التحلي بالإرادة والعزيمة، والوثوق في قدرتنا والإمكانات الذاتية لبلوغ أهدافنا وتحقيق ما نطمح إليه".
شغف بالذكاء الاصطناعي
قصة هاجر المصنف مع الذكاء الاصطناعي، انطلقت في البداية بتساؤلات انصبت حول نظام عمل الهاتف النقال، إذ تقول الباحثة: "يقدم لنا الهاتف الذكي خدمات عديدة ومتنوعة، لكنه لا يستطيع أن يقرأ أحاسيسنا ومشاعرنا".
وقد استطاعت هاجر المصنف من الحصول على براءة اختراع خاص بتحليل ومعالجة البيانات، التي يحتوي عليها الهاتف النقال، وتقول: "هذا الاختراع يمنح للهاتف القدرة على التعرف على مشاعرنا والتفاعل معانا من خلال توصلنا برسائل شخصية، بناء على وضعنا النفسي".
وبعد تطوير هذه الخاصية في الهاتف الذكي، واصلت الباحثة المغربية، أبحاثها ونجحت في تسجيل براءة اختراعات أخرى، من ضمنها الكرسي الذكي المزود بأجهزة استشعار، التي تمنحه القدرة على تحليل البيانات، وتمكن من معرفة مستوى استيعاب التلميذ أو الطالب الجالس على الكرسي الذكي للدروس والمحاضرات التي يتلقاها.
وتؤكد المصنف أن "هذا الاختراع سيساعد الأستاذ على تطوير وتقيم عمله داخل الفصل".
وتضيف الباحثة المغربية: "عملها ينكب حاليا على تطوير عدد من الاختراعات ومشاريع تدخل ضمن برنامج "الخورازمي" لدعم البحث العلمي المغربي في مجال الذكاء الاصطناعي، من قبيل "الربوت الفلاحي" الموجه إلى القطاع الزراعي، والذي يمكنه تحليل التربة وإزالة الأعشاب الضارة والمساعدة على عملية قطف المحصول".
سنوات من الجهد
وعن فوزها بجائزة "ويمن تيك" بعد منافسة 2300 مرشحة يمثلون 180 دولة، تقول هاجر: "الفضل في دخولها المسابقة يعود إلى بروفسور هندي كان يتابعها على المواقع المهنية، واقترح اسمها على المشرفين على الجائزة، حيث تمكنت من الوصول إلى النهائيات رفقة 6 مرشحات أخريات، ثم الفوز بعد التقييم أجرته لجنة التحكيم للمرشحات النهائيات، اعتمادا على عدد من المعاير".
تقول هاجر المصنف عن فوزها: "كان بالنسبة لي الوصول إلى النهائيات بحد ذاته إنجازا كبيرا، أما الفوز بالمرتبة الأولى فكان بمثابة المفاجأة خصوصا أنني كنت أتنافس على الجائزة مع أسماء معروفة على المستوى العالمي في مجال الذكاء الاصطناعي".
وإضافة إلى جائزة "ويمن تيك" فقد سبق لهاجر مصلي أن حصلت على جوائز عدة، من ضمنها الجائزة الأول للبحث العلمي في المغرب عام 2017، كما تم اختيارها ضمن 5 أفضل باحثين في شمال أفريقيا، وحصلت كذلك على جائزة اليونسكو لوريال الدولية وجائزة التميز "إيمرود ليتيراتي".
دعم البحث العلمي والذكاء الاصطناعي
وتعتبر هاجر أن هذه الجائزة العالمية هي اعتراف بالكفاءات المغربية، ومن شأنها أن تشجع الشباب الطموح في هذا المجال للبحث والعمل أكثر على تطوير قدراته، كما ستشجع على الاستثمار في مجال الذكاء الاصطناعي.
وتطمح الباحثة الشابة إلى إنشاء شركة متخصصة في الذكاء الاصطناعي وتطوير الخدمات في المغرب.
وتؤكد أن "هذه الخطوة ستفتح الباب أمام الاستفادة بشكل أكبر من الذكاء الاصطناعي"، مشددة على أنه "رغم تطور البحث العلمي في المملكة أن نتائجه لا توظف بالشكل المطلوب".
وفي رسالتها للشباب الباحث دعت المصنف، إلى "الاعتماد على النفس من أجل التطور والتعلم"، ولفت إلى أن "الذكاء الاصطناعي هو المستقبل حيث يمكن إدراجه والاستفادة منه في جميع المجالات".
وتتابع الأستاذة الجامعية: "أزيد من 60 بالمئة من طلابي يختارون الهجرة نحو الخارج، وهو ما يفقد للأسف المغرب أدمغته الشابة لصالح بلدان أجنبية، وهذا الوضع يفرض على المملكة بدل مزيد من الجهد لخلق مناخ ملائم وموازي لما يتحصل عليه الباحثون المغاربة خارج البلاد".